موضوع هذه الندوة التي عقدت في مكتب"الحياة"في الرياض بدأ بنقاش عنوان"الأطماع الإيرانية"، إذ اعترض عليه الدكتور محمد العويرضي، مقترحاً كلمة"الطموحات"لأنها أكثر ديبلوماسية من سابقتها، فيما رأى الدكتور أنور عشقي أن مصطلح"المشروع الإيراني"أكثر ملاءمة لعنوان الندوة، والتزم الدكتور محمد آل زلفة الحياد تجاه هذا الإشكال اللفظي، لكن آل زلفة، أستاذ التاريخ الحديث في جامعة الملك سعود، قدم بعض ملامح المشروع الإيراني في المنطقة العربية، فهي"ليست غريبة لمن يقرأ التاريخ جيداً، الدولة الصفوية إبان عهد الشاه إسماعيل كانت لها محاولات للسيطرة على المنطقة الخليجية والعراق أيضاً، لكن الدولة العثمانية حافظت على الهوية السنية لدول المنطقة في تلك الحقبة، فيما تعاونت الدولة الصفوية مع كل من يهدد أمن المنطقة كالبرتغاليين والإنكليز، وكان الشاه إسماعيل يردد آنذاك: سأمدكم بما تحتاجون. وصدّق الكثيرون شعارات ثورة الخميني عن نهضة إسلامية، متوسلة تحويل سفارة إسرائيل فيها إلى سفارة فلسطينية. أما رئيس مركز الشرق الأوسط للدراسات الاستراتيجية الدكتور أنور عشقي فأشار إلى أن المشروع الإيراني واضح في رؤيته الهادفة إلى بسط نفوذه على الخليج العربي، وتحديداً منذ الثورة الإيرانية في نهاية السبعينات، وعاد بالذاكرة إلى عقود قائلاً:"المشروع الفارسي دعمته أميركا إبان وجود الشاه، ليكون الحاجز الأول أمام الاتحاد السوفياتي آنذاك، وكان للشاه حينها مشروع توسعي نحو دول الخليج، وهو ما رفضته الدول الكبرى في حينه، ومنعوه فلم يمتنع، إذ كانوا يخشون من سيطرته على نفط المنطقة، وما لبث الأميركيون أن اتجهوا إلى إبعاد الشاه ودعم الجماعات الإسلامية، ووقتها لم يكونوا يفرقون بين الشيعة والسنة، ووجدت حكومة الرئيس كارتر أن وجود دولة إسلامية في آسيا إلى جانب أفغانستان سيصيب الاتحاد السوفياتي في مقتل، وهو ما يتحقق ? بحسب رأيهم - في إيران، لكن كارتر فوجئ بطموحاتهم التي لا تنسجم معه. في ما يأتي وقائع الندوة: يرى أستاذ التاريخ الحديث في معهد الدراسات الديبلوماسية الدكتور محمد العويرضي أن إيران توثق علاقاتها الدولية مع كل الدول الكبرى في سبيل تحقيق أهدافها في المنطقة، مشيراً إلى ان هذا النهج بدأ منذ تأسيس الدولة الصفوية واستمر حتى الآن، وقال:"لا فرق بين الإصلاحي والمتشدد في القيادة الإيرانية تجاه المشروع المخطط له، واكتساب دور إقليمي ودولي كذلك، إذ انها ترغب في مشاركة الدول العظمى في تحديد السياسة الإقليمية في المنطقة، عبر وسائل عدة، كالادعاء أن إيران تسعى إلى الوقوف أمام مشروع غربي ساع إلى السيطرة على المنطقة والإضرار بهويتها الإسلامية، وللأسف بعض المتابعين من السُنّّة صدّق هذه الادعاءات، وإيران تسعى إلى حشد الدعم الشعبي الإيراني والإسلامي عبر خطابات دينية، وعقد تحالفات مع جماعات شيعية، وكذلك سنية في دول المنطقة، خصوصاً في لبنانوالعراق وأفغانستان والأراضي الفلسطينية المحتلة، وبعض دول الخليج، مع قناعتي الشديدة بعدم قدرة إيران على التأثير في دول الخليج بدليل أن البحرين خالفت التوقعات بتهاون منتخبها الكروي أمام نظيره الإيراني في سباقه نحو التأهل لكأس العالم على اعتبار وجود مذهب موحد بين الكثير من لاعبي المنتخبين البحرينيوالإيراني، إلا أن ذلك دحضه فوز البحرين، وهذا يعزز التأكيد أن البحرين عربية خالصة، لا تدين لإيران بولاءات، وفي الإمكان استثمار قدراتها لتأسيس مشروع عربي قوي بعيداً من الجانب المذهبي. طموحات لا توازيها إمكانات ويقول الدكتور أنور عشقي:"إيران جارة، نشترك معها في بعض الأمور، وكنا نتمنى أن تكون جزءاً فاعلاً في الأمة الإسلامية، لكن مشروعها يمنعها من ذلك، إذ لديها رغبة في إعادة المجد الفارسي، وطموحاتها أكبر من قدراتها، وهذا ما يسبب لها أزمة سياسية. يصعب عليها أن تكون دولة عظمى بسبب قدراتها المحدودة، وفي إمكانها فقط أن تكون دولة فاعلة على مستوى المنطقة، شريطة أن تمد يدها إلى دول الجوار، لكنها حرصت على تصدير الثورة بهدف السيطرة على المنابر الدينية العربية، بتوجيهات الخميني آنذاك. وكانت بريطانيا منحت ايران الكثير من المدن العربية على شواطئها، وتحديداً في العام 1929، وهو ما سمح للإيرانيين بتغيير هوية الكثير من المدن العربية في إيران، متناسين أن العلاقة بين الشيعة والسنّة علاقة طيبة جداً، ولم تشهد توتراً مثلما يحدث منذ إعلان الثورة الإيرانية، إذ نجحت هذه الثورة في تأجيج مشاعر العداء بين الطائفتين على مستوى العالم الإسلامي، وأيضاً بواسطة أميركا التي سلمت العراقلإيران، عقب الاحتلال الأميركي للعراق". وقال أستاذ التاريخ الحديث في جامعة الملك سعود محمد آل زلفة:"إيران دخلت في حرب مع العراق لثمانية أعوام، وخسرت فيها الكثير على رغم المال والجيوش والدعم من بعض الدول العربية التي لا تحب صدام حسين، وعلى رغم دعمها الشعارات العقائدية، لكن الشعب العراقي العربي العظيم نجح في التصدي لأهداف إيران التوسعية، التي تناست أن ثورتها متخّلفة، ولا يمكنها أن تعيش في العصر الحالي، ولا تملك رؤية حديثة، في ظل ترديدها لشعارات دينية غير صحيحة. والمتأمل في الوضع العراقي حالياً يؤكد أن التدخل الإيراني أفسد أمنه، وأسهم في تأجيج الطائفية، لكن العراقيين المخلصين تنبهوا إلى هذه المخططات، ويتصدون لها حالياً، كما أن ممارساتها السلبية هذه تتكرر في اليمن والسودان ولبنان ومصر أخيراً، وهم لن يحققوا أي نجاح في المنطقة، وسيبقون مصدر أذى فقط، بوساطة أذرعهم في المنطقة، والتي اعترف بها حسن نصر الله أخيراً. لقد قابلت بعض العرب الإيرانيين الذين تحولوا من المذهب الشيعي إلى السني هرباً من عنصرية قادتها المقيتة، إذ يطالبون بحقهم في العيش عرباً إيرانيين". غياب المشروع العربي ويتساءل الدكتور محمد العويرضي عن وجود مشروع عربي قابل للتطبيق والانتشار:"أين المنطلقات القومية في القرن ال19؟، إذ إن المشروع العربي لا بد من أن يكون شديد الالتصاق بالموروث الثقافي العربي، وانفصام الموروث عن المشروع العربي سيفشله بالتأكيد، ويكوّن جبهة داخلية ضده، مع التأكيد أن المشروع العربي أكبر من تحقيق سلام، بل هو مشروع مستقبلي لرفعة شأن الأمة العربية، ولو تحقق السلام هل تستطيع إيران اختراق الجانب السوري أم الفلسطيني أم الجماعات في دارفور أم شمال إفريقيا؟ علينا العمل لئلا نسمح لإيران بالتدخل في شؤون المنطقة، انظروا ماذا يحدث في باكستان، ومن يدعم طالبان في أفغانستان؟". ويضيف:"يجب أن يتكاتف الجميع مع المشروع العربي السياسي الذي قدمه خادم الحرمين الملك عبدالله بن عبدالعزيز، والذي تم عرضه باسم الأمة العربية، والسعودية دولة إقليمية ذات تأثير اقتصادي وسياسي كبير، ولها موروث معنوي قوي، وتمثل مع مصر أهم دولتين سنّيتين في العالم، ومواجهة المشروع الإيراني تبدأ من حدود أفغانستان الشرقية حتى القرن الأفريقي". الدكتور أنور عشقي يقول في هذا المحور:"لا يوجد مشروع عربي واضح المعالم، إنما يوجد مشروع إسلامي معروف منذ عهد النبي صلّى الله عليه وسلّم، وقد تضاءل الإحساس بأهمية القومية العربية، وأنها الداعم القوي للإسلام وشعوبه، لذا تجب عودة الحس القومي العربي مجدداً على أساس ثقافي بعيد من الطائفية والعرقية. المشروع الإيراني ضد العروبة وخصوصاً ضد دول مجلس التعاون الخليجي، وتجب مواجهته وتوجيه النصح للإيرانيين بأهمية إيقاف مشروعهم ذي الشعارات الزائفة. تريد ايران إعادة العرب إلى عصور الجاهلية، والقتال في ما بينهم. القومية العربية في بدايتها ركزت على الانتماء العرقي، ونجحت في التصدي للاستعمار، ويجب أن يطور هذا المفهوم ليكون مبنياً على انتماء ثقافي، فعندما أمعنّا في الانتماء العرقي ابتعد الأكراد والأمازيغيون وأهل جنوب السودان، وغيرهم مع انهم جميعاً عرب ثقافياً، لا بد من تحديث الفكر القومي العربي في عصر العولمة". ويرجع الدكتور محمد آل زلفة ضعف الصف العربي إلى الخلاف العربي - العربي وغياب التوحد في مجابهة التحديات التي تواجه الأمة، مبدياً دهشته ممن لا يرى في إيران خطراً على دول المنطقة، مشيراً إلى أن الوقت مهيأ ليكون للدول العربية مشروعها الذي يمكنها من التصدي للعدو الإيراني، ويحوّل الضعف إلى قوة، وبناء صف عربي مخلص بعيد من بائعي الوهم في المنطقة، مطالباً بالاستماع إلى صوت العقل الذي أطلقه خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله عبدالعزيز والذي أكد أن لا أمن لنا إلا بالوحدة، وتجاوز كل ما قيل فيه، وفي حق شعبه، وقدّم مشروعاً حقيقياً لترتيب الصف العربي بعيداً من أصحاب المشاريع الوهمية، والمتاجرة بمقدرات الأمة ومكتسباتها. وقال آل زلفة:"ليس صحيحاً أن الأمة العربية لا تملك مشروعاً حقيقياً، ومن يردد هذا الكلام هم الفرس والغرب وغيرهم، المشروع العربي للسلام بدأ عام 2000 في بيروت، وبإجماع جميع القادة العرب، الملك عبدالله عندما كان ولياً للعهد دعا في مسقط إلى مشروع لإصلاح البيت العربي، واستمر في هذا التوجه عبر مشروع إسلامي في مكةالمكرمة". ويقول الدكتور أنور عشقي عن النهج الإيراني:"دول الممانعة تصفي حساباتها سياسياً فقط، وتحالفاتها مع إيران لوجود مصالح مشتركة فقط، ولو نظرنا إلى بيان القمة العربية - اللاتينية التي أعقبت القمة العربية في الدوحة، وجدنا أن الدول جميعاً عدا فنزويلا ودولة أخرى فقط تحفظت على بند يؤيد احتلال إيران للجزر الإماراتية الثلاث. العالم حالياً بدأ يكتشف أطماع إيران وطموحاتها التوسعية وأنها مبعث قلاقل للمنطقة، ومن يشكك في التوجهات الإيرانية عليه التوجه إلى المكتبة العامة في طهران، ليجد في الواجهة صفحة من كتاب تراثي طولها متر وعرضها كذلك ووضعوها في صندوق بلوري مكتوب فيها:"كيف للعرب الأنذال أن يسقطوا الإمبراطورية الفارسية، علينا أن نعيدهم إلى الصحراء من جديد". علينا أن نقنع ايران بأن هذه التوجهات خاطئة، وأن الأئمة السُنّة لا يجدون بينهم وبين إخوانهم الشيعة فرقاً، وعليها أن تبتعد عن أطماعها السيئة التي تضرها وتضر دول المنطقة أيضاً، وهنا أؤكد أن إيران لن تتورع في استخدام أية وسيلة لتحقيق أهدافها، فعلى رغم مذهبها الشيعي استخدمت السنّة في تحقيق أهدافها باعتراف العوفي الذي أكد هذه الحقيقة، في ظل أن لديها عداوة ضد العروبة والمسلمين". الدكتور آل زلفة يبدي دهشته ممن لا يرون في المشروع الإيراني خطراً على المنطقة، وقال: للأسف لا يميزون بين احتلال أرض عربية بقوة فارسية، واحتلال أرض مثلها بيد إسرائيلية، على رغم أن مزارع شبعا لا تتجاوز مساحتها جزيرة طنب الكبرى، وأنا مع استعادة كل شبر عربي محتل. وإيران دولة محتلة كما هي إسرائيل، لكن البعض يغض النظر عن المشروع الإيراني الذي يمثل أكبر خطر على المنطقة، ويدرك خطورته بسبب البعد الجغرافي عن مداه". أما الدكتور محمد العويرضي فيقول:"إيران تشعر بالقلق من الجانب الغربي، ولذلك تعمل على احتواء الكثير من الجماعات ودعمها لتحقيق مكاسب سياسية، وعندما يقول مثلاً الأمير سعود الفيصل إن أميركا سلّمت العراق إلى إيران، فهذا يعطي دلالة أكيدة على أطماع إيرانية واضحة في البلاد العربية. ويضيف:"المنطقة العربية إلى جانب باكستان وأفغانستان هي محور المشكلات في العالم حالياً، لذا يجب ألا يترك لأي لاعب إقليمي أو دولي أن يقوم بإدارة المنطقة بطريقته الخاصة، وعلينا أن نُقوّم إيران مثلاً بطريقتنا الخاصة لا وفق المنظور الغربي الخالص، ومن منظور مصلحتنا الخاصة بنا". "نووي إيران"يهدّد المنطقة ويتساءل الدكتور محمد آل زلفة عن بعض من يقارنون المشروع النووي الإسرائيلي بنظيره الإيراني، ويجدون في ذلك مبرراً لاستمرار الأخير، مشيراً إلى أنهم متناسون أن إيران ستستخدم مشروعها النووي في حال إكماله، وسيلة ضغط على دول المنطقة، التي تريد الهيمنة عليها، مستشهداً بمفاعل"بوشهر"، الذي سيعمل رسمياً بعد عام واحد، وقال:"لو حدثت أي مشكلة للمفاعل، فسيهدد أمن الخليج بأكمله في شكل مدمر، وسيكون مثل"تشيرنوبل"الذي عانت منه أوروبا كثيراً، لأن إيران لا تملك التقنية العالية، التي تمكّنها من السيطرة، لذا على الدول الكبرى التدخل وإيقاف هذا المشروع الخطر، إذ ان إيران قادرة على تلويث مياه الشرب في الخليج العربي، وهو ما يمثل تقريباً 80 في المئة من مياه الشرب المحلاة في دول الخليج". أما الدكتور أنور عشقي، وهو العسكري المتقاعد، فتحدث حول هذه النقطة، قائلاً:"إيران لها مشروع طموح جداً، لكنه غير قابل للتنفيذ، كما انه يورث اضطرابات في المنطقة، وربما يسهم في حدوث حروب أهلية في المنطقة، لكن الأمر الدافع للارتياح من هذه المخاوف هو حكمة رؤساء الدول العربية، الذين لن يسمحوا بنفاذ هذا المشروع إلى دولهم، ولو أخذنا شيعة البحرين مثالاً، فهم مواطنون خليجيون يدينون لحكومتهم بالولاء، والاستفتاء أيام الشاه، أثبت أن مواطني البحرين شيعة وسنّة كلهم أرادوا الاستقلال عن إيران، حتى إن السعودية رفضت عرضاً بضم البحرين لها، حتى لا يقال ان لها أطماعاً توسعية، نتمنى أن تسقط إيران لغة التطرف والتشدد، ولا تصور المنطقة على أنها منطقة توترات، على رغم ان إيران تحولت إلى ملاذ آمن ومعسكرات تدريب للإرهابيين باعترافات السعودي صالح العوفي أخيراً، إذ انه وثق وصادق على هذه الاتهامات، التي طاردت إيران منذ فترة طويلة". من يعيدهم إلى البيت العربي؟ الدكتور محمد العويرضي يرى ضرورة إعادة الجماعات والدول التي اختارت الحضن الإيراني، ويقول:"يجب احتضان جماعات المنطقة السياسية أو حتى المذهبية، وعدم تركها ترتمي في أحضان إيران، إذ ان إقصاءهم سيدفعهم إلى هذا الوضع، لذا على قادة العرب ألا يسمحوا لهذه الجماعات بأن تختار أية مشاريع إقليمية أو دولية، ويجب أن تبقيها في كنفها، إذ ان التدخل الأجنبي سيسمح بإثارة القلاقل مجدداً في المنطقة العربية، وسيؤدي إلى المزيد من الاضطرابات". وأضاف:"أحب أن أؤكد أنني عندما أقول يجب احتضان الجماعات الإسلامية، فهذا لا يعني أننا لم ندعم حماس مثلاً، ولكن علينا ألا نسمح للآخرين بالتدخل واحتضان هذه الجماعات، من أجل اختطاف الأمن العربي، ويجب أن نتساءل عن دورنا تجاه حماس، وغيرها من الجماعات قبل توجيه التهم إليها. وإن كان في أجندة السياسة الإسرائيلية خلق حال من الصراع في الجانب الفلسطيني، فعلينا أن نحتوي هذا الصراع، فنحن نملك من الأدوات ما يسمح لنا بمصالحة حماس وفتح". الدكتور أنور عشقي لم يختلف رأيه عن سابقيه إذ كان هناك شبه اتفاق على أهمية إعادة الجماعات والدول التي تفضل إيران على غيرها، وأوضح:"علينا ألا نترك لإيران ثغرات في منطقتنا تسمح لها بالدخول في قضايانا، لأن إيران صاحبة مشروع يهدف إلى إعادة المجد الفارسي على حساب العرب والمسلمين، لذا يجب أن يتم تحقيق العدالة في المجتمعات العربية وبالتالي عدم السماح لنمو جماعات داخلية معادية، في ظل أن الكثير من الأعداء لا يشرعون في السيطرة علينا إلا وهم يرفعون شعار من ضعفكم أستمد جبروتي، ويجب أن نقف مع إخواننا في سورية وحماس ونعيدهم إلى البيت العربي، ونحاول أن نصحح أخطاءهم، ونبدأ الحوار مع من نختلف معهم". منظار المصلحة الدكتور محمد العويرضي يرى أن الوقت ملائم لاستخدام الوسائل الإعلامية لتفكيك المشروع الإيراني، وكذلك استخدام الجانبين الاقتصادي والسياسي، مع تأكيده أن إيران دولة ضعيفة لديها هاجس أمني كبير، كما أنها تستخدم تكتيكات معينة لتحقيق مكاسب على حساب الأمة العربية، مطالباً الجماعات العربية والدول أن تكون أكثر وعياً في التعامل مع إيران، كما يأمل بتقوية الجبهة الداخلية، مشيراً إلى أننا إذا وصلنا إلى هذه المرحلة فلن تستطيع إيران ولا الدول الغربية التأثير في الدول العربية، كما شدد على تجنب منهج الإقصاء لبعض الفئات داخلياً، إذ إنه سيولد الإرهاب، مستشهداً بحال الجزائر الذي يجسد هذه الحقيقة. الدكتور أنور عشقي له مطالبة قريبة نوعاً ما من سابقه، إذ يقول:"نظرة الغرب تجاه المشروع الإيراني تختلف عن نظرتنا نحن، هم يبحثون عن حماية النفط، أما نحن فنحاول حماية مقدراتنا ومكتسباتنا، ونحن نتمنى أن تتعاون إيران معنا بعيداً من مذهبها الشيعي الذي لا يعنينا، لكن من دون وجود مطامع وقلاقل واضطرابات في المنطقة، مع الإشارة إلى أن إيران ليست بالقوة التي نتصورها، فطائراتها لا تزال"إف 5"وهي قديمة جداً، والغواصات التي يمتلكونها لا تزال تعمل بالديزل". ويضيف:"لا حماس ولا سورية تدعمان إيران، فسورية وقعت في الدوحة على بيان يشجب تصرفات إيران وهي الحليفة الاستراتيجية لها، في دلالة أنها بلد عربي أصيل، وعلى رغم أن سورية فتحت أبوابها للمد الشيعي، لكن تبيّن أنها رافضة للممارسات الإيرانية في المنطقة، وأكدت أنها لم ترتم في أحضانها، وهي ترفض أن يكون مدها الفارسي على حساب هويتها العربية، وشيعة العراق تنبهوا إلى مخططات إيران في نقل المرجعية الشيعية إلى قم الإيرانية بدلاً من النجف العراقية، حتى يتجه جميع الشيعة إليها، متناسين نحن أن أكثر من 30 في المئة من الإيرانيين تحت خط الفقر، ويرفض الشعب الإيراني إرسال 30 مليون دولار شهرياً إلى حماس". الخطط الايرانية وسبل مواجهتها حدد المنتدون الخطط الإيرانية في مواجهة السياسات الأميركية تتلخص في الآتي: 1 - تعزيز نوع من الروابط والتحالفات مع الجماعات الشيعية والأصولية في دول الجوار الإيراني، كما لم تتردد في تعزيز مكانتها في دول العالم الإسلامي. 2 - خطاب إعلامي يخاطب مشاعر الرأي العام العربي لدعم موقفها في الجوار عبر إثارة عدد من المواضيع، وكأن إيران معنية بالمشكلات العربية والقضايا الإسلامية، مثل إظهار عدائها لإسرائيل وأنها تقف لمصلحة حقوق الشعب الفلسطيني وتدعمه. 3 - السعي إلى إظهار عجز الموقف العربي في مواجهة الأزمات الإقليمية. 4 - لا تتردد إيران في دعم الجماعات المناوئة لبعض الحكومات العربية، واستغلال هذه الجماعات لتحقيق مكاسب تتعلق بمصالحها. 5 - استمرار سياسة التسلح التقليدي وتطوير منظومة دفاعية وهجومية من الصواريخ البالستية والإصرار على استمرار برنامجها النووي. وخلص المنتدون الى التوصيات الآتية: أولاً: ضرورة احتواء الجماعات السياسية والدينية من طريق دفع مزيد من الحريات والعدالة الاجتماعية وبث روح المواطنة في هذه الجماعات بقبول مشاركتها في المنظومة السياسية للدولة الوطنية، وأن الدولة الوطنية هو مشروع مكونات المجتمع من أجل تعميق الشعور بالانتماء الوطني. ثانياً: في حال وجود صفقة بين إيران من جهة وبين الولاياتالمتحدة من جهة أخرى من أجل أن تتخلى ايران عن السعي الى الحصول على سلاح نووي في مقابل اعتراف الغرب بدور إقليمي مؤثر لإيران فإنه يجب على الدول العربية المشاركة في مثل هذه الصفقات ما يحافظ على مصالحها وأمنها. ثالثاً: العمل على استكمال مسار المصالحة العربية، وبذل الجهود لاستعادة التفاهم بين سورية والدول العربية الرئيسية، على نحو يمكن أن يؤدي الى اطمئنان سورية لأمنها الداخلي وضمان عدم المساس به من أية قوى دولية. رابعاً: ضرورة سعي الدول العربية لمقاومة التدخلات الإقليمية والاتفاق لتطوير رؤية توافق عليها الدول العربية تعتمد على التعاون البناء مع بعض الأطراف الإقليمية ووضع آليات بما يحقق الأمن العربي الجماعي. خامساً: ضرورة بناء خطاب إعلامي جماعي يكشف أهداف الخطاب الإيراني، مع أهمية الضغط على إيران لوقف تدخلاتها في الشؤون العربية ووضع آليات للتعامل بالمثل إن لم توقف ايران تدخلاتها. سادساً: إطلاق حملة إعلامية تكشف عملية قيام إيران بدعم التنظيمات التي تقوم ببعض العمليات المخالفة للقانون في بعض أجزاء العالم العربي. سابعاً: دعم استقلال العراق ووحدته وترسيخ الهوية العربية للعراق وانتمائه الوطني، بما يكفل منع تدخل إيران في الشأن العراقي. ثامناً: ضرورة إفهام إيران أن العالم العربي يقدّر مساندتها لقضايا العرب، ولكن يجب أن تكون هذه المساندة عبر البوابة الرسمية وأن العالم العربي يرحب بالتوافق الأميركي - الإيراني ولكن ليس على حساب المصالح العربية. تاسعاً: إفهام إيران أن العالم العربي يفتح ذراعيه لحوار بناء يخدم مصالح الطرفين، وأن العالم العربي لا يمكن أن يدفع به لتحقيق مصالح أطراف دولية أخرى. نشر في العدد: 16833 ت.م: 06-05-2009 ص: 29 ط: الرياض