تشير اللقاءات السبعة بين الرئيس الفنزويلي والقيادة الروسية في الأعوام الثمانية الماضية الى توطد العلاقات الثنائية بين موسكو وكاراكاس. وباتت العلاقات هذه شراكة استراتيجية تنحو نحو ارساء حلف دائم بين الطرفين. ولا يرمي هوغو تشافيز الى حيازة أسلحة روسية متطورة فحسب. فهذا الموضوع لم يكن مطروحاً، في 2001، يوم أعلن الرئيس الفنزويلي رأيه في بناء عالم معاصر، ودور روسيا فيه، خلال زيارته الأولى موسكو. وهو يدعو الى إرساء عالم متعدد الأقطاب يحترم سيادة الدول ومبدأ عدم التدخل في شؤونها الدولية. ويرى تشافيز ان روسيا دولة عظمى. ولا شك في أن تطور التعاون العسكري ? التقني هو مكسب لروسياوفنزويلا. فهذه تشعر بأن الطوق يحكم حولها، إثر اجازة جارتها كولومبيا للولايات المتحدة بانشاء سبع قواعد عسكرية على أراضيها لمحاربة تجارة المخدرات والعمليات الإرهابية. وتسعى فنزويلا، منذ 2005، في امتلاك أسلحة روسية حديثة لتقوية قدراتها الدفاعية خوفاً من محاولة الولاياتالمتحدة إطاحة نظام تشافيز، وهو يحض دول أميركا اللاتينية على مواجهتها. وتجني روسيا من صفقة الاسلحة نفوذاً سياسياً ومكاسب مالية كبيرة تعود عليها بمردود لا يستهان به، في وقت انخفضت فيه عائدات الصادرات العسكرية الروسية الى الخارج. وبلغ حجم عائدات الأسلحة الى فنزويلا 4.4 بليون دولار. ومنحت موسكوكراكاس قرضاً قيمته بليون دولار لقاء أسلحة. ويفترض برنامج إعادة تسليح الجيش الفنزويلي، في 2012، شراء أسلحة ومعدات حربية قيمتها تفوق 30 بليون دولار . وتسعى كاراكاس في تطوير العلاقات التجارية الاقتصادية مع موسكو، وتقدم معاملة تفضيلية للشركات الروسية. وأنشئ، أخيراً، مصرف روسي ? فنزويلي يبلغ رأسماله 4 بلايين دولار. ولا شك في أن القيادة الروسية سرّها اعتراف هوغو تشافيز باستقلال أوسيتيا الجنوبية وأبخازيا. ويبعث على التفاؤل في أوساط القيادة الروسية، وقيادات أوسيتيا الجنوبية وأبخازيا، احتمال اعتراف دول أخرى في أميركا اللاتينية باستقلالهما مثل كوبا والإكوادور وبوليفيا باستقلال الاقليمين. فهذه الدول تسير على خطى تشافيز في معاداة الولاياتالمتحدة. واعتراف فنزويلا باستقلال أبخازيا وأوسيتيا الجنوبية خطوة مهمة. فأقرب حلفاء روسيا، على غرار روسيا البيضاء وغيرها من دول رابطة الدول المستقلة ومنظمة الأمن الجماعية، لم يقدموا على مثل هذه الخطوة. والى اليوم، وحدها ثلاث دول هي روسيا ونيكاراغوا وفنزويلا اعترفت باستقلال أبخازيا وأوسيتيا الجنوبية. والحق أن سعي روسيا الى استمالة أنظمة شعبوية للاعتراف باستقلال هاتين الدولتين قد لا يكون لصالحها، على رغم استفادة الدولتين الجديدتين من توسيع العلاقات التجارية والاقتصادية الخارجية، وجذب الاستثمارات الاجنبية. وقد يسهم موقف فنزويلا في حمل روسيا البيضاء على الاعتراف باستقلال أوسيتا الجنوبية وأبخازيا. فعلاقات وثيقة تربط كاراكاس بمينسك. ومن شأن اعتراف روسيا البيضاء باستقلال الدولتين تعبيد الطريق أمام ضم موسكو هاتين الدولتين الى الفيديرالية الاتحادية التي تجمع روسيا الى روسيا البيضاء. وتريد روسيا أن تظهر للولايات المتحدة قدرتها على استمالة حلفاء لها في جوارها، على ما تفعل واشنطن في الجوار الروسي من طريق توسيع"الناتو"شرقاً. ولم يخرج رد جورجيا على اعتراف فنزويلا باستقلال أبخازيا وأوسيتيا الجنوبية عن التوقعات، ودعا بعض الجورجيين الى قطع العلاقات الديبلوماسية مع نيكاراغو وفنزويلا. * صحافيان، عن"برافدا"الروسية 10/9/2009، إعداد علي ماجد نشر في العدد: 16966 ت.م: 16-09-2009 ص: 24 ط: الرياض