عدل صندوق النقد الدولي توقعاته في شأن وتيرة نمو الاقتصاد العالمي للسنة الحالية صعوداً إلى 4.3 في المئة في مقابل انكماش بنسبة 0.6 في المئة العام الماضي. ولفت إلى أن التعديل الجديد وهو الثالث على التوالي في أقل من تسعة أشهر، جاء نتيجة لتسارع متوقع في نمو الاقتصاد الأميركي مؤكداً في الوقت ذاته توقعاته بأن هذه السنة ستشهد انتعاشاً قوياً في الاقتصادت العربية مقارنة مع 2009. ولخص المستشار الاقتصادي أوليفيه بلانشار في مؤتمر صحافي أمس أحدث التطورات، فأكد أن نمو الاقتصاد العالمي حقق نتائج أفضل من المتوقع وإن تفاوتت مستوياته. وأوضح أن البداية كانت أفضل في الولاياتالمتحدة عنها في أوروبا واليابان، وأن بلدان آسيا الصاعدة لا تزال تقود مسيرة التعافي بينما تأخرت عن الركب بلدان كثيرة من أوروبا الصاعدة. وشدد المستشار المالي هوزيه فينيالز على تراجع الأخطار التي تهدد الاستقرار المالي العالمي، ونبّه إلى أن الاستقرار المأمول لم يترسخ بعد. وأعلن في المؤتمر الصحافي ذاته خفض توقعات خسائر الأصول العالمية المتعثرة إلى 2.3 تريليون دولار مقارنة مع 2.8 تريليون في تشرين الأول (أكتوبر) الماضي، لكنه رجح أن يكون انتعاش الائتمان محدوداً لا سيما في الاقتصادات المتقدمة. ورحب فينيالز بعودة التدفقات الاستثمارية بقوة إلى «بعض» الاقتصادات الصاعدة من دون أن يقلل من أخطارها المحتملة المتمثلة في تضخم أسعار المستهلك وفقاعات الأصول في البلدان المضيفة. ولفت إلى ترافق انتعاش التدفقات مع «تغييرات» في أسعار الصرف، خصوصاً انخفاض قيمة الدولار في مقابل عملات شركاء تجاريين كبار لأميركا، واعتبر أن هذه التغييرات بقيت محدودة النطاق متوقعاً عودة اختلال موازين المدفوعات العالمية إلى الاتساع. وأعلنت وزارة التجارة الأميركية أخيراً أن عجز الحساب الجاري الأميركي، حيث تكمن معظم أخطار اختلال موازين المدفوعات العالمية وفقاً لغالبية الاقتصاديين والمحللين، تقلص إلى 420 بليون دولار في 2009 مقارنة مع 706 بلايين في 2008 و788 بليوناً في 2006 حين بلغ ذروته التاريخية وناهز في حجمه فوائض موازين مدفوعات الصين وألمانيا واليابان مجتمعة. لكن فينيالز نبه من أخطار التراكم السريع للديون العامة وتدهور الموازنات المالية في البلدان الصناعية على النظام المالي العالمي لا سيما القطاعات المصرفية. وحذر من إن «الأخطار السيادية في الاقتصادات المتقدمة يمكن أن تقوض المكاسب التي حققها الاستقرار المالي العالمي وتمدد أجل الأزمة»، وأوضح أن «أكبر مصادر القلق يكمن في أن مساحة الحركة المتاحة أمام صانعي السياسة في اقتصادات متقدمة كثيرة إما استنفد معظمها أو أصبحت أضيق بكثير مما كانت في السابق». ورحج بلانشار وفينيالز احتمال أن يبدأ معظم الاقتصادات المتقدمة عملية «ضبط» أوضاعها المالية العام المقبل في حال لم تطرأ تطورات غير متوقعة على صعيد الاقتصاد الكلي، وشددا على أن «هشاشة التعافي الاقتصادي» تستوجب من هذه البلدان المضي في تطبيق برامج الحفز الاقتصادي المخططة للسنة الحالية حتى شوطها الأخير. وتلخيصاً لدروس الأزمة جدد المستشاران الاقتصادي والمالي في صندوق النقد تأكيدهما على أن إتاحة الفرصة أمام الاقتصاد العالمي للنمو بوتيرة مرتفعة في المدى المتوسط يتطلب إعادة التوازن إلى الطلب وإصلاح النظام المالي العالميين. ورفع صندوق النقد معدلي النمو المتوقعين للاقتصاد الأميركي إلى 3.1 و2.6 في المئة على التوالي في السنتين الحالية والمقبلة بعد انكماش حاد بلغ 2.4 في المئة في 2009 وعدل صعوداً أيضاً معدّلي نمو الاقتصاد الكندي وبدرجة أقل أسبانيا واليابان وفرنسا بينما خفض من معدّلي نمو الاقتصاد الألماني قليلاً إلى 1.2 و1.7 في المئة. وطاول التعديل الإيجابي معدلي نمو مجموعة الاقتصادات الصاعدة والنامية ارتفاعاً إلى 2.4 في المئة في 2009 وإلى نحو 6.4 في المئة في السنتين الحالية والمقبلة مستفيدة من نمو قياسي ينتظر أن يحققه كل من الصين والهند ويبلغ في المتوسط 10 في المئة في حال الأولى و8.5 في المئة في حال الثانية إضافة إلى البرازيل بارتفاعٍ إلى 5.5 و4.1 في المئة. وأكد خبراء الصندوق توقعاتهم بأن البلدان العربية التي انخفض متوسط نمو اقتصاداتها إلى 2.4 في المئة في 2009 ستشهد انتعاشاً قوياً متصاعداً يبدأ بارتفاع متوسط النمو إلى 4.5 في المئة في 2010 ويتعزز بارتفاع ثانٍ إلى 4.8 في المئة العام المقبل.