تحدث الفنان جميل راتب عن مشواره الفني في ندوة خاصة أقامها مهرجان الاسكندرية لدول حوض البحر الأبيض المتوسط في دورته السادسة والعشرين تكريماً له ولإبداعه. هو"ابن الباشاوات"الذي تمرد على طبقته الارستقراطية وولج عالم الفن بدلاً من عالم السياسة التي اختارها أهله له. وتحدث جميل راتب عن تجربته الفنية أمام الحضور في ندوة أدارها الناقد سمير شحادة الذي كتب الملحق التكريمي الخاص بحياة راتب. وكشف عن جوانب كانت مجهولة في حياته لا يعرفها الجمهور الذي كان يعتقد انه ابن لمصري وفرنسية، موضحاً خطأ ذلك، إذ أن أمه ابنة شقيق هدى شعراوي، الناشطة المصرية في مجال الاستقلال الوطني وفي قضايا المرأة. كذلك أوضح موقفه السياسي الأقرب الى اليسار المتأثر بالبعد الوطني الذي مثله أفراد أسرته، إذ كان والده وعمه من قيادات التظاهرات الطالبية في ثورة 1919، إضافة الى سيرة هدى شعراوي. وهذا ما حدد دراسته في المدارس المصرية، إلا انه درس أيضاً في مدرسة مصرية- فرنسية التحق بفرقتها المسرحية وقدم عدداً من المسرحيات التي جذبت اهتمامه، ووجهت حياته في ما بعد خارج إرادة العائلة التي رفضت عمله في الفن، وعملت على حذف مشاهد صورها في فيلم"الفرسان الثلاثة"من خلال الضغط على مدير الاستوديو والمخرج. ثم دفعت به العائلة للسفر عام 1944 لاستكمال دراسته في مدرسة السلك الديبلوماسي في فرنسا، إلا انه ذهب لدراسة المسرح. وحين اكتشف أهله ذلك توقفوا عن دعمه مالياً، ما اضطره للعمل ككومبارس في بعض الأفلام وبعض المسرحيات وعتالاً في سوق الخضار في باريس. لكن تميزه في معهد التمثيل دفع به للالتحاق بفرقة الكوميدي فرنسيز عام 1949 حيث قدم العديد من الأدوار في المسرحيات المختلفة التي تقدمها الفرقة محلياً وعالمياً، ومن خلالها عاد الى مصر في زيارة لتقديم مسرحياته على خشبة مسرح دار الأوبرا القديمة. أول مشاركة له في السينما أتت في فيلم"أنا الشرق"عام 1946. وهذا التاريخ يختلف عما ورد في موسوعة الأفلام العربية من أن الفيلم صور في عام 1958. وعمل بعدها في الكثير من الأفلام المصرية والتونسية، إضافة الى مشاركته في فيلم"ترابيز"الأميركي. كما عمل في تقديم المسرحيات الى جانب عمله مساعد مخرج في السينما الأميركية والفرنسية، ومن بينها فيلم"زيارة السيدة العجوز"الذي أدى بطولته أنطوني كوين وفتح فرصة لصداقة مهمة بينهما. وعلى رغم تقديمه الشخصيات الدرامية المهمة على خشبة المسرح مثل هاملت وعطيل، لم يحاول أن يطلب عملاً في السينما لأنها تتطلب تنازلات من الفنان، كما قال. واعتبر راتب في حديثه في الندوة أن"الأجور المرتفعة التي يتقاضاها الفنانون في مصر خطيئة لأنها تأتي على حساب إنتاج الفيلم". ورأى أن"السينما المصرية تراجعت جداً وتقدمت عليها في الكثير من الأحيان السينما التونسية والمغربية والفلسطينية واللبنانية، ما بدأ ينعكس تراجعاً في الدراما المصرية". وأشاد راتب"بالتجارب المشتركة للفنانين عرباً ومصريين في السينما والتلفزيون"، معتبراً إياها نموذجاً يجب الدفاع عنه وتطويره. ورأى أن الذين يهاجمون هذه التجربة هم من غير الموهوبين.