أثارت دعوة الرئيس الفرنسي نيكولاي ساركوزي رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتانياهو إلى"التخلص"من وزير خارجيته زعيم حزب"إسرائيل بيتنا"المتطرف أفيغدور ليبرمان وإبداله بزعيمة"كديما"تسيبي ليفني، ردود فعل واسعة في الساحة السياسية الإسرائيلية، غاضبة بمعظمها على"تدخل فرنسا في شأن إسرائيلي داخلي". وفيما التزم ليبرمان نفسه الصمت، انفلت عدد من نواب اليمين في هجوم على فرنسا ورئيسها. جاءت انتقادات نواب الوسط واليسار أقل حدة لكنهم اتفقوا مع أترابهم من اليمين بأن أقوال الرئيس الفرنسي"تدخل غير لائق". وكانت القناة الثانية في التلفزيون الإسرائيلي كشفت ليل أول من أمس أن الرئيس الفرنسي نيكولاي ساركوزي وخلال لقائه نتانياهو في قصر الإليزيه في باريس الخميس الماضي، وفي حضور وزيرين إسرائيليين ونائب من حزب"العمل"، توجّه إلى رئيس الحكومة بطلب"التخلص"من وزير الخارجية الإسرائيلي أفيغدور ليبرمان على خلفية مواقفه المتشددة. وتطرق الرئيس الفرنسي إلى امتناعه عن لقاء ليبرمان أثناء زيارته للعاصمة الفرنسية قبل شهر وتكليفه الأمين العام للرئاسة كلود غيان ذلك، وقال:"كنت أستقبل وزراء خارجية إسرائيليين دائماً وأحببت لقاء وزيرة الخارجية السابقة تسيبي ليفني، لكن لا يمكنني اللقاء مع هذا ... وعليك التخلص منه". وتابعت القناة أن الرئيس الفرنسي طلب من رئيس الحكومة في شكل مباشر:"أخرجه ليبرمان من الحكومة وأدخِل ليفني لأنه معها ومع وزير الدفاع إيهود باراك في إمكانك أن تصنع التاريخ". وحاول نتانياهو تهدئة مضيفه بقوله:"لا تبالغ، ليبرمان إنسان لطيف جداً. وفي المحادثات الخاصة تسمع شخصاً آخر"، فردّ عليه ساركوزي بالقول إنه"في المحادثات الخاصة، أيضاً زعيم"الجبهة الوطنية"الفرنسية المتطرف جان ماري لوبين هو شخص لطيف". ولم تعجب هذه المقارنة رئيس الحكومة الإسرائيلية الذي قال إن"ليبرمان ليس لوبين ولا مجال للمقارنة"، فرد ساركوزي مصححاً:"لا أريد أن أقارن، لكنني حين أستمع أحياناً ما يقوله ليبرمان ... وهنا قام بحركة بيديه ووضعهما على شعره كمن يريد أن يقتلعه". وكانت تقارير صحافية أفادت أن الرئيس الفرنسي وجه خلال لقائه نتانياهو انتقادات شديدة لليفني على رفضها دخول الائتلاف الحكومي، وخصوصاً بعد خطاب نتانياهو في جامعة"بار ايلان"، وكان عليها"أن تترفع عن الاعتبارات الحزبية". لكن ناطقاً باسم وزير الخارجية انتقد في بيان أصدره أمس التصريحات المنسوبة الى الرئيس الفرنسي، وقال:"إذا كان ما نُسب الى الرئيس الفرنسي صحيحاً، فالأمر يعتبر تدخلاً سافراً لا يحتمل من جانب رئيس دولة ديموقراطية محترمة في شؤون دولة ديموقراطية أخرى". وتابع:"نأمل بأن تدين كل الأحزاب في إسرائيل تدخلاً فاضحاً مثل هذا من دولة أجنبية في شؤوننا الداخلية". وتجاوب ممثلو مختلف الأحزاب، من اليمين واليسار، مع هذا المطلب، فنددوا بأقوال ساركوزي التي لم ينفها مكتب نتانياهو، واعتبروها"تدخلاً فظاً"و"غير لائق"و"خطيراً"و"تجاوز خطاً أحمر يميز بين الصداقة والوصاية". لكن مراقبين في إسرائيل تساءلوا عن مغزى تسريب أقوال الرئيس الفرنسي، وعدم قيام نتانياهو بإطلاع ليبرمان عليها، وذهب البعض إلى أبعد من ذلك في توقع أن تشهد التشكيلة الحكومية الحالية تغييراً في الخريف المقبل، بعد عطلة البرلمان الصيفية، يتمثل بدخول حزب"كديما"مع نوابه ال29 إليها وتعيين ليفني وزيرة للخارجية، ما سيؤدي إلى انسحاب ليبرمان من الائتلاف، أو أن يضطر إلى الاستقالة في حال تقديم لائحة اتهام ضده بالفساد والرشوة. وأشار معلقون إلى حقيقة أن ليبرمان يلقى الصدود في عدد من عواصم العالم، كما حصل له في باريس. ولفتوا إلى حقيقة أن نتانياهو أوفد إلى واشنطن وزير الدفاع ايهود باراك، لا وزير الخارجية كما يفترض، في مهمة سياسية لمتابعة مسألة الاستيطان في الضفة الغربية. ووصف معلق وزير الخارجية بأنه"مقيّد"أو"معوّق"، كما كان حال عمير بيرتس"المعوّق أمنياً"عندما كان وزيراً للدفاع في الحكومة السابقة. نشر في العدد: 16889 ت.م: 01-07-2009 ص: 12 ط: الرياض