هذه المرة وربما اكثر من أي مرة أخرى يبدو ان وليد جنبلاط لم يغير موضعه فحسب، ولكنه غيّر الخريطة السياسية اللبنانية. انه سعيد بكونه في فترة الهدوء النسبي التي تمر بها السياسة اللبنانية، أعاد إشعال الوضع وجعل الجميع في حيرة واستولى مرة واحدة على المشهد السياسي كله. لا بد من ان الجميع مستاؤون من اضطرارهم الى قطع عطلتهم، لكن الساخط الأكبر سيكون ميشال عون الذي يجد ان خصماً غير منتظر استولى على لعبته كلها واستطاع في وقت قصير ان يتخطى ما عمّره خلال سنوات، إن في مجال الاستفزاز أو في مجال تغيير المواقف. أما الآخرون فلن يكتموا استغرابهم لعلو القفزة التي قام بها جنبلاط، لكنهم متأكدون، وقبل ان تظهر النتائج، من انه سينزل على قدمين ثابتتين. لم يكتموا استغرابهم من شطح جنبلاط لكنهم لن يقيموا ان يثبتوا انه عين الحكمة وأنه نعم القراءة للأحداث ومعرفة الاتجاه والبوصلة وأنه حدس صائب واستشراف مبكر، وأنه في نهاية الأمر وعي لمصالح الجماعة وتطابق مع خصوصيتها. لن يوفروا، حتى في حال الاستياء، ثناء على القفزة الجنبلاطية، فهي لا شك، صائبة دولياً وإقليمياً ولبنانياً ودرزياً. وإذا بدت قفزة وليد جنبلاط، مجرد حصولها من دون ان تترتب على ذلك مسؤولية او ثمن، ومن دون ان تبدو جنوحاً وفلتاناً وسخرية من كل اعتبار، إذا بدت هذه القفزة، على هذا النحو، تعبيراً تاماً عن الإفلاس السياسي اللبناني، فإن استقباله بمزيج من الإعجاب والتقدير الضمنيين دليل اكبر على تجوف الحياة السياسية اللبنانية ووصولها الى الدرك الادنى. جاء في تبرير الخطوة الجنبلاطية انها قراءة للمصالحة الأميركية - السورية المنتظرة والمصالحة السعودية - السورية البادئة والحرب الشيعية - السنية الممكنة وإخراج الدروز منها. قيل أيضاً انها لعب على اصطفافين حادين، ما يضمن لطرف ثالث دوراً اكبر من حجمه، وما يجعل من جنبلاط رئيساً رابعاً. قيل ان جنبلاط يريد ان يكون الأول لا الأخير في استقبال العودة السورية، قيل ما قيل ولم يكتم القائلون إعجابهم ببديهية الزعيم الدرزي ودقة قراءاته. هكذا يغدو ما بدا للحظة الأولى قفزة بهلوانية في الهواء وجموحاً وطيشاً، بل خروجاً على كل تقليد أو قاعدة أو مبدأ، يغدو هو الدقة عينها والقراءة الصائبة والحدس والاستشراف والوعي. وإذا كانت الخطوة الجنبلاطية هي كل ذلك مجتمعاً، فهمنا فوراً ماذا تعني السياسة للسياسيين والمشتغلين بالسياسة في لبنان. فهمنا ماذا تعادل وماذا يعادل الوعي والموضوعية والتقدير الصحيح والقراءة السياسية. فهمنا ان الخط والرؤية والمبدأ أمور لا دخل لها بالوعي والموضوعية والتقدير، وأن السياسة، السياسة الصحيحة، خارج ذلك كله. ما لا يُرى سيقال ابتداء من الآن ان قفزة جنبلاط، بما هي حصيلة قراءة ووعي واستشراف، ستكون المعلّم وستكون أساس تحليلنا المقبل. من الآن فصاعداً سيقال ان سورية آتية لا ريب في ذلك وأن عهداً جديداً من النفوذ، ولربما الوصاية، على الطريق. سيقال ان"حزب الله"، والشيعة من ورائه، هو الوارث القادم. سيقال ان"الاتجاه الاستقلالي"خسر ولا مستقبل له. ان على الجميع ان يستعدوا، وخير لهم ان يتبعوا وليد جنبلاط، فهو الرائي والمستبصر. كل هذا يعجل الجميع الى استنتاجه، لمجرد ان وليد جنبلاط صدم الجميع، ولأنه لم يكن قد صدمهم لولا انه رأى ما لم يروه. ما لم يروا وما يخشى ان غيرهم رآه أو توجس به هو الأساس. هذا هو عصاب السياسة اللبنانية. ما لم يُر. ما نسميه تحليلاً وقراءة وحدساً هو بالضبط هذا: ما لم يُر. إن العقل"الكوني"الشامل للسياسيين اللبنانيين والمعلقين والمشتغلين بالسياسة ضائع في هذا الذي لا يُرى أو الذي يُطبخ بالتأكيد من دون علمنا ومن وراء ظهورنا. انها نظرية المؤامرة أو لعبة الأمم. البارانويا التي في هذيانها لا تعود تعول إلا على الخفي والمجهول والمفترض. هكذا لا يبقى من مادة فعلية ل"القراءة"و"التحليل"و"الرؤية"سوى الخوف والتوجس والتخييل البارانويائي. ليس ما نعرف وإنما ما لا نعرف. ليس ما نرى ولكن ما لا نرى. هكذا في الهذيان، يغدو الخفي اللامرئي شخصاً حقيقياً منظوراً، ونراه بعيني جنبلاط ولا نشك في انه قادم او على الطريق. وراء جنبلاط يسير الجميع، إذا كانوا يشكّون في التزامه، إلا انهم لا يشكّون في تحليله. جنبلاط هو تقريباً متنبئ السياسة اللبنانية وهو تقريباً"رائي"سياسة لا ينفك يقول ما لا تقدر عليه. ما يخرج عن إرادتها وما لا تراه وتتوجس منه. الجنبلاطية إذا كان لها من تعريف، فهي هذا التحليل الذي يتوجس من اقل التغييرات الإقليمية والدولية. انها"قراءة"عمادها الخوف مما يُطبخ إقليمياً ودولياً. هنا عصاب اللبناني الدائم وهنا يمكن إفحامه فوراً، وهنا لا يجادل ولا يمانع ولا يستطيع ان يغالب ذعره. كان أهل 14 آذار في عز بهجتهم حين قام جنبلاط بقفزته الكبرى. لقد سرق فرحتهم وأفسدها بالتأكيد لا لأنهم غدوا أقلية فحسب، ولكن، بالأخص، لأنه أوحى بأن التغيرات المقبلة ضدهم. هذا ما جعله يرتجف وما جعلهم يرتجفون. التغيرات الإقليمية والدولية ضدهم، انه كابوس جنبلاط وما سيصبح أيضاً كابوسهم. لقد سلموا بذلك كما سلم ومن دون نقاش. لم يعرض أحد هذه الرؤى على النقاش. لقد علم الجميع بالتفاهم السعودي السوري. علم الجميع بالمداراة الأميركية لسورية. علم الجميع ب7 أيار، فما الذي جعل من كل ذلك، فجأة، كابوساً: إنها القفزة الجنبلاطية. لم يتساءلوا كفاية لماذا ستدور المصالحة السورية السعودية على رأس 14 آذار، ولماذا لا تصيب المعارضة منها و"حزب الله"أيضاً ما يصيب 14 آذار. بل لماذا لا تكون في جانب منها خيراً على 14 آذار، إذ قد تكف اليد السورية او تقصرها عن لبنان. قال جنبلاط سورية آتية وها ان الجميع لا يشكون في انها آتية. لم يتساءلوا إذا كانت المداراة الأميركية لسورية لا تعني إطلاق يد سورية في لبنان وقد تعني العكس. الأميركيون يقولون انهم لن يصالحوا سورية على حساب لبنان، كما لن يصالحوا روسيا على حساب جيورجيا، الا ان الرعب مع ذلك زعزع ركب الجميع. يبقى 7 أيار والحرب الشيعية - السنية ولا شيء يدل الى انها قادمة، وثمة مجال رحب لتحليل مضاد. "حزب الله"الذي لا يرتعب الجنبلاطية والراديكالية الجنبلاطية هي في الغالب رؤيا كارثية ابوكاليبسية، والارجح ان رؤيا كهذه معدية وتضرب على عصاب جماعي. الأغلب ان مصالحة سورية سعودية أميركية او سورية إسرائيلية لن تقوي"حزب الله"، مع ذلك لا يطير"حزب الله"رعباً منها، فيما يرتعب وليد جنبلاط ويجر معه في رعبه الموالاة. لا يرتعب"حزب الله"لا لأنه غافل عن ذلك ولا لأنه ركن الى اية وعود او ضمانات. لا يطير رعباً ولا ينقلب خصوصاً عن وجهته ومبدئه. لا ينقلب لأن المبادئ بالطبع لا تصاغ بحسب الظروف ولا تتغير بحسب الظروف. هذا من جهة، أما من جهة أخرى، فإن"حزب الله"على رغم صلاته الإقليمية والدولية لا يرى نفسه مجرد ورقة في مهب الرياح الإقليمية والدولية، كما هي الحال في الرؤيا الجنبلاطية الكارثية. ليس مجرد ورقة، فله ثقله في الداخل اللبناني، انه يرتكز على جماعة وازنة، وليس من السهل زعزعته ما دام راسخاً فيها. هذا الارتكاز هو قاعدته، فلا يقوم حكم من دونه ولا يمكن التعرض له من دون انقسام أهلي وربما حرب أهلية، قد يكون هذا حال السنّة وحال المسيحيين. فهؤلاء أركان ولا يمكن السير في امر من دون إجماعهم. ليس هذا حال الدروز، لذا قد تكون الرؤيا الجنبلاطية الكارثية ثمرة الموقع الدرزي. مع ذلك، فإن الرؤيا الجنبلاطية الكارثية القائمة على التآمر الكوني قد تكون أيضاً عصاب المثقفين. ما اسهل ما يقبل هؤلاء فكرة ان كل شيء يُدار من الخارج ويُرسم في الخارج. انه نوع من"الاستبصار"الذي ينجذبون إليه ويدعوهم الى ذلك ضجر من الوضع اللبناني يكاد ينقلب ضيقاً وكراهية. هناك تاريخ لتلازم الجماعات اللبنانية مع قوى أجنبية إقليمية ودولية. كان لكل جماعة دائماً قرينها وسندها الأجنبي. هذا العامل قد يكون بنيوياً، بل يمكننا جمع"الجماعة"الى القرين الأجنبي واعتبارهما قوة واحدة. مع ذلك، فإن علينا ان نتمهل في تحديد العلاقة بين الطرفين. من التبسيط بمكان ان نتكلم عن التحاق واستتباع وتحريك بالدمى. إذا كان هذا يقين كثيرين، إلا انه ينتهي الى انتفاء أي قضية لبنانية وأي تطلب داخلي، إذ ذاك يسهل القول ان كل شيء وحي من فوق. سيكون الصراع اللبناني في هذه الحال اختراعاً وكذباً. أين ستكون عندئذ التظاهرات الملايينية والانقسام اللبناني، بل اين سيكون لبنان نفسه. علينا ان نبحث في العلاقة بين المتلازمين، الخارج والداخل، على نحو اكثر جدلية، إذا جاز الاصطلاح الماركسي هنا. علينا ان نرى الى التوازن بين الجانبين بعين إشكالية. أن نفهم ان التطابق الغريب بين الداخل والخارج والذي كان دائماً، ليس بسبب التحريك من فوق ولكن ثمرة تركيب تاريخي يجعل العلاقة اكثر تركيبية وأكثر حوارية. الجماعات المسنودة من الخارج ليست هوائية، ان لها ثقلها ورسوخها والخارج لا يمكن ان يتجاهل ذلك أو يتعداه. ليست الجماعات ألاعيب وتوحد مصالحها مع الخارج يتم في توازن دقيق بين الطرفين، هذا ما تجهله الرؤيا التآمرية وما تميل الرؤيا الجنبلاطية الى تجاهله. في اللحظة التي يعتذر فيها جنبلاط عن زيارة سبقت لأميركا يتجه الى زيارة سورية. القوة الخارجية هنا هي لمضاعفة الثقل الجنبلاطي في الموازين الداخلية مضاعفة تجعله وتجعل جماعته بين الأركان، أي تجعل لهما ثقلاً افتراضياً سياسياً يتجاوز بكثير ثقلهما الطبيعي. من هنا تبدو النظرة الجنبلاطية الى السند الخارجي ولعبة الأمم مضخمة وتبسيطية. من هنا فقط يمكن الحديث عن خصوصية درزية. رؤية جنبلاط الابوكاليبسية عادة على رغم قفزاته العملية ليست، على مطابقتها للمزاج العام ونعرة المثقفين، أكيدة. التخلي الكوني والعودة السورية والحرب الشيعية - السنية ليست نبوءات أكيدة، والأرجح ان جنبلاط نفسه غير متأكد منها. أما العودة الى العروبة واليسار والاتحاد السوفياتي وفلسطين، فإن جنبلاط بدا وهو يراجعها كأنه يغيّب درساً من محفوظاته، بل بدا أشبه بمن يدلي باعترافات زائفة تحت التعذيب. يصدق كثيرون التحليل الجنبلاطي الكوني، لكن قليلين جداً هم الذين يصدقون صحوته السياسية. مع ذلك لا يخطر لكثيرين ان المسألة قد لا تكون هنا وهناك. قد تكون مجرد تقدير آني ومحلي، قد تكون حتى غضباً ونكاية. لماذا ننسى ان البداية كانت في تذمر مما فرض عليه في قوائم الجبل، ومن فرضه كان سعد الحريري ومسيحيو 14 آذار. قد تكون تجربته في 7 أيار وهي مرة ومؤلمة أسست لتحوله. قد يكون الضيق بالاصطفاف الجامد حرّض جنبلاط على اختراقه ووجد مصلحة في ذلك. لماذا لا نفكر ان حسابات جنبلاط قد تكون من حواضر الساعة وحواضر الظرف، وانها، حتى في هذا النطاق، قد تكون غير صائبة. قد يكون بطرس حرب مصيباً حين شكك في ان تكون قفزة جنبلاط لمصلحة الدروز أو أن يكون فيها أمانهم. الدورة الإيديولوجية الكاملة التي قام بها جنبلاط تتعدى بكثير حدود السماح الأخلاقي، أين يكون الجمهور وأين يكون الحزب عند مفاجأة كهذه. لكن هذه نقطة أتعداها لفرط ما خاض فيها المعلقون. يهمني ان استنتج شيئاً من هذه الدورة التي لم تكن محض بهلوانية. لقد ركزت المراجعة الجنبلاطية في استذكارها التاريخ اللبناني منذ انتفاضة 58 حتى الحرب الأهلية، بوعي او من دون وعي، على ان خط الصراع لا يزال إسلامياً مسيحياً. الشائع الآن، ليس من دون سبب، ان جنبلاط في استدارته السياسية والإيديولوجية يتقصد استفزاز المسيحيين. من الوهم او الارادوية القصوى تخيل ان في الوسع إعادة الصراع الى الحد الإسلامي المسيحي مهما كان مشتهى جنبلاط ورغبته، لكن أحداً لا يدري ما هي المصلحة في ان يطيّر جنبلاط في لحظة تاريخاً تعهده وبناه حجراً حجراً منذ زيارة البطرك الى الشوف، أي تاريخ المصالحة الدرزية - المسيحية التي كانت لتختم جراحاً وحزازات أقسى من 7 أيار. ما المصلحة في ان يشتري جنبلاط المصالحة الشيعية - الدرزية بإعادة فتح الجرح المسيحي - الدرزي. ما هي مصلحة الدروز في ذلك إذا عدنا الى شراكتهم مع المسيحيين في الجبل ولبنان. ما المصلحة في ان يهدم جنبلاط في أيام خطاً كان ابرز بناته السياسيين والإيديولوجيين قبل اغتيال الحريري وبعده. ما هي مصلحة الدروز في الخروج من الحلف الأقوى دولياً وإقليمياً وسياسياً واقتصادياً والى اين، على ما يحب جنبلاط ان يقول. الى وسط غير موجود، ام الى المساومة على كل نقطة مع الطرفين المتصارعين، وعقد صفقة على حدة عند كل مشكلة. وهل يمكن سياسة بالتقسيط كهذه ان تؤدي حقاً الى مراكمة شيء، أم ان جنبلاط سينزلق بالتدريج الى المعسكر الثاني 8 آذار وكيف سيكون مقامه فيه تحت القيادة الإيديولوجية ل"حزب الله"وعن يسار الحليف الثابت الوفي ميشال عون. سيدلل"حزب الله"جنبلاط بالتأكيد لكنه لن يكون القائد ولا الأساس. بعد رسالة الاعتذار التي قدمها الى"حزب الله"ورسالة الاعتذار التي سيقدمها الى الأسد لن يكون بقي لديه الكثير ليقدمه. لكن العلاقة مع دولة كسورية وحزب عقائدي ك"حزب الله"لا تحتمل الكثير من التموجات، لن تكون حركة جنبلاط واسعة ولا لعبته كبيرة كما كانت حاله مع سعد الحريري والحلفاء المسيحيين. لقد كان هنا ملكاً وطاووساً ولن يكون هناك كذلك. أو لن يكون وحيداً في ذلك. ماذا سيحصِّل الدروز من كل ذلك. عفواً فحسب، رفع السيف عنهم في معركة مقبلة مفترضة. في المقابل سيخسرون حليفاً طبيعياً وبلا بديل حقيقي، أما ما سيقدمه جنبلاط، فضلاً عن تاريخه وصدقيته، فكبير. بعد ميشال عون سيقدم التغطية والمشروعية الكاملتين. لن يشك احد بعد الآن في ان سلاح"حزب الله"موجود، بإرادة الشعب اللبناني، مهما اعتبره البعض رديفاً للانقسام الأهلي وتعطيلاً للدولة وانحيازاً للحرب ومروقاً على المجتمع الدولي. لا يكاد"حزب الله"يريد من لبنان اكثر من هذا الإذن وتلك المشروعية، فالدعم الإيديولوجي ثمين لحزب يقوم أساساً على دعوى إيديولوجية، هناك أيضاً المحكمة الدولية، بعد إيثار الحقيقة على العدالة بدأ جنبلاط الكلام عن تسييس المحكمة ويمكن ان تتخيل الى اين سينتهي هذا الكلام. ليس مهماً اين سيصفّ جنبلاط، لقد قدم كل ما يستطيعه، أعطى الأساسي والباقي تفاصيل. لقد تم كل شيء والمساومة على الوزارة لعب في لعب. تكاد الجنبلاطية اليوم تكون الابنة الشرعية للعونية. تراجع العونية الى الدائرة المسيحية والاشتغال اليومي على التظلم المسيحي والشحن المسيحي أمور لا تبدو نافرة، للوهلة الاولى، بسبب الانقسام السنّي - الشيعي والانقسام المسيحي نفسه. بالعكس تنافس الطرفان في 14 و8 على طمأنة المسيحيين ومساعدتهم على تحرير إرادتهم. كان لهذا أسبابه المعروفة. ما فات الغالبية فهو ان الحلقية العونية المسيحية ستسفر حلقيات أخرى. والتدليل للمطالب المسيحية سيستفز حزازات ثانية. الجنبلاطية هي أولى الحلقيات المستفزة، الجنبلاطية كالعونية تضع الطائفة معادلاً للوطن والدولة والسياسة والتقدم والصلاح. الأرجح أنها لن تكون الحلقية الأخيرة، فثمة حلقيات أخرى تجهز للظهور. * كاتب لبناني. نشر في العدد: 16933 ت.م: 14-08-2009 ص: 10 ط: الرياض