سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
سعد الحريري يشدد على اتفاق الطائف وجنبلاط يحمل على النظام السوري ويؤكد ان "لا عدو لنا في الداخل"... وعشرات الجرحى لدى مغادرة الحشود وسط بيروت . مئات الآلاف شاركوا في ذكرى إغتيال الحريري : إحتفاء بالمحكمة الدولية وإعداد للإنتخابات
فاجأ جمهور قوى 14 آذار قادته أمس بحضوره، بكثافة فاقت توقعاتهم وتحضيراتهم، في التجمع الشعبي الذي دعوا اليه في الذكرى الرابعة لاغتيال الرئيس رفيق الحريري في 14 شباط فبراير 2005. وقدر عدد المشاركين مئات الآلاف، ليقتربوا من اعداد الذين شاركوا في التظاهرة المليونية في 14 آذار مارسالعام 2005 والتي احتضنتها الساحة نفسها أي ساحة الشهداء وأطلقت ما سمي لاحقاً"ثورة الأرز"، ضد الإدارة السورية للوضع اللبناني الداخلي. وفي وقت أراد قادة الأكثرية في لبنان للحشد أن يكون استفتاء لمصلحتها، و"بروفة"عما ستكون عليه الانتخابات النيابية العامة في 7 حزيران يونيو المقبل، بدا واضحاً، وفق الانطباعات التي جمعها مندوبو"الحياة"في ساحة التجمع الشعبي والشوارع المؤدية اليها، أن ضخامة هذا التجمع هي رد فعل من جمهور العاصمة وبعض المناطق، وخصوصاً شمال لبنان وبقاعه، على احداث 7 أيار مايو من العام الماضي، وعلى الصدامات التي وقعت في الجبل ومناطق أخرى شمالاً وبقاعاً. راجع ص 4 و5 وتميز إحياء ذكرى 14 شباط فبراير هذا العام بقلة اللافتات السياسية واقتصارها على شعارات محدودة وصور عملاقة للحريري ونجله زعيم تيار"المستقبل"النائب سعد الحريري، لكن باحتوائه على كثير من الأعلام اللبنانية والحزبية لمختلف التنظيمات المتحالفة في قوى 14 آذار، حتى أن بعضهم قام بجمع هذه الأعلام في علم واحد المستقبل، الاشتراكي، القوات والكتائب.... وبموازاة الخشية من أن يطلق هذا الحشد مرحلة تنافس جديدة على ملء الساحات بين المعارضة والأكثرية، كما حصل العام 2007 خلال تظاهرات ضخمة للفريقين، وهو ما سمي حينها حرب الساحات، يترقب بعضهم الحشد الذي سينظمه"حزب الله"غداً في الضاحية الجنوبية لبيروت لمناسبة احتفاله بذكرى شهدائه، وفي طليعتهم الأمين العام السابق السيد عباس الموسوي والشيخ راغب حرب والقائد العسكري فيه عماد مغنية الذي اغتيل في دمشق بتفخيخ سيارته في 22 شباط من العام الماضي. إلا أن خطابات مهرجان الأمس اتسمت بالتهدئة على الصعيد الداخلي، لكن بمواقف متشددة تجاه القيادة السورية، وبتأكيد أهمية الانتخابات النيابية المقبلة، على لسان كل من الحريري، الرئيس أمين الجميل، رئيس"اللقاء النيابي الديموقراطي"وليد جنبلاط، رئيس حزب"القوات اللبنانية"سمير جعجع ورئيس"حزب الوطنيين الأحرار"دوري شمعون. وإذ ألهب ظهور الحريري على المنصة الجمهور، فإنه توجه الى الجموع قائلاً:"إن كل وردة وضعت على الضريح والده وكل دمعة سقطت من عين طفل... كانت شريكاً في تعبيد الطريق الى لاهاي... وأردتم لعهد الهيمنة أن يرحل فرحل". ودعا الحريري الى إعلاء لغة الحوار الوطني على أي لغة تناقض العيش المشترك، وشدد على أن اتفاق الطائف"هو القاعدة لتجديد الوفاق الوطني". كما أكد"تحمل مسؤولية التصدي لمحاولات الاستيلاء على القرار الوطني اللبناني المستقل"، ورأى ان الانتخابات النيابية محطة مفصلية، مشيراً الى"التعامل معها بما يعيد الاعتبار لمفهوم تداول السلطة من دون تكبيل المؤسسات بالقواعد الاستثنائية للحياة السياسية". وأعرب عن الألم من الانقسام الفلسطيني الحالي. وشدد الرئيس الجميل على أن"الانتصار في الانتخابات النيابية هو الاقتصاص الحقيقي من المجرم"، معتبراً ان"التنافس فيها ليس خياراً بين فريقين وطنيين يتنافسان في خدمة الدولة بل بين مشروعين واحد لإكمال مسيرة السيادة والاستقلال... ومشروع استعادة الوصاية واستحضار الهيمنة والتبعية". أما جنبلاط الذي هتف له الجمهور عند إلقاء كلمته، فشدد على أن"لا عدو لنا في الداخل"، ودعا الى التمييز بين التهدئة والتسوية، وقال إن"لا تسوية على المحكمة الدولية والعدالة وعلى تحديد وترسيم مزارع شبعا ومعابر التهريب وقواعد التفجير والإجرام خارج المخيمات... ولا تسوية على الطائف". ولفت الى أن التهدئة"هي مع العدو اسرائيل، وليست في قاموسنا في الخلافات السياسية الداخلية". وأشار الى أن الحوار في الداخل"هو فوق كل اعتبار"، وأضاف:"نصر كدولة لبنانية على التهدئة، أي الهدنة مع إسرائيل وأرضنا محررة في انتظار مزارع شبعا بعد الترسيم وغيرنا يحارب عبرنا وعبر غزة وأرضه محتلة ويباهي بالممانعة". وقال جعجع:"كنا وطناً مسلوباً وكانت كل المحادثات الدولية الخاصة بلبنان تجري في دمشق وكان رؤساء الجمهورية يعينون من هناك والحكومات تشكل في عنجر ولولا ثورة الأرز لما بقي لبنان". وأضاف:"يريدونها دولة وهمية وآخر ابتكاراتهم تسترهم بضرورة تطبيق قانون التنصت لحرمان الأجهزة الأمنية الشرعية من مساحة عمل واسعة والأقنعة سقطت وخطتهم تقليص نفوذ الدولة ليبقوا هم". وحذر من أن الدولة"مهددة في كل لحظة بالسقوط". وسأل شمعون:"أين أصبح الذين رددوا معكم قسم جبران تويني؟ لقد أنكروه واستباحوا الحرمات باحتلال الساحات وبتغطية السلاح الذي غيّر وجهته". وأكد النائب السبع ان"ليست لدينا مشكلة مع الشقيقة سورية، لكننا بالتأكيد أمام مشكلة معقدة مع نظام الأسد، كلنا هنا نكره اسرائيل ومن غير المفهوم أن يصبح الصراع مع العدو وسيلة ابتزاز عواطف اللبنانيين ويطلب منا إغفال الوجه القبيح لممارسات الشقيق". وأضاف:"يريدون لذكرى رفيق الحريري أن تموت. قولوا لهم إنكم أمناء على 14 شباط ومبروك لرفيق الحريري انتصار الدم على الظلم". وفيما اتخذ الجيش وقوى الأمن تدابير أمنية واسعة ومشددة حول وسط بيروت ونظم خطر سير المتظاهرين عند دخولهم الى العاصمة لتجنب الشوارع التي يتواجد فيها جمهور"أمل"و"حزب الله"، فإن احتكاكات كثيرة حصلت عند انصراف جموع المشاركين من ساحة الشهداء. كما وقع جريحان صباحاً أثناء مرور مواكب في منطقة صوفر حيث أطلق مسلحون النار على الباصات المحملة بالمشاركين في الحشد، وعرف مطلقو النار الذين لاحقتهم قوى الأمن. وبلغ عدد الجرحى عند تعرض المتظاهرين في طريق العودة، في مناطق زقاق البلاط، بشارة الخوري، الحمراء، سليم سلام ومار مخايل... زهاء 29 جريحاً، فضلاً عن إصابة 17 سيارة بأضرار نتيجة توقيفها من شبان أنصار للمعارضة وتكسير زجاجها وضرب ركابها أثناء مرورهم في شوارع يتواجد فيها أنصار ل"أمل"والحزب. وبينما ضم الحشد الذي شهدته الساحة العام 2005 جمهور"التيار الوطني الحر"، الذي يتزعمه العماد ميشال عون، فإن الموجات البشرية التي وفدت الى بيروت أمس في شكل غير متوقع عوّضت عن غياب جمهور عون، إذ أن عدداً كبيراً من الباصات والسيارات التي أقلّت القادمين من المناطق المسيحية والسنّية من الشمال ومن مناطق جبل لبنان الشمالي، لم يتمكن من الوصول الى مدخل بيروت الشمالي لأن زحمة السير حالت دون ذلك. وهو مشهد تكرر عند مدخل بيروت الغربي، بالنسبة الى القادمين من البقاع وبعض قرى الجبل الجردية. إلا أن أعداداً لا بأس بها من الناس احتاطت إزاء احتمال التأخر في الوصول الى ساحة الشهداء فانطلقت مواكبها في الليلة التي سبقت وبات البعض ليلته في ساحة الشهداء. كما أن البعض انطلق من قراه قبل طلوع فجر أمس ليضمن الوصول باكراً. نشر في العدد: 16753 ت.م: 15-02-2009 ص: الأولى ط: الرياض