خطان متوازيان يقطعهما ثالث بالعرض، أو دائرة تستقر على طرف ما لتتناسق مع نصف دائرة من طرف آخر، أشكال ورموز عصية على الفهم مرسومة بلون أسود داكن أقرب إلى خط"البولد"الذي يلونه الكمبيوتر. تصطف الرموز بشكل عامودي وراء بعضها البعض مشكلة كلمات هي أقرب إلى الطلاسم. إنها الأبجدية الصينية التي بدأت تصبح مألوفة في لبنان من دون أدنى معرفة بمعانيها، حتى ليبدو البحث عن معنى رمز أو رمزين يشكلان كلمة، أقرب إلى التكهن منه إلى الواقع. ولعل المكان الأكثر إلفة مع هذه الرموز أجساد بعض الشبان والشابات الذين يتخذون منها أوشاماً جامعين بين معنى ما وشكل فني في الوقت عينه. علماً أن هذه الرموز آخذة بالانتشار تدريجياً لا سيما بعد الحركة التجارية الناشطة مع الصين واستيراد البضائع منها، فتجد لوحات فنية ليست إلا كلمات كُتبت في اللغة الصينية، والخيار الوحيد لمن يقبل على شرائها ثقته بأن البائع يعرف المعنى الحقيقي للكلمة المكتوبة. حتى الحروف المتراصة في المطاعم الصينية ليست إلاّ مزيداً من الزينة العصية على الفهم، ناهيك عن اللفظ. لكن اللغة الصينية التي ينطق بها 20 في المئة من سكان العالم، شقت طريقها إلى لبنان بعدما اقتنع كثيرون بأنها ستكون لغة المستقبل وبالتالي فإن تعلمها واحدة من الخطوات"الذكية"خصوصاً إذا جاءت بعمر مبكر. الطموح المشروع لبعض اللبنانيين، فضلاً عن التبادل التجاري المتزايد مع الصين، دفعا بالقائمين على"مؤسسات أمل التربوية"إلى التفكير في جدية طرح مشروع استيراد اللغة الصينية إلى لبنان وجعلها في متناول التلامذة الراغبين باتقان لغة جديدة وإن كانت بعيدة عن كل ما يتعامل به اللبنانيون من لغات. الخطوة جاءت تماشياً مع رغبة رئيس مجلس أمناء"المؤسسات"، رئيس مجلس النواب اللبناني نبيه بري وبمبادرة منه بعدما كان اشار إلى ضرورة القيام بمثل هذه الخطوة نظراً لتعاظم دور الصين في العالم خصوصاً على الصعيدين الاقتصادي والعلمي. المدير العام ل"ثانوية حسن قصير"رضا سعادة، يقول ان توقيع اتفاق بهذا الصدد جرى مع معهد"هانبان"أحد ابرز المعاهد الثقافية الصينية، على أن يتولى أستاذ صيني أو اثنان يتقنان أيضاً العربية أو الإنكليزية، مهمة التعليم مع دخول الاتفاق حيز التنفيذ بداية العام الدراسي المقبل 2010 ? 2011. وبموجب الاتفاق يتكفل معهد"هانبان"بدفع رواتب الأساتذة وكل ما يتعلق بسفرهم، فيما تلتزم"مؤسسات أمل التربوية"تأمين السكن والحد الأدنى من الاتصالات لهم. ثانوية حسن قصير ستكون الخطوة الأولى في الاتفاق الموقع لمدة خمس سنوات قابلة للتجديد، وسيتم التعامل مع اللغة الصينية على أنها لغة اختيارية من خارج المنهاج وغير ملزمة للطلاب. ويشمل المشروع إمكان العمل على إنشاء معهد مفتوح أمام من يرغب من اللبنانيين في تعلم الصينية بأقساط رمزية. واللافت أن تعليم اللغة الصينية ليس جديداً في لبنان فهناك معهد يدرسها في الجامعة اليسوعية منذ عام 2007 حيث يقوم 4 أستاذة صينيين بتعليم اللغة، إلى جانب تحضير ورش عمل تتضمن الطبخ والفن والطب والاقتصاد والسياسة. أما الجديد في المعهد فهو أنه الأول من نوعه في مستوى التدريس الثانوي. ويقول اريك خوان الملحق الثقافي في السفارة الصينية في لبنان، انه بالإضافة إلى الجامعة اليسوعية، تم استقدام أستاذ إلى الجامعة الأميركية في بيروت وآخر إلى جامعة الروح القدس. ويعتبر أن التعاون على الصعيد الثقافي في لبنان"جيد جداً"ويتم مباشرة مع معاهد متخصصة في الصين وتابعة بشكل مباشر للحكومة الصينية وأبرزها معهد"هانبان"، الذي يشرف على تطبيق الاتفاقات وحسن تنفيذها بما يتلاءم والمتطلبات اللبنانيةوالصينية على حد سواء. التعاون الثقافي كما يصفه خوان يتم بطلب من الجامعات أو المدارس أو المؤسسات التعليمية في لبنان، على أن يقرر معهد"هانبان"أو معهد"كونفوشيوس"إمكان التعامل معها من عدمه. وإن كانت اللغة الصينية متوافرة في معاهد مخصصة للجامعات، فمع انطلاق الموسم الدراسي المقبل سيتاح أمام المقيمين في لبنان فرصة أوسع للحاق بركب اللغة الصينية خصوصاً أن الحد الأقصى لعدد الطلاب في الصف الواحد يجب ألا يتعدى 20 طالباً. وتقول اليانا إبراهيم وهي صينية متزوجة من لبناني ومسؤولة العلاقات العامة لمعهد"كونفوشيوس"في لبنان، ان في الجامعة اليسوعية فقط 181 طالباً يدرسون الصينية تتراوح أعمارهم بين 6 و63 سنة، معتبرة أن هذه الأرقام مشجعة لمزيد من التعاون. وتكلف دورة اللغة الصينية في المعهد التابع للجامعة اليسوعية 226 دولاراً مقابل 20 ساعة وهو سعر منخفض نسبياً في وقت يبقى المبلغ"الرمزي"الذي تحدثت عنه"مؤسسات أمل التربوية"غير واضح. فسعادة يصر على وصف الخطوة ب"المشروع"إلى حين وصول الأساتذة.