فتح السماح بالزواج لمن أتم ال15 سنة من عمره في الأردن، سواء كان ذكراً او أنثى، الباب على مصراعيه أمام الكثير من سماسرة الزواج المبكر، لاستغلال هذا البند في شكل قانوني لغير الهدف الذي أقر من أجله، والمتاجرة بالبشر وخصوصاً الفتيات القاصرات. وأصبح هذا الموضوع حديث المراهقين ومادة للتندر بينهم والاستخفاف بمسؤوليات الزواج ومعانيه، متباهين على مسامع ذويهم بحقهم في الزواج «وفق القانون»، مع أن الشباب المتعلمين لا يجدون فرصاً وظيفية لفترات تتجاوز أحياناً العشر سنوات بعد التخرج في الجامعة. ويلقى هذا الموضوع استياء من المهتمين، ومنظمات المجتمع المدني التي تعتبر زواج الفتيات القاصرات جريمة ترتكب وفق القانون الذي لا يجدون فيه سوى ترخيص قانوني للاتجار بالبشر، خصوصاً أن الأردن يضم أكثر من 1.5 مليون لاجئ سوري، يسعى بعضهم الى تزويج بناته القاصرات لأثرياء بوساطة سماسرة تحت شعار «السترة». وما هي إلا أشهر أو حتى أسابيع حتى تعود الفتاة الى ذويها مطلقة، وتعاني أعراضاً نفسية ووصمة اجتماعية لحقت بها بسبب الزواج الظالم وغير المتكافئ. وتبرر الحكومة قرارها بأنه يأتي بإذن خاص من القاضي الشرعي اذا رأى ضرورة لاتمام هذا الزواج «جلباً للمنافع ودرءاً للمفاسد». وكانت صدرت في الجريدة الرسمية في 15 من تموز (يوليو) الجاري، تعليمات جديدة لمنح الإذن بالزواج لمن أكمل الخامسة عشرة سنة شمسية من عمره ولم يكمل الثامنة عشرة خلافاً للتعليمات الصادرة عام 2011. واشترطت التعليمات على المحكمة أن يكون الخاطب كُفُؤاً للمخطوبة وفقاً لأحكام المادة 21 من القانون، وأن يتحقق القاضي من الرضا والاختيار، إضافة إلى الضرورة التي تقتضيها المصلحة من تحقيق منفعة أو درء مفسدة بالطريقة التي تراها مناسبة من طرق التحقق. ونصت التعليمات على ألا يتجاوز فارق السن بين الطرفين خمسة عشر عاماً، وألا يكون الخاطب متزوجاً، وألا يكون الزواج سبباً للانقطاع عن التعليم المدرسي. ويرى مستشار الطب الشرعي هاني جهشان أن الزواج المبكر يعد انتهاكاً صارخاً للمبادئ الأساسية للصحة الإنجابية ولتوافر علاقة جنسية متكافئة ما بين الزوجين، والقدرة الجسدية على الحمل الطبيعي والولادة الطبيعية، علاوة على عدم قدرة الزوج الطفل او الزوجة الطفلة على تحمل المسؤولية وفقاً للقوانين. فكيف يكون المراهق قاصراً وغير مسؤول عن أفعاله أمام القضاء ويحاكم ك «حدث» وفق قانون العقوبات من جهة، ثم يعتبر مسؤولاً عن زواج وإنشاء أسرة من جهة أخرى؟ ويضيف جهشان أن العلاقة الجنسية بين شخصين بعمر أقل من 18 سنة لا تكون صحية في العادة، مؤكداً أن جسد الفتاة اليافعة لا يكون بيئة طبيعية لحمل طبيعي وملائماً لولادة طبيعة. ووفق احصاءات دائرة قاضي القضاة فقد تزوّج 5 آلاف و349 شخصاً تقل أعمارهم عن 18 سنة خلال العام الماضي، من أصل 64 الفاً و738 حالة زواج. وبلغت نسبة عقود الزواج لمن تبلغ أعمارهم 15 و16 سنة 1.8 في المئة من مجمل عقود الزواج، بينما ارتفعت الى 4 في المئة لمن هم في سن 17 و18 سنة، أما من أعمارهم 16 و17 سنة فتبلغ نسبتهم 2.5 في المئة، وهذه النسب تتعلق بعقود الزواج، وليس بالزفاف، باعتبار أن متوسط مدة الخطبة في الأردن سنة. ويقول اختصاصي النسائية والتوليد الدكتور عزام أحمد أن الحمل السليم في حاجة الى جسد مكتمل من الناحية الفيزيولوجية، يكون قادراً على التعامل مع المتغييرات الهرمونية الجديدة والمصاحبة للحمل. وأضاف أن الحمل له أعراضه والتي لا يستطيع جسد فتاة صغيرة أن يحتمله، وهو ما يؤدي في الغالب الى الإجهاض، وبالتالي فإن النتائج النفسيه الناجمة عن هذا الحمل والإجهاض تنعكس آثارهما سلباً على نفسيه الأم الطفلة. ويشير أحمد الى أن الطب يعتبر أن السن الصحيحة للمرأة لكي تكون قادرة على الحمل في شكل آمن هي ما بين 20 و30 سنة. وينشط الكثير من سماسرة الزواج المبكر بين فئات اللاجئين السوريين في الأردن خصوصاً في المخيمات، فيستغلون حاجة اللاجئ الى المال لدفعه الى تزويج ابنته والتي عادة ما تكون أقل من 18 سنة، وفقاً لطلب أثرياء. وبالعادة فقد كان هذا الزواج لا يوثق في المحاكم الشرعية الاردنية بسبب القوانين التي كانت تنص على عدم زواج الفتاة ما دون 18 سنة، ما كان يجبر الأهالي على إجراء عقود زواج غير موثقة ثم السكوت عن عواقب الطلاق وولادة أطفال بلا جنسية، بخاصة إذا تخلى الزوج الثري عن زوجته وسافر الى بلاده. واعتبر كثيرون إن التوثيق هو على الأقل طريقة لحفظ بعض حقوق الفتاة، إن لم يكن ممكناً منع تزويجها وهي طفلة.