{ إنه أحد أشهر المعتقلات السرية في العالم، وأكثرها إثارة للجدل. حامت حوله شبهات التعذيب والحجز التعسفي وخرق حقوق الانسان ومعاهدات جنيف، حتى تحولت القاعدة الأميركية في خليج كوبا رمزاً من رموز الرعب في الحرب على الإرهاب عقب هجمات 11 أيلول سبتمبر 2001. إنه"معتقل العار"، أو ببساطة معتقل غوانتامو. وعلى رغم الصخب الإعلامي والسياسي الذي أثير حول هذا المعتقل المعروف ب"جيتمو"، إلا أن القليل القليل من المعلومات الموثقة رشح من خلف تلك الأسلاك المكهربة والممتدة على نحو 17 ميلاً من الأسوار تعلوها أبراج مراقبة بحراس مسلحين. في الوقت الذي أعلن الرئيس الاميركي باراك أوباما في اليوم التالي لتوليه منصب الرئاسة إغلاق المعتقل في غضون عام واحد، لا يزال المعتقل وحياة المعتقلين والسجانين فيه لغزاً كبيراً. فماذا يعني أن يمضي المرء أيامه ضمن مساحة 1.85 في 2.44 متر، مع العلم أن بعض المعتقلين مضى عليه أكثر منذ 7 سنوات حتى اليوم؟ من يحرس البوابات؟ وكيف يتعامل هؤلاء الجنود مع وابل الانتقاد الذي يتعرضون له في ديارهم؟ فريق محطة"ناشونال جيوغرافيك"دخل سراديب المعتقل وأمضى فيه 3 أسابيع كاملة، يجول ويستطلع ويجري المقابلات مع الجنود والمعتقلين على حد سواء، وإن كان الجيش الأميركي يمنع تصوير المعتقلين أو إجراء مقابلات معهم. غير أن فريق العمل تمكن من التقاط أصواتهم وتسجيلها خلال جلسات نقاش مفتوحة تجمعهم بسجانيهم ويطلعون خلالها على تقويم تصرفاتهم وتحديد درجة"طاعة"كل منهم. من داخل تلك المنطقة المحظورة والمكونة من 9 معسكرات والتي تتفاوت فيها درجة الإجراءات الأمنية بحسب"أهمية"نزلائها و"التهديد"الذي يشكلونه، خرج فريق"ناشونال جيوغرافيك"بفيلم من ساعتين بعنوان"داخل غوانتانامو"يبث في 28 الجاري. "الحياة"حصلت على نسخة حصرية من الوثائق والمقابلات التي أجريت من"داخل غوانتانامو"تنشر أبرزها اليوم في سياق إعادة صياغة النقاش الدائر حول هذا المعتقل قبيل إغلاقه. إذا صدقنا كلام المخرج جون ألس الذي قال:"لو لم ترسلنا قناة"ناشونال جيوغرافيك"لننجز الفيلم، لم يكن ليحظى هذا المكان بتوثيق دقيق. أعتقد أن التاريخ يجب أن يحفظ، وآمل أن يكون لهذا الفيلم دور في ذلك"، إذا صدقنا إذاً، عرفنا سبب الجرعة التاريخية العالية التي يتضمنها"داخل غوانتامو"والتي تعود إلى حقبات قديمة من تاريخ المعتقلات الأميركية والوضع القانوني لها. والإضافة التي يقدمها الفيلم هذه المرة أنه يحاول أن يعكس الجانب الحياتي لسكان هذا المعتقل، وينقل يومياتهم والأحداث الصغيرة التي تجعل روتينهم ما هو عليه. فبين معتقل"غير مطيع"وضع تحت"الرمز الأصفر"ومجموعة"مطيعة"تؤدي صلاة جماعية ثم يشارك بعض أعضائها في تقويم يومي يجريه الجنود لتصرفات المعتقلين، يستوقفك بوح جندية شابة تعمل حارسة في المعتقل وتقول إن"الإهانات التي تتلقاها من المعتقلين أقل إيذاء من الصورة السلبية التي يعكسها عملها وسط الرأي العام الاميركي". في عام 2002، نقلت أول دفعة من"المقاتلين الأعداء"إلى معتقل خليج غوانتانامو، بعد أن أصدر الرئيس الاميركي السابق جورج بوش حكمه عليهم، فوصفهم بأنهم ارهابيون وبالتالي لا يستحقون معاملة أسرى الحرب التي تنص عليها اتفاقيات جنيف. حتى انه لم يمنحهم صفة"أسرى حرب"معتبراً هو وأركان إدارته أن هجمات 11 أيلول سبتمبر غيرت مفهوم الحرب اصلاً بما يبرر أيضاً سبل التصدي لها. فمستشار البيت الأبيض دان بارليت قال في 2006:"نحن مؤمنون بشدة بأن الارهابيين الذين اعتقلوا في ارض المعركة والذين لا يمثلون دولة معينة ولا يلبسون زيّها العسكري ويقتلون الابرياء... لا يستفيدون من معاهدات جنيف". والجدل الاساس الذي أثاره معتقل غوانتانامو هو التعريف والوضع القانونيين للمعتقلين وما إذا كان يجوز لدولة احتجاز أشخاص إلى أجل غير مسمى من دون محاكمة أو توجيه تهم ضدهم، مع تعريضهم للاستجواب والتحقيق. وفي رد على الانتقادات الكثيرة التي تعرض لها المعتقل وإدارة بوش من ورائه، قال نائب الرئيس ديك تشيني في 2005:"من وجهة نظري الخاصة إن هؤلاء الذين يطالبوننا بإغلاق المعتقل لا يشاركوننا الرأي في توجهاتنا السياسية بعامة". وأضاف أن المعتقلين يحظون"بسكن لائق وطعام جيد"وأن حاجاتهم الصحية والدينية تستوفي الشروط. وما دعّم ادارة بوش بالتمسك بوجهة نظرها أكثر، تقارير عسكرية تشدد على اهمية المعلومات الاستخباراتية التي يقدمها المعتقلون مع تحسين شروط عيشهم داخل المعتقل باستمرار. فجاء على موقع الوحدة الخاصة المشتركة لإدارة المعتقل في الجيش الاميركي:"لا يزال غوانتانامو مصدراً مهماً للمعلومات الاستخباراتية"، و"المعلومات التي يقدمها المعتقلون ذات قيمة كبيرة على المدى البعيد في محاربة المجموعات الإرهابية مثل تنظيم القاعدة ومؤيديه". وقال وزير الدفاع دونالد رامسفيلد في 2006:"لدينا مئات من الارهابيين، إنهم اشخاص أشرار. إذا خرجوا من هذا المكان فسيبذلون جهدهم لقتل المزيد من الاميركيين. هذه هي الحقيقة ببساطة. إغلاق المعتقل يعني الادعاء بأن كل شي على ما يرام. وهذا غير واقعي". وفي 22 كانون الثاني يناير 2009 عندما أصدر أوباما قراراً تنفيذياً بإغلاق المعتقل خلال عام، أنشأت إدارته وحدة تدخل سريع للبحث في مصير المعتقلين بعد الإفراج عنهم. وكان في شباط فبراير اعلن أمام لجنة خاصة من الكونغرس أنه"للتغلب على الارهاب يجب أن نبقى متنبهين الى القيم التي تقاتل قواتنا من أجلها. فما من قوة في العالم أقوى من المثال الصالح الذي تقدمه أميركا. لذا أمرت بإغلاق المعتقل في خليج غوانتانامو وسأسعى لإحقاق الحق مع المعتقلين الارهابيين". واستقبلت وسائل الإعلام الخبر بكثير من الترحيب والتهليل، لكن على ما يبدو اتخاذ القرار أسهل من تطبيقه. ففي كانون الثاني 2009 ذكر تقرير لوزارة الدفاع الاميركية البنتاغون أنه منذ 2002 عاد 61 معتقلاً سابقاً في غوانتانامو إلى ممارسة الاعمال الارهابية بعد الإفراج عنهم. وأكد التقرير أن عبدالله صالح العجمي الكويتي الجنسية الذي افرج عنه في 2005 عاد وفجّر نفسه في العراق في نيسان ابريل 2008. وهذا على كل حال ما تعرفه إدارة بوش خير معرفة. فنقلت صحيفة"نيويورك تايمز"عن مصادر لم تفصح عنها داخل إدارة بوش قولها إن"الرئيس الجديد سيكسر أسنانه ويخبط رأسه بالحائط عندما يدرك صعوبة إغلاق غوانتانامو". ومنذ بدء نقل المعتقلين إلى غوانتانامو في 2002، علت الأصوات المنددة به وبغياب الأرضية القانونية له. لكن منظمات حقوق الانسان والاممالمتحدة انكبت أكثر على الوضع الانساني للأشخاص في داخله والتعذيب الذي يتعرضون له. وفي 2006، صدر تقرير عن الاممالمتحدة يدعو إلى إغلاق المعتقل نظراً لوسائل استجواب"تصل حد التعذيب"، ومن بينها الحرمان من النوم والعزل لفترات طويلة والتعرض لدرجات حرارة مرتفعة جداً أو منخفضة جداً وفرض تصرفات مهينة كالحلاقة الالزامية. وحذرت منظمة"هيومان رايتس ووتش"في تقرير نشرته في 2008 من فترات العزل المطولة التي تؤثر في الصحة العقلية للمعتقلين. وجاء في التقرير:"يمضي هؤلاء المعتقلون نحو 22 ساعة يومياً في الحبس الانفرادي وفي زنزانات ضيقة لا يدخلها نور أو هواء من الخارج، وكل ما لديهم لملء هذا الوقت كتاب واحد والقرآن". والواقع أن تلك الممارسات تم تكريسها كسياسة رسمية في الحرب على الإرهاب وتمت ممارستها حتى داخل الأراضي الأميركية ضد كل من عرّفته إدارة بوش بأنه"مقاتل عدو". وفي سلسلة تحقيقات نشرتها"الحياة"وتضمنت ملف"آخر مقاتل عدو"محتجز منذ خمس سنوات في القاعدة العسكرية في شارلستون، ولاية ساوث كارولاينا تم الكشف عن طريقة معاملة هؤلاء الذين لا يستفيدون من معاهدات جنيف. وفي تلك الحلقات أوضح محامي الدفاع أن قضية موكله ما كانت لتخرج الى العلن لولا أن مأمور السجن رفع رسالة إلى المسؤولين يطلب فيها نقله لأنه ما عاد يحتمل رؤية السجين على هذه الحال وأنه"يخشى من أن الرجل بدأ يفقد صوابه"، بعد فترات حبس انفرادي تجاوزت 16 شهراً متواصلة! ويدور نقاش قانوني حول ما إذا كان يحق لمعتقلي غوانتانامو رفع دعاوى قضائية ضد الحكومة الاميركية بناء على مبدأ"هايبس كوربس"habeas corpus، أي الاعتقال من دون توجيه تهم ولا محاكمة ولفترة غير محددة، خصوصاً إذا كانوا غير أميركيين. الحياة اليومية يضم المعتقل 9 معسكرات تتفاوت فيها درجة الحراسة الأمنية: إيغوانا ذات الحماية الامنية المخففة للمعتقلين الذين ينتظرون الإفراج عنهم ونزعت عنهم تسمية"مقاتلين أعداء"ويضم معتقلين دون ال 16 من العمر. المعسكرات 1 و2 و3 للحبس الانفرادي في زنزانات تبلغ مساحتها 1.83 ب 2.44 متر مزودة بكرسي حمام ومغسلة. ويسمح لنزلاء هذه الزنزانات بالخروج منها ساعتين في اليوم. وفي الوقت الذي يضم المعسكر واحد 15 في المئة من مجمل المعتقلين، أخلي المعسكران 2 و3 كلياً. المعسكر 4 هو بمثابة مهجع مشترك للنزلاء"المتعاونين"أو"المطيعين"ويسمح فيه للمعتقل بارتداء اللون الابيض، كما يسمح لهم بالصلاة وتناول وجبات الطعام والتنزه في شكل جماعي. ويضم هذا المعسكر ملاعب كرة قدم ومعدّات رياضية كطاولة لكرة الطاولة والكرة الطائرة، ويجري المعتقلون غالباً مباريات تنافسية، ومن يظهر"تعاوناً"من المعسكرات الأخرى يحق له الانتقال الى هنا. المعسكران 5 و6 تحت الحراسة القصوى. فهنا يوضع المعتقلون الخطرون تحت مراقبة دائمة. وتم تزويد المعسكر 5 أخيراً بآخر ما توصلت اليه تقنيات الحجز والاستجواب بكلفة 16 مليون دولار، فيما بلغت كلفة تجهيزات المعسكر 37,6 مليون دولار. كما زود المعتقلون فيه من ذوي الإعاقات بمغاسل وحمامات خاصة. اما المعسكر 7 فيضم المعتقلين من ذوي"الاهمية الكبرى"وبينهم من يزعم أنه نفذ هجمات 11 أيلول. وموقعه على خريطة معسكر غوانتانامو لا يزال سرياً. وبلغت الكلفة العامة لبناء المعتقل 54 مليون دولار فيما كلفة تشغيله السنوية تراوح بين 90 مليون دولار و118 مليوناً. وهو يضم اشخاصاً من أكثر من 40 بلداً، بينها أفغانستان والسعودية واليمن والصين... ولدى وصول المعتقل يخضع لفحص طبي شامل، وتؤخذ بصماته وصورته ويمنح سواراً يعرف به. كما يسمح له، إذا أراد، أن يرسل بطاقة بريدية لعائلته يقول فيها أين هو وأنه بأمان. ويعطى المعتقل شرشفاً وملاءة ومنشفتين ووعاء وبدلة برتقالية مكونة من قميص وسروالين، واحد طويل والآخر قصير، وسجادة صلاة وقلنسوة وخفّاً وفرشة نوم وصابون وشامبو وفرشاة اسنان مع المعجون. كذلك يعطى المعتقل قرآناً وقناعاً طبياً يستعمل كحمالة للقرآن تعلق بالسقف لئلا يلمس الارض. وتم تزويد الزنزانات والملاعب بسهم يشير إلى القبلة. ويسمع صوت الأذان عبر مكبرات الصوت 5 مرات في اليوم فتتردد أصداؤه في المساحات المكشوفة وبين الاروقة الداخلية. وعندما يؤدي المعتقلون الصلاة، يوقف الجنود كل عمل احتراماً. ويتناول المعتقلون 3 وجبات يومياً بموجب التقاليد الاسلامية، 2 منها ساخنة مع حصة خبز. ويكافأ المعتقلون"المتعاونون"في الاقسام ذات الحراسة الامنية العادية بأطباق شرق أوسطية أو حبات من التمر. أما اللقاء مع المحامين فيتم في معسكر"ايكو"الواقع خارج المباني الرئيسة. ولم يكن ممكناً للمحامين التقاء موكليهم قبل العام 2004 عندما سمحت المحكمة العليا للمعتقلين برفع شكاوى ضد احتجازهم. ويروي الحراس أن هناك"شبكة أخبار المعتقلين"التي تصل النزلاء بعضهم ببعض وتسمح لهم بتناقل المستجدات بطريقة سريعة جداً. فاستقالة وزير الدفاع دونالد رامسفيلد كانت انتشرت في المعسكر بأقل من ساعة. وفي"داخل غوانتانامو"نزلاء آخرون ليسوا مقاتلين أعداء ولا متهمين بقضايا ارهاب. إنهم أكثر من 6 آلاف جندي وحارس ومقاول مدني يعيشون فترة سجن من نوع آخر. فهؤلاء يستفيدون من فسحات قليلة تذكّرهم بديارهم كملعب غولف ومطاعم مثل ماكدونالد وساب واي. وتختلف فترة خدمة العسكريين بين سنة للجنود و6 أشهر للبحارة و4 أشهر للقوات الجوية. ويعمل الجنود 4 ايام مقابل يومي راحة، بمعدل 12 ساعة في اليوم تبدأ في الخامسة والنصف صباحاً. ويحمل كل واحد منهم صفارة وجهاز راديو ورذاذ البهار، ولكن ليس السلاح. وحدهم الحراس في ابراج المراقبة مزودون بسلاح بطلقات حية. ويحتك الجنود بالمعتقلين في شكل يومي فيرافقونهم إلى حمامهم للاغتسال والعيادة الطبية والفسحة والغداء. اما المدنيون فهم المقاولون ومتعهدو الطعام والمترجمون. ويتردد الى المكان ممثلو اللجنة الدولية للصليب الاحمر بين فترة وأخرى وينقلون رسائل المعتقلين إلى ذويهم ومنهم. وتبلغ حركة البريد اليومية التي يشهدها المعتقل أكثر من 3 آلاف رسالة. وفي مقارنة سريعة، يبدو"داخل غوانتانامو"شبيهاً إلى حد بعيد بداخل كروبر، المعتقل الاميركي في بغداد الذي زارته"الحياة"قبل نحو عام. وإذا استثنينا اللون البرتقالي الذي رسم شهرة غوانتانامو، يبقى أن نزلاء اللون الأصفر في"بوكا"، لا يختلفون كثيراً عن زملائهم في الطرف الآخر من العالم، أو على الأقل هذا ما أتيح للصحافة تسجيله. فكما يعترف معدّو وثائقي"داخل غوانتانامو"، اطلع الجيش الاميركي على المضمون وحذف ما قد يحمل مضامين أمنية خصوصاً في التسجيلات التي أجريت بحضور المعتقلين في جلسات التقويم. كما أن"داخل غوانتانامو"لم يغص في اتهامات التعذيب الكثيرة التي حامت حول تلك القلعة المنيعة وأولها"الإيهام بالغرق حتى الاختناق". فمن النقاشات الكثيرة التي دارت حول هذه المسألة كيفية تعريفها. هل الإيهام بالغرق يعتبر تعذيباً؟ بعضهم نفى أن يكون كذلك وبعضهم من قال إنه تعذيب... فقط إذا لامس الشعور بالاختناق! إعداد بيسان الشيخ متظاهرون أمام البيت الأبيض يطالبون بإغلاق غوانتانامو معتقلون يلعبون كرة القدم غوانتانامو ... من مرفأ للفحم إلى سجن تمثّل قاعدة خليج غوانتانامو البحرية الأميركية أقدم قاعدة أميركية في الخارج والوحيدة في بلد شيوعي. و تقع على الساحل الجنوبي الشرقي من كوبا وتبعد حوالى 645 كيلومتراً عن ميامي. تعتبر هذه القاعدة في الوقت الحالي نقطة لوجستية استراتيجية للأسطول الأطلسي التابع للبحرية الأميركية، كما تمثل مركز دعم لعمليات التصدي لتهريب المخدرات في الكاريبي. في كانونپالأول ديسمبر 1903، استأجرت الولاياتالمتحدة مناطق بحرية وبرية تقارب مساحتها 116 كيلومتراً لاستخدامها كمحطة للتزود بالفحم. وتم إبرام معاهدة عام 1934 لإعادة التأكيد على عملية الاستئجار، ما يمنح كوبا الدخول الحر إلى الخليج إضافة إلى دفعة سنوية من الذهب، وتنص المعاهدة كذلك على ضرورة اتفاق كلّ من الولاياتالمتحدةوكوبا بالتراضي لإنهاء عقد الاستئجار. تدهورت العلاقات بين الولاياتالمتحدةوكوبا أواخر الخمسينيات خلال الثورة الكوبية بقيادة فيدل كاسترو. وفي الأول من كانون الثاني يناير 1959، تم إعلان المنطقة الكوبية خارج حدود القاعدة محرمة على المدنيين والعسكريين الأميركيين على السواء. في عام 1961، قطع الرئيس دوايت آيزنهاور العلاقات الديبلوماسية مع كوبا. وحينها، بدأت قوات البحرية الأميركية والجنود الكوبيون بتسيير دوريات من جانبي السياج الذي يبلغ طوله 27 كيلومتراً. واليوم، لا تزال قوات البحرية الأميركية و"لواء الحدود"الكوبي منتشرين على طول السياج. في تشرينپالأول أكتوبر 1962، أعلن الرئيس جون أف. كنيدي عن وجود صواريخ سوفياتية في كوبا، وكانت بداية أزمة الصواريخ الكوبية، الأمر الذي نتج عنه حصار بحري. في 6 شباط فبراير 1964، قطع كاسترو المياه والإمدادات عن القاعدة رداً على تغريم الحكومة الأميركية الصيادين الكوبيين لاصطيادهم في مياه فلوريدا. ومنذ ذلك الحين، أصبح خليج غوانتانامو مكتفياً ذاتياً، من حيث المياه ومصادر الطاقة. في عام 1994، أوقفت قوات البحرية الأميركية وخفر السواحل عشرات الآلاف من الكوبيين عند قناة فلوريدا حيث كان يبحر العديد منهم على متن زوارق وعوامات غير آمنة، وقد تم احتجازهم في معسكرات ضمن القاعدة البحرية قبل إجراء مفاوضات للتوصل إلى اتفاق حول الهجرة بين الولاياتالمتحدةوكوبا. منذ ذلك الحين، أصبحت مهمة خليج غوانتانامو تُعنى بعمليات الهجرة. وفي عاميْ 1996 و1997، انخرطت هذه القاعدة في عمليتيْن غير متوقعتيْن على هذا الصعيد حيث تم إيقاف مهاجرين صينيين تمت مساعدتهم على الدخول إلى الولاياتالمتحدة بصورة غير شرعية. وبعد الاجتياح الأميركي لأفغانستان في أعقاب هجمات 11 أيلول سبتمبر، تم نقل كافة المعتقلين من"تنظيم القاعدة"إلى معسكر"إكس راي"في غوانتانامو الذي كان يفترض أن يكون موقتاً. في 2002، قرر بوش تحويل قاعدة غوانتانامو إلى السجن الرئيسي لاحتجاز المشتبه بهم والمقاتلين الأعداء في الحرب على الإرهاب. المعتقلات ... وبعض أسرارها يعتبر غوانتانامو من مراكز الاعتقال العديدة في الحرب على الإرهاب. وبعض مراكز الاعتقال هذه معروف، على غرار سجن أبو غريب السيّء السمعة في العراق، في حين أن البعض الآخر منها يسمى ب"البقع السوداء"لوكالة الاستخبارات المركزية سي أي أيه ويدار بشكل سرّي. واعترفت الولاياتالمتحدة باحتجازها حالياً 26 ألف شخص في سجونٍ سرية وأنه دخل ما يقارب 80 ألف شخص في نظام الاعتقال منذ 2001. أفغانستان أطلق على أكبر سجون ال"سي أي أيه"في أفغانستان الإسم السّري"سولت بيت". وتشير التقارير إلى أنه في 2002 توفي أحد المعتقلين نتيجة التجمّد من البرد بعد أن جُرِّدَ من ثيابه وتُرِكَ مقيّداً بالسلاسل على أرضٍ من الأسمنت طوال اللّيل. ونظراً إلى المخاوف الأمنية المتعلقة بتنقل الجنود على الطريق المؤدية إلى السجن، نقل السجن إلى قاعدة باغرام الجوية الواقعة على بعد 43 كلم تقريباً شمالي كابول. وبعد أن تدفق المشتبه بهم بأعمال إرهابية إلى معتقل غوانتانامو تدقفاً ملحوظاً عام 2004، أرسل عددٌ متزايدٌ منهم إلى باغرام حتى اكتظ المعتقل. ويجري حالياً بناء مركز اعتقالٍ جديدٍ. العراق عام 2004، بث برنامج"ستون دقيقة"على محطة"سي بي أس"صورا الْتُقِطَتْ في سجن"أبو غريْب"يظهر فيها حراس سجنٍ بالقرب من سجناء أجبروا على اتخاذ وضعيات مهينةٍ. ووصف تقريرٌ وضعه الجنرال أنتونيو تاغوبا نماذج عديدة عن الانتهاك الجنائي الذي أصاب المعتقلين في سجن أبو غريْب بين تشرين الأول أكتوبر وكانون الأول ديسمبر عام 2003. وعام 2006، سلّمت زمام الأمور في سجن أبو غريب إلى الحكومة العراقية قبل إغلاقه.وكان مركز الاعتقال الأول في العراق في سجن"بوكا". ويضمّ مركز الاعتقال الكبير هذا والواقع على الحدود العراقية - الكويتية أكثر من 15 ألف معتقل عراقي و8 آلاف سجّان. وإذا صدقت المعلومات بإغلاق معتقل بوكا منتصف 2009، سينقل المعتقلون إلى معتقل"كروبر"في القاعدة الجوية بالقرب من بغداد. "البقع السود" أدارت وكالة الاستخبارات المركزية بين عامي 2001 و2006 شبكةً من المعتقلات السرية تُعرف باسم"المواقع السود". وتمّ اختيار هذه المواقع خارج الأراضي الأميركيّة لأنه من غير الشرعي احتجاز السجناء سرياً في اميركا. ورفضت ال"سي أي ايه"إعطاء تفاصيل عن هذه المواقع، لكنّه حكي كثيراً عن مواقع في تايلاندوأفغانستان وعدد من الدول الأوروبية والعربية، إضافةً إلى منشأة خاصة داخل غوانتانامو. وفي 6 أيلول سبتمبر 2006، اعترف بوش بأنّ ال"سي اي ايه"احتجزت عدداً من المعتقلين سرياً من دون أي تهم سنوات عدّة، وبأن المعتقلين خضعوا لإجراءات"بديلة"وصارمة خلال التحقيقات. كذلك، قال ابوش إنّه طلب إخلاء هذه المواقع ونقل المعتقلين إلى مكان آخر. وخلال عام 2006، نقل الجيش الأميركي 14 سجيناً"عالي القيمة"يُشتبه بتورطهم في أعمال إرهابية من مواقع سرية إلى السجن الرئيسي في خليج غوانتانامو. وشملت هذه المجموعة خالد شيخ محمد المُشتبه بكونه العقل المدبر لهجمات الحادي عشر من أيلول سبتمبر، وأبو زبيدة، أحد كبار المعاونين في تنظيم"القاعدة"، إضافةً إلى متطرف إندونيسي معروف باسم"الحنبلي"، يُشتبه بتورطه في تفجيرات بالي والفيليبين. الترحيل الاستثنائي هو نقل أشخاص يُشتبه بتورطهم في أعمال إرهابية إلى بلاد تجيز التعذيب ووسائل التحقيق المحظورة في أميركا. ويُقال إنّه تمّ نقل معتقلين إلى عدد من البلدان كسوريا والأردن والمغرب ومصر. وأفادت منظمة"ريبريف"المعنية بحقوق الإنسان بأنّه سُجّل أكثر من 200 حالة ترحيل جديدة منذ عام 2006. السجون العائمة يُزعم أنّ أميركا تحتجز عدداً من المعتقلين داخل"سجون عائمة"في 17 سفينة منذ 2001. وقالت منظمة"ريبريف"إنّ المعتقلين يخضعون للتحقيق على متن هذه السفن قبل نقلهم إلى مواقع سرية. تاريخ المعتقلات الأميركية منذ الحرب العالمية الثانية وسجن الأميركيين اليابانيين في المعسكرات النائية مروراً بحرب فيتنام وأسلوب"الإيحاء بالغرق"إلى حدّ الاختناق وصولاً إلى الحرب الحالية على الإرهاب واعتقال الأشخاص من دون أية محاكمة، أثارت سياسة الاعتقالات التي تتبعها القوات الأميركية علامات استفهام وجدلاً كبيراً على مر العقود. في ما يلي تسلسلٌ زمني لسياسات والأعمال المطبقة: 1942 : في 19 شباط فبراير 1942، وعلى خلفية الهجوم على بيرل هاربور، يوقّع الرئيس فرانكلين دي. روزفلت الأمر التنفيذي الرقم 9066، وقد تمّ على أثره اعتقال أكثر من 120 أميركياًً من أصلٍ ياباني في المعسكرات التابعة للقوات الأميركية لمدّة وصلت إلى 4 سنوات. 1945 : في الحرب العالمية الثانية اعتقل أكثر من 380 ألف اسير حرب ألماني في المعسكرات الأميركية. وسجن حوالى 7 ملايين شخصٍ - وصفهم الرئيس آيزنهاور ب"قوات العدو المنزوعة السلاح"التي لا تنطبق عليها اتفاقيات جنيف - في حقول مكشوفة تقع على امتداد نهر الراين، في ظروف قاسية بالكاد يحظون فيها على الطعام والمياه والرعاية الصحية. 1950 : اصدرت المحكمة العليا قراراً في دعوى جونسون ضد أيزنترينجر، يمنع المواطنين الأجانب في الحرب ضد الولاياتالمتحدة بنقض قرار اعتقالهم من خلال عريضة خاصة بأمر الإحضار. كما ويمنح القضاء العسكري حق ملاحقة جرائم الحرب خلال العدوان وبعده. 1965 : اتفق الجيشان الأميركي والفيتنامي على أن الأشخاص الذين تسود الشكوك حول احتجازهم من"فييت كونغ"يعامَلون كأسرى حرب، مع أنهم لا يتمتعون بالصفات التقليدية للمقاتلين العسكريين. ويتم احتجازهم واستجوابهم فقط للفترة الضرورية للحصول على معلومات سرية منهم. وبعد ذلك إما يُطلَق سراح المدنيين إما تتم إحالتهم إلى السلطات الفيتنامية، فيما يرسل الجنود إلى معسكرات"باو". 1968 : نشرت صحيفة"واشنطن بوست"في 21 كانون الثاني يناير صورة جندي أميركي متورط في تعذيب سجين من شمال فيتنام باستعمال الماء. هذه التقنية تقوم على التهجم بمنشفة مبللة ومياه لمنح شعور بالغرق وكانت تعتبر غير قانونية وتمت محاكمة الجندي في المحكمة العسكرية. 1971 : يعمد تحقيق"جندي الشتاء"الذي أطلقته مجموعة من"محاربي فيتنام القدامى المعترضين على الحرب"إلى اتهام القوات الأميركية بارتكاب أفعال شنيعة خلال حرب فيتنام، بما في ذلك قتل السجناء وتعذيبهم. وتقدّم المجموعة استنتاجاتها إلى الإعلام في كانون الثاني يناير. وبعد ثلاثة أشهر، يقدّم السيناتور المستقبلي والمرشح الرئاسي جون كيري شهادته في الموضوع أمام لجنة مجلس الشيوخ للعلاقات الخارجيّة. 2001 : بعد مرور أسبوع على الهجمات الإرهابية في 11 أيلول سبتمبر، أبرم الرئيس بوش قرار مجلس الشيوخ المشترك الرقم 23، الذي ينطوي على إذن باستخدام القوة العسكرية. وتشنّ الولاياتالمتحدة عمليات عسكرية في أفغانستان في 7 تشرين الأول أكتوبر. 2002 كانون الثاني يناير : وصول أول مجموعة تضم 20 مقاتلاً عدواً اعتقلوا في أفغانستان إلى معسكر"كامب إكس راي"في خليج غوانتانامو. ألبسوا نظارات وأقنعة، واحتجزوا في أقفاص في الهواء الطلق ذات أرضية إسمنتية. نشر في العدد: 16881 ت.م: 23-06-2009 ص: 26 ط: الرياض