تمنح الوظيفة الرسمية الشباب القطري استقراراً مادياً ووظيفياً في بلد يسجل أعلى دخل فردي في العالم يتجاوز 63 ألف دولار سنوياً, لكن كثيرين يفضلون دخول مجال الأعمال وتأسيس مشروع مستقل لا يربطهم بدوام الوظائف والهرمية الحكومية. غير أنّ هذا الأمر ليس دائماً في المتناول فالشركات الكبرى القطرية والأجنبية تحصد كل مناقصات المشاريع وتتغلغل في جميع فروع النشاط الاقتصادي. وإن لم يكن الشاب سليل إحدى العائلات القليلة التي تتركز الأعمال والنشاطات الاقتصادية بيدها فنادراً ما يجد له طريقاً في هذا العالم. وبعد وعود كثيرة آمن بها الشباب القطريون لسنوات طويلة, والداعية إلى تمويل مشاريعهم التجارية والاقتصادية المختلفة، تبخرت الآمال ولم يبق إلا الانتظار. لذا عندما أعلن وزير الأعمال والتجارة الشيخ فهد بن جاسم بن محمد آل ثاني عن انشاء شركة حكومية لدعم المشاريع الشبابية استقبلت المبادرة بالترحيب والتهليل. ويبلغ رأسمال الشركة ملياري ريال قطري أي ما يعادل 550 مليون دولار. وأعلن عنها الوزير عن الخطوة عبر برنامج"لكم القرار"الذي يبثه تلفزيون قطر، مشدداً على أن تطبيق هذه الخطوة سيتم بكل صرامة وجدية، بعد أن لمس من خلال أسئلة الشباب وانشغالاتهم تخوّفهم الكبير من أن تكون هذه المبادرة كغيرها مجرد حبر على ورق. فرحة الشباب القطري وتفاؤله بمثل هذه المبادرة كانا واضحين على أكثر من مستوى. فتم تقديم طلبات كثيرة وفي شكل سريع وتم تجهيزيها وفق الشروط المطلوبة في انتظار الرّد عليها سواء بالرفض أو بالقبول. سعد. ك شاب في مطلع عقده الثالث لم يكتم غبطته لمشروع الوزارة الجديد، متمنياً تسريع اجراءات تنفيذه في أقرب وقت ممكن. وقال سعد :"أرجو فعلا أن نرى قريباً هذا المشروع قيد الانجاز، وألا يحدث ما حدث لمشاريع سابقة كانت تتعطل لعدد من الأسباب التي يمكن حصرها في قلة الموازنة المخصصة لها أو من خلال دخولها المسار البيروقراطي وروتين العمليات الادارية التي قد لا تنتهي". مشروع سعد الذي خطّط له وعمل عليه في فترة سابقة مع أصدقاء له، انتظر تمويلا كافياً من أجل أن ترى فكرته النور، وقد رسم في ذهنه كل الترتيبات اللازمة من أجل مواصلة عمله في الهندسة المعمارية والديكور. وقال :"لم أتمكن حتى من تسديد أقساط المخزن الكبير الذي كنت استأجره للعمل، بخاصة أنّ أسعار العقارات ارتفعت كثيراً خلال السنوات الماضية، ما جعل امتلاك محل تجاري حلماً بعيد المنال". هذا هو واقع حال معظم الشباب القطريين الذين كشفوا أنهم غالباً ما يواجهون صعوبات كبيرة لإثبات نفسهم في سوق العمل من جهة وللحصول على القروض والهبات من جهة أخرى. فكثيراً ما يتم افتراض سوء النية وفشل المشاريع التجارية. پپ قبل نحو عامين كان هناك صندوق لدعم مشاريع الشباب، لكن كان على أصحابه أن ينتظروا دعم الجهات المختصة بحسب كل مشروع. أما الآن وقد خصصت لهذه المبادرة موازنة خاصة، فبات بإمكان الشباب تعليق آمال على تحقيق مشاريعهم خصوصاً أنّ الوزير أكد أنّ هذا المشروع لن يتأخر في تطبيق آلياته وتحديد كامل شروطه، لدعم مشاريع الشباب الصغيرة والمتوسطة بعد أن تمر على لجنة تجرى عليها دراسة جدوى كاملة. ونوه الوزير بأنّ هذه الشركة لا تطمح إلى أي ربح مادي، وإنما تسعى إلى ربط الشركات العالمية بالقدرات المحلية إضافة إلى تقديم المشورة فى اختيار الشركاء المناسبين. هذا الكلام المطمئن وحماسة الشباب في تقديم مشاريعهم دفعا العديد من رجال الأعمال القطريين إلى الإعلان عن رغبتهم في دعم هذه المبادرة من خلال وضع خبراتهم ومساراتهم المهنية بين يدي الجيل الجديد الجاد والطموح. فهؤلاء بأمسّ الحاجة للرأي والنصيحة لدخول عالم الاقتصاد. نشر في العدد: 16754 ت.م: 16-02-2009 ص: 24 ط: الرياض