وزير الدفاع يستقبل نائب رئيس الوزراء وزير الدفاع الأسترالي    ارتفاع صادرات السعودية النفطية إلى 5.9 مليون في أكتوبر    «يوروستات»: التضخم يتباطأ في اليورو    الخريف: القطاع الصناعي يواصل نموه في 2025    مزارع سعودي يستخرج الأسمدة من الديدان    الأمير الوليد بن طلال يكرم الشقيري لجهوده المتميزة    شراكة رقمية مع أوزبكستان    د. هلا التويجري خلال الحوار السعودي- الأوروبي: المملكة عززت حقوق الإنسان تجسيداً لرؤيتها 2030    نقابة الفنانين السوريين تعيد المشطوبين    جنون.. 77 مليون جنيه إسترليني ثروة القطة أوليفيا !    عريان.. من تغطّى بإيران    «مباراة ودية» تنتهي بفكرة دورة الخليج بمباركة خالد الفيصل ومحمد آل خليفة    الأهلي يستعيد كيسيه أمام الشباب    مصادر «عكاظ»: الهلال يحسم تمديد عقد الدوسري يناير القادم    الاتحاد السعودي للهوكي يشارك في أول معسكر دولي للشباب للهوكي الخماسي بماليزيا    «الدفاع المدني» يحذر: أمطار رعدية على معظم المناطق حتى السبت    صيني يدعي ارتكابه جرائم لشعوره بالملل    حفل تكريم للزميل رابع سليمان    البلاد تودع الزميل عبدالله سلمان    إزالة 16 ألف تعدٍّ بالرياض    نور الرياض يستقطب أكثر من ثلاثة ملايين زائر    أنشطة ترفيهية    شتاء طنطورة.. أجواء تنبض بالحياة    انطلاق ملتقى "صُنّاع التأثير ImpaQ" في الدرعية بمشاركة عالمية واسعة    5 أطعمة تمنع تراكم الحديد في الدماغ    مطعم يطبخ البرغر بنفس الزيت منذ 100عام    آمال جديدة لعلاج مرض الروماتيزم بمؤتمر طبي    الإقليم بعد سوريا.. سمك لبن تمر هندي!    «إسرائيل» تتوغل داخل ريف درعا.. ومجلس الأمن يدعو لعملية سياسية    الملك عبدالعزيز الموفق (3)    أمام وزير الخارجية.. القناصل المعيّنون حديثاً يؤدون القسم    مركبة ال (72) عامًا بجناح حرس الحدود في (واحة الأمن) .. أول دورية برية ساحلية    عبدالله يضيء منزل سعيد القرني    التقرير الأول للمؤتمر الدولي لسوق العمل: المملكة تتفوق في معالجة تحديات سوق العمل    مناهل العالمية تدشن إنفينيتي QX80 الجديدة كليًا في المملكة العربية السعودية    في روشن الصدارة اتحادية.. نخبة آسيا الصدارة هلالية.. ومقترح تحكيمي    رغم التحديات إدارة الشعلة الجديدة مستمرة للعودة    وزارة الثقافة تُدشّن مهرجان «بين ثقافتين» بأمسية فنية    لكم وليس لي    بين صناع التأثير وصناع التهريج !    المملكة رائدة في خدمة اللغة العربية    صحة الحديث وحدها لا تكفي!    ريال مدريد يتوّج بكأس القارات للأندية عبر بوابة باتشوكا المكسيكي    بغض النظر عن تنظيم كأس العالم!    روسيا تكثف هجماتها في كورسك وزيلينسكي يطالب بدعم عاجل    ضغوط الحياة.. عدو خفي أم فرصة للتحوّل؟    الدفعة الثانية من ضيوف برنامج خادم الحرمين تصل للمدينة المنورة    غزة تواجه أوامر الإخلاء وسط دعم إسرائيلي للاستيطان    «التضليل الإعلامي» في ورشة بمعرض كتاب جدة    رئيس الوزراء العراقي يغادر العُلا    مفوض الإفتاء بمنطقة جازان "الحفاظ على مقدرات الوطن والمرافق العامة من أهم عوامل تعزيز اللحمة الوطنية"    ارفى تختتم برنامج "مراس" ودعم لثلاثة مشاريع فائزة من البرنامج    جمعية رتل بنجران تطلق التصفيات الاولية لجائزة الملك سلمان بن عبدالعزيز    محافظ محايل يلتقي مدير المرور الجديد    الأمير تركي الفيصل يفتتح مبنى كلية الطب بجامعة الفيصل بتكلفة 160 مليون ريال    الدفاع المدني : أمطار رعدية على معظم مناطق السعودية حتى السبت المقبل    أمير تبوك يستقبل مدير فرع وزارة الرياضة بالمنطقة    «العليمي»: السعودية حريصة على تخفيف معاناة الشعب اليمني    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



"الكتابة وآلية التحليل : مسرح ، سينما ، تلفزيون "مقاربات نقدية . شكيب خوري يكشف أسرار "الدراماتورجيا"
نشر في الحياة يوم 17 - 06 - 2009

نجد في المكتبة العربية عدداً لا يستهان به من المؤلفات المتنوعة المعنية بتأريخ المسرح محلياً وعالمياً، بعضها يهتم بالمظاهر المختلفة كالإخراج والتمثيل والديكور والمدارس الدرامية، وبعضها الآخر متفرقات عالجت فنون الدراما ماضياً وحاضراً من زوايا ذات مصدر أكاديمي عموماً، أي انها أعدت في الأساس لتكون أطروحات أو رسائل جامعية، إلا اننا سنجد صعوبة في العثور على كتاب جامع يشمل المسرح والسينما والتلفزيون من منظور الكتابة الفنية وفي إحاطة واسعة بالأواصر الرابطة بينها.
"الكتابة وآلية التحليل/مسرح، سينما، تلفزيون"لشكيب خوري جاء يسدّ فراغاً في واقع التأليف للفنون الدرامية في المكتبة العربية. أصدرته أخيراً دار بيسان في 430 صفحة ويجدر أن تتلقفه أكاديميات الدراما العربية حيثما وجدت.
في مقدمته يرسم شكيب خوري هدف كتابه كونه يضع الأسس المنهجية لكتابة النص الدرامي على مختلف مستوياته المسرحية والتلفزيونية والسينمائية. وفي سبيل تحقيق هدفه يعود المؤلف إلى جذور الدراما، بل إلى رؤيتها الفلسفية البكر بحسب شروح أرسطو. ذلك أن الفنون المشهدية الحية ذات مصدر واحد مزدوج الوجوه. فمن جهة تقوم الفلسفة بتحليل الشرط الإنساني وعرض خصائصه وأبعاده، ومن جهة أخرى تجسد التراجيديا كما عرفها الأغريق تلك الخصائص والأبعاد في إداء فني طالما اعتبره كثر نواة المدنية المعاصرة. وعلى غرار الباحثين الجديين يرد شكيب خوري ترهل المستوى الإبداعي في مجمل صنوف التعبير المشهدي عندنا إلى ثغرة معرفية تشمل الطلاب والنقاد والكتاب على حدّ سواء."إنهم أشبه بالبنائين الذين يجهلون المواد الصلبة والسليمة ... ومع ذلك يبنون وتنهار عماراتهم بمجرد ان تواجه إعصاراً". وليس مفاجئاً أن يتشبث شكيب خوري، خريج المعهد الملكي البريطاني للدراما، بضرورة معرفة الأصول والقواعد قبل المغامرة بتجاوزها أو مغايرتها. ويسأل:"هل هناك نتيجة ناجحة من دون المرور بالمختبر وأدواته وكيميائياته لاكتشاف تجربة فريدة؟"
المكان والزمان والفكرة المركزية هي أعمدة الفنون المشهدية على أنواعها، منها تنبثق المدارس والاساليب وتتفرع عناصر الحبكة وتنقسم الفصول وتتشكل تقنيات الإداء كالحوار والصورة والرمز وغيرها. ويشير شكيب خوري إلى أن كتابه يمتاز عن غيره بإضافة آلية التحليل وصهر ميادين التعبير الدرامي في بوتقة واحدة. وفي هذا النطاق يستشهد الكاتب بأدباء ومسرحيين كبار مثل هنري جيمس، ود.ه. لورنس وغوته وستريند بيرغ وغيرهم ليؤكد حتمية وجود" قضية" وراء الدافع المحرك للكتابة. فالمسألة الإنسانية بكل وجوهها وجوانبها هي المنطلق الأكثر رحابة وخصوبة لأي نتاج درامي جدير بالإهتمام. ويحدد شكيب خوري لذلك هيكلية من ثلاثة عناصر هي: العقل، الخلايا، الجسد يتشكل منها كيان النص الدرامي ويختل البناء في غياب أحدها ويهوي. ثم يعمد الى شرحها بالتفصيل.
وفي القصل الأول من الكتاب تعريف ?"الحركات الدرامية"وعلى رأسها الكلاسيكية، العمود الفقري للعمارة المسرحية والمدرسة التي أنتجت المأساة الإغريقية وتحولت إلى حجر الزاوية لكل الفنون المشهدية في ما بعد. تليها الكوميديا التي تطورت على يد أرسطو، طليعة المنظرين الدراميين، فبعده عكست الملهاة الكوميدية لبّ الشرط الإنساني عبر الفكاهة والمفارقة وتباين الشخصيات والمواقف. والواقع أن أرسطو استخلص من خاصرة التراجيديا"حواء الكوميديا"وهذه استقت مواضيعها من التطور الإجتماعي والمتغيرات السياسية جاعلة من النقد البناء زبدة مادتها، خصوصاً عبر المنحى الهادف الى تصحيح الأخطاء البشرية ونقدها. وهنا يعيّن شكيب خوري الفوارق الأساسية بين المهزلة والملهاة. ففي المسرح الهزلي تخضع أساليب العمل الدرامي لهدف محدود هو إضحاك الجمهور. إنها"إطار للتهريج بامتياز تركز على تعقيد المواقف وتستبيح المنطق". أما الملهاة فتعتمد المبادئ الدرامية البكر مولية رأس اهتمامها تلاحم الشخصيات مع مواقفها وإعلاء شأن الفطنة الكلامية والطرفة واشتقاق الألفاظ والحبكة المتطورة ناهيك عن التوجه نحو ذروة معينة وكشف محقق وانحلال لكل العقد.
من هذه الإضاءات الأولية الكاشفة ينطلق المؤلف إلى التفصيل والتأريخ والشرح فيفرز نشوء الأشكال والمدارس والنظريات المسرحية، يحللها، يتعقب مصادرها، يحدد المؤثرات التاريخية التي ساهمت في ظهورها ويكشف دور النقد ومدارات التجاذب الفلسفي على أنواعها. ولن يكون صعباً على القارئ والدارس والمهتم ان يعثروا على أجوبة لجل ما يتعلق بأسرار الكتابة الدرامية في هذا الكتاب، علماً ان شكيب خوري لا يكتفي بترتيب النظريات وجدولتها ومقارنتها وشرحها بل يترجم عينات وأمثلة لتبيان المسار العملي الذي سلكته النصوص قبل أن تتجسد أعمالاً للسينما والمسرح والتلفزيون.
"هذا الخوف من الموت، هذا الوضع الانساني المؤلم لواقعنا الدنيوي، إنهما الدافع الجوهري لرجائنا بالخلاص. إيماننا وشكنا هما البرهان الرهيب لضياعنا التعس". يقول إنغمار بيرغمان شارحاً الضغط الوجودي الذي سيطر على شخصيتي فيلمه"القناع". ثم يتساءل ما إذا كان في مقدور الانسان ان يتغير من دون ان يفقد ذاتيته الشخصية المميزة. هنا يكمن سرّ الحبكة الدرامية التي سماها أرسطو"روح النص"وفي تحليله لهذه الروح، كما في مجمل تحاليله الأخرى، يضيء شكيب خوري عبر هذا الكتاب دروباً للتأليف الدرامي كانت حتى اللحظة مدلهمة بضباب دامس.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.