أصبحت لبيت الشعر المغربي مكانة راسخة في المشهد الثقافي العربي والعالم: ندوات كثيرة تُنظم، إصدارات وملتقيات، إضافة إلى جائزة الأركانة للشعر التي حازها أخيراً الشاعر محمود درويش، وأيضاً مجلة"البيت"التي تُعتبر واحدة من أهم المجلات الثقافية في المغرب، التي تطرح أسئلة الشعر وتُعمّق تلقّيه. أسندت أخيراً رئاسة"بيت الشعر"الى الشاعر نجيب خداري بعدما طلب الشاعر حسن نجمي إعفاءه من منصب رئاسة البيت. ونجيب خداري واحد من الشعراء المغاربة الذين يكتبون القصيدة بتأن كامل. اشتغل قبل فترة في الصحافة الثقافية في المغرب، وسبق له أن تولى مسؤولية نائب رئيس اتحاد كتاب المغرب، وساهم في تأسيس إطارات وطنية وعربية عدة مثل"نادي القلم الدولي في المغرب". صدرت للشاعر نجيب خداري مجموعة شعرية بعنوان"يد لا تسمعني"عن دار الثقافة عام 2005، ويستعد لإصدار مجموعة شعرية ثانية. أسأل خداري عن برنامج"بيت الشعر"للسنة الراهنة وهل هناك محطات مهمة، فيجيب:"برنامجنا، لهذه السنة، كثيف ومتنوع. ومن أهم محطاته: البرنامج الخاص الذي أعددناه في مناسبة المعرض الدولي للكتاب، والذي يتضمن تكريماً للمفكر المبدع عبدالكبير الخطيبي، وتكريماً للناقد المبدع عبدالفتاح كيليطو، ولقاء مفتوحاً مع الشاعرة العراقية أمل جبوري، ولقاء مفتوحاً مع الناشرة اللبنانية لينا كريدية التي أفسحت مجالاً كريماً للشعر المغربي ضمن منشوراتها في دار النهضة. كما يتضمن هذا البرنامج الخاص عرض سبعة إصدارات جديدة ل"بيت الشعر". وسننظم، في الشهر ذاته، أمسية شعرية كبرى، في المكتبة الوطنية في الرباط، يحييها الشاعر المصري أحمد فؤاد نجم. وسنحرص على إقامة احتفاء متميز، في مكناس، باليوم العالمي للشعر في الحادي والعشرين من شهر آذار مارس، بحضور عربي ودولي. وسيصادف هذا العام الذكرى العاشرة لإقرار اليونيسكو إقامته باقتراح من"بيت الشعر"المغربي. ومن المحطات البارزة لنشاطنا في هذه السنة كذلك: المهرجان العالمي للشعر، جائزة الأركانة العالمية للشعر، وقد قررنا أن تصبح سنوية وتقام في الرابع والعشرين من شهر تشرين الأول أكتوبر، تيمناً بالموعد الذي حدده الشاعر محمود درويش لتسلم الجائزة. وسيرأس لجنتها هذه السنة الناقد المبدع صبحي حديدي. وهي جائزة تموّلها مؤسسة الرعاية لصندوق الإيداع والتدبير. كما يشمل برنامج السنتين، الحالية والمقبلة، تنظيم الندوات الآتية: ندوة دولية عن الشعر والتصوف، ندوة عن الشعر والفلسفة، بالتعاون مع الأكاديمية الجهوية للتربية والتكوين لجهة عبدة ودكالة، ندوة أكاديمية عن"راهن الشعر المغاربي المعاصر"، ندوة وطنية حول القصيدة الثمانينية في المغرب. ومن الضروري أن نذكر هنا أننا سنهتم، في المرحلة الراهنة، بالعمل على تحصيل صفة النفع العام ل"بيت الشعر"المغربي. وسنجتهد في المطالبة بمقر يليق بهذا البيت الطموح الذي قدم إنجازات وطنية وعربية ودولية متميزة، على رغم حداثة سنة". وعن مجلة"البيت"، وأين أصبحت وهل سيصدر منها عدد جديد، يقول:"مجلة"البيت"أصبحت من أهم الانتظارات في مشهدنا الثقافي. ولذلك نفكر بجد في تطويرها، شكلاً ومضموناً، وفي نشرها على الصعيد العربي. وسيصدر، عدد جديد من المجلة يتصدره حوار مطول ومهم مع الكاتب والناقد الكبير عبدالفتاح كيليطو أجراه الزميلان حسن نجمي وخالد بلقاسم". أصدر"بيت الشعر"أخيراً بياناً تضامنياً مع أهل غزة. ترى، كيف يستطيع الأدباء والمثقفون إجراء هذا التضامن وهل يمتلكون الوسائل لذلك؟ أسأله فيجيب:"أستلهم هنا مبادرة الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين، حيث قامت قيادته أخيراً بجولة على بعض القادة العرب تستنهضهم وتستحثهم على دعم الشعب الفلسطيني في محنته الجديدة المرعبة. وأقترح أن تقوم كوكبة من مثقفي العرب وفنانيهم، بتمويل عربي، بجولة عبر قارات العالم يلتقون خلالها بالرموز الإعلامية والثقافية والفنية ذات الجماهيرية الواسعة لإقناعهم بالقيام بمبادرات ومهرجانات فنية كبرى دعماً للقضية الفلسطينية. وأتصور أن تحقيق ذلك يشكل أهم مظهر للتضامن، ويشكل ضغطاً حقيقياً على أصحاب القرار، في أفق تحقيق سلام حقيقي عادل وشامل. وأساله ختاماً: ما هي همومك الشعرية خلال هذه الفترة، وهل سيصدر لك ديوان جديد؟ فيقول:"نعم، إنني في صدد إعداد مجموعة شعرية جديدة. أما عن همومي الشعرية، فإنها يتقاطع داخلها الإبداعي مع الوجودي والفلسفي والسياسي والروحي، وغير ذلك... أحلم الآن أن يكتب الشعراء قصيدة تخفق لها قلوب الناس، كل الناس. قصيدة تزيد من جمال العالم وذكائه، وتلغي مظاهر البشاعة كلها: الكراهية، والعنصرية، والحروب، والظلم، والاستبداد... قصيدة تخلق حالة عدوى بين الناس اسمها"الشعر". قصيدة تحرك ماء الشعر الكامن في داخل كل إنسان. ولو تحرك ذلك الماء لتحاورت الحضارات، ولصار الحب العملة الأكثر رواجاً والأعمق أثراً في تقدم البشرية".