اتهم صندوق النقد الدولي الدول المتقدمة بالتقاعس في بذل الجهود الكفيلة بوضع نهاية سريعة لما يعانيه الاقتصاد العالمي من ظروف كارثية. وشدد على أن العالم يمكن أن"يتعافى من أزمته الاقتصادية بسرعة أكبر، في حال تعاملت الحكومات بصدق وجهود متضافرة مع أزمة المال وآثارها المتمثلة في جمود النشاط الائتماني وفقدان الثقة في المصارف والمؤسسات المالية المتعثرة". واعتبر خبراء المؤسسة الدولية في مناسبة إصدار تقرير شديد التشاؤم عن آفاق الاقتصاد العالمي أمس، أن الأزمة الراهنة هي"أزمة ثقة". وعلى رغم أن درجة عدم الوضوح أعلى بكثير مما هي الحال في فترات التراجع التقليدية، إلا أن انتهاج سياسات إنقاذ وحفز صحيحة يساعد على إعادة الثقة، ما من شأنه أن يوفر دعماً قوياً للإنفاق والنمو العالميين". وأكدوا أن"مفتاح"معالجة فقدان الثقة، يكمن في إيجاد حل مقنع لمشكلة الأصول المتعثرة والمخاوف التي يثيرها احتمال أن تؤدي خسائرها المحققة والمحتملة، إلى تقويض أسس القدرة المالية للمصارف والمؤسسات المالية المتورطة، مشيرين بذلك إلى مسببات أزمة الائتمان العاصفة باقتصادات الدول المتقدمة والتي تهدد الاقتصادات الناشئة والفقيرة بعواقب وخيمة. ونبه خبراء الصندوق من أن"الأثر المحدود"الذي حققته خطط الاستقرار المالي حتى الآن، لن ينقذ الاقتصاد العالمي من الانكماش بما يصل إلى واحد في المئة من القيمة الإجمالية لناتجه في العام 2009. وحذّروا من أن تقاعس الحكومات عن التعامل بصدقية مع الأزمة المالية، لن يقضي على فرص الانتعاش في المدى القصير فحسب بل يعمق أمد الهبوط الاقتصادي ويطيله. وتوقعوا في رؤية جديدة أن"يبدأ الاقتصاد العالمي في الانتعاش تدريجاً في النصف الثاني من العام المقبل، لكنه مشروط باتخاذ"خطوات شاملة لتثبيت الأوضاع المالية وتوفير حفز اقتصادي قوي، وحدوث تحسن تدريجي في أوضاع الائتمان وانتهاء أزمة قطاع السكن الأميركي، إضافة إلى الوسادة التي تحققت جراء الانخفاض الحاد الذي شهدته أسعار النفط والسلع الرئيسة الأخرى". وأشارت هذه التوقعات إلى أن من شأن تحقق شروط الانتعاش، تحديد ما إذا كان الاقتصاد العالمي سينمو بنسبة تراوح بين 1.5 و2.5 في المئة في 2010 بعد انكماش حاد تراوحت نسبته بين نصف وواحد في المئة خلال هذا العام. وما يعنيه الانكماش المتوقع أن خسارة الاقتصاد العالمي ستصل إلى 4 في المئة من القيمة الاجمالية لناتجه أو أكثر مقارنة ب 2008. وعزا صندوق النقد النتيجة الكارثية المتوقعة للاقتصاد العالمي، إلى تعرض الدول المتقدمة إلى الانكماش الأكثر حدة لاقتصاداتها في فترة ما بعد الحرب العالمية الثانية. ويلي هذا الانكماش المتوقع أن يراوح بين 3 و3.5 في المئة خلال العام الحالي، نمو ضعيف لا يزيد في حده الأقصى على نصف في المئة في 2010 بعد وتيرة نمو متواضعة بلغت نسبتها 0.8 في المئة في 2008. وتضمنت توقعات النمو المعدلة، انكماش الاقتصاد الأميركي بنسبة 2.6 في المئة خلال هذا العام، ونمواً هزيلاً يبدأ في الربع الثالث من العام المقبل. لكن تحققه يتوقف على تطبيق خطة مفصلة و"مقنعة"لإعادة تأهيل قطاع المال. أما في حال منطقة اليورو فجاءت التوقعات أكثر تشاؤماً، إذ رجحت احتمال انكماش اقتصادات المنطقة بنسبة 3.2 في المئة هذه السنة، واستبعدت احتمال تحقيق نمو يذكر في 2010. وفيما توقع الصندوق تفاقم آثار الأزمة المالية صعوبات التمويل وانخفاض أسعار السلع وانهيار الطلب العالمي لتنخفض نسبة نمو الاقتصادات الناشئة والفقيرة من 6.1 في المئة في 2008 إلى ما بين 1.5 و2.5 في المئة خلال العام الحالي، ومن ثم ارتفاع وتيرة النمو إلى 3.5 وربما 4.5 في المئة في 2010، رجح أن يطاول الهبوط الاقتصادات العربية في الشرق الأوسط، لكن في شكل أخف من المناطق النامية الأخرى. نشر في العدد: 16786 ت.م: 20-03-2009 ص: 17 ط: الرياض