ابن زكري : المباراة أمام الشباب ستكون صعبة ولاخوف على فريقنا    دوريات الإدارة العامة للمجاهدين بمنطقة جازان تحبط تهريب (37) كيلوجرامًا من نبات القات المخدر    أمير جازان يرأس اجتماع لجنة الدفاع المدني الرئيسية بالمنطقة    15 ألف قرار بحق مخالفين    صحيفة الرأي توقّع عقد شراكة مع نادي الثقافة والفنون    إنجاز طبي سعودي.. استئصال ورم في الجمجمة بالمنظار    تقلب المزاج.. الوراثة سبب والاتزان النفسي علاج    وزير الدفاع يبحث تطور العلاقات الأخوية مع نظيره العراقي    6 أندية ترافق الخليج والهدى إلى ربع نهائي كأس اتحاد اليد    بجوائز تتجاوز 24 مليون يورو.. انطلاق "جولة الرياض" ضمن جولات الجياد العربية    «السكري» يتغلب على الشارقة ويضع قدماً في النهائي الآسيوي    رودريغيز يستهدف جيسوس للتغطية على كوارثه!    ملتقى ومعرض المنصات المالية الذكية iPExpo2025    السعودية وإعادة رسم خريطة التجارة العالمية    المملكة الأولى عالمياً في تمكين المرأة بمجال الذكاء الاصطناعي    تمير من سدير يا جمهور الهلال!    رحلة آمنة    NASA تعجز عن إرسال رحلة للمريخ    ثقافات الفن وتأويلاته المبتكرة «على مشارف الأفق»    سلوكيات بريئة تشكك بالخيانة    باقي من الماضي والآثار تذكار    الدرع قصدك فيه فرحة والاوناس لاشك عند اللي يجي له ثميني    ثغرة خطيرة في WhatsApp    مسبار يستقر في الفضاء بنجاح    التصوير بالرنين المغناطيسي يضر الجسم    عودة الذئب الرهيب بعد 10000 عام    الشعور بالجوع يعيد تشكيل الخلايا المناعية    الأهلي المصري يكرر فوزه على الهلال السوداني ويتأهل إلى نصف نهائي «أبطال أفريقيا»    تصاعد الأزمة الدبلوماسية بين الجزائر ومالي    قلق أممي إزاء وضع المدنيين في السودان    دول آسيا تبحث عن حلول للتعامل مع حرب التجارة الصينية الأمريكية    سعود بن بندر: الاستثمار في البنية التحتية الذكية والابتكار يؤتي ثماره في تحسين جودة الحياة    فهد بن سلطان يستقبل وكلاء ومنتسبي إمارة تبوك بمناسبة العيد    زهرة اللبن (الأقحوانة البيضاء) حورية الرومان وملهمة الشعراء    روسيا: مستقبل الحد من الأسلحة النووية.. يعتمد على الثقة    النقل الإسعافي يستقبل 5 آلاف بلاغ بالمدينة المنورة    هدف نيوم السابق.. تقارير مصرية تؤكد تعاقد الأهلي المصري مع زيزو    وزير الخارجية يصل إلى الولايات المتحدة في زيارة رسمية    أمير منطقة تبوك يستقبل وكلاء ومنسوبي الامارة بمناسبة عيد الفطر    الاستثمار الرياضي يناقش تطوير البنى التحتية    إطلاق اختبارات "نافس" في جميع المدارس الابتدائية والمتوسطة    مباحثات لتعزيز التعاون الدفاعي بين السعودية والعراق    الخبر تتقدم 38 مركزاً في مؤشر المدن الذكية لعام 2025 وتحقق المركز 61 عالمياً    رئاسة الافتاء تصدر كتابا علمياً عن خطر جريمة الرشوة على الفرد ومقدرات الوطن    عسير في خريطة العمارة السعودية.. تعزيز لأصالة البناء وجماليات التصميم    تتجاوز نصف إجمالي الشرق الأوسط.. السعودية الأسرع نموا في الطاقة المتجددة بين «العشرين»    القمة الثلاثية تطالب بوقف إطلاق النار ودعم دولي للسلطة الفلسطينية    هل هناك رقم مقبول لعدد ضحايا حوادث المرور؟    "الحج" تحدد غرة ذي القعدة "آخر موعد".. و"الداخلية": 100 ألف ريال غرامة تأخر مغادرة الحجاج والمعتمرين    لك حق تزعل    نقاط التحول    الساعة    رجال الأمن صناع الأمان    الرئاسة العامة لهيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر تنظِّم لقاء معايدة    العلاقة بين وسائل التواصل والتربية السليمة    استقبل ونائبه المهنئين بعيد الفطر.. المفتي: حريصون على نشر العلم الشرعي بالأحكام العامة والخاصة    صدح بالآذان 40 عاماً .. الموت يغيب المؤذن محمد سراج ليلة العيد    "البصيلي": يستقبل المهنئين بعيد الفطر المبارك    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الهجوم على مقر القيادة في روالبندي كان انتقاماً متأخراً من مشرف ؟. الإسلاميون والجيش في باكستان في علاقة ملتبسة منذ الاستقلال
نشر في الحياة يوم 22 - 10 - 2009

كان الجيش، منذ انشاء دولة باكستان يوم 14 آب أغسطس 1947، هو القوة الثابتة الوحيدة في ذلك البلد، وإذا كان العسكر قد تحالفوا مع قوى محلية أخرى، مثل البيروقراطية الإدارية التي وقفت مع انقلاب الجنرال أيوب خان عام 1958 ضد الأحزاب المدنية أو الإسلاميين مع الجنرال ضياء الحق عام 1977 ضد ذوالفقار علي بوتو أو الجنرال برويز مُشرف في انقلابه على رئيس الوزراء نواز شريف حيث ظل"الإسلاميون"لسنتين خلف مشرف حتى 11 أيلول/ سبتمبر 2001، فإن تلك القوى لم تكن ثابتة القوة مثل المؤسسة العسكرية.
مع هذا، فإن علاقة الإسلاميين مع العسكر تظل علاقة ذات طابع خاص هي أبعد من علاقة أولئك المئات الذين كانوا يمثلون قمة ونخبة كادر جهاز الخدمة المدنية التي يغطي مئات الآلاف من أفرادها الشبكة الإدارية لباكستان، وهي كذلك أيضاً بالمقارنة مع علاقة ذو الفقار علي بوتو وحزبه المتقلبة مع الجنرال أيوب خان أو مع خليفته الجنرال يحيى خان 1969-1971 الذي حالفه بوتو ضد مجيب الرحمن زعيم حزب"رابطة عوامي"في باكستان الشرقية الفائز في انتخابات البرلمان الباكستاني عام1970. أتت هذه العلاقة الخاصة من الطابع الديني في تكوين دولة باكستان التي أرادها المؤسس محمد علي جناح"دولة لمسلمي الهند"، فيما أرادها أبو الأعلى المودودي، زعيم ومؤسس تنظيم"الجماعة الإسلامية"عام1941،"دولة إسلامية".
قدمت"الجماعة الإسلامية"، التي جاء مؤسسها الى باكستان من ولاية حيدر آباد جنوب الهند حيث ان المسلمين أقلية في تلك الولاية، امتداداً للدولة الناشئة في اقليم كشمير، الذي نشبت الحرب مع الهند في شأنه بعد أشهر من قيام باكستان، من خلال تنظيم"الجماعة الإسلامية في كشمير"وذراعه العسكري المسمى"حزب المجاهدين"، حيث كان هذا التنظيم الكشميري القوي ينادي بوحدة الاقليم مع باكستان بخلاف تنظيمات كشميرية قوية منافسة مثل"جبهة تحرير جامو وكشمير"المطالبة بدولة مستقلة. وكانت"الجماعة الإسلامية"الذراع المدني الباكستاني الذي رعى ملايين اللاجئين الأفغان في الإقليم الشمالي الغربي الحدودي فترة ما بعد غزو 1979 السوفياتي لأفغانستان عبر المدارس والمستشفيات، وكانت أيضاً الراعي لتنظيمات"المجاهدين"الأفغان التي أصبحت مقراتها في بيشاور، بالتنسيق مع الإستخبارات العسكرية الباكستانية، وهو ما استمر في تسعينات القرن العشرين لما تعاونا من أجل مد النفوذ الباكستاني ليس فقط الى كابول وإنما أبعد شمالاً نحو الجمهوريات الإسلامية السوفياتية السابقة.
لم تصطدم هذه الجهود فقط بصراعات"المجاهدين"بين عامي 1992 و1996 حول من يسيطر على كابول: حكمتيار أم أحمد شاه مسعود، وإنما تضعضعت أيضاً من خلال رعاية وزير داخلية حكومة بنازير بوتو تشرين الأول/ أكتوبر 1993 - تشرين الثاني/ نوفمبر 1996 لعملية تكوين حركة"طالبان"عبر نواة تمثلت في طلاب بعض مدارس اللاجئين الأفغان التي كان يرعاها السلفيون الباكستانيون المعادون بقوة لأصولية تنظيم"الجماعة الإسلامية"، وكانت سيطرة"طالبان"على كابول في أيلول سبتمبر 1996 ليست فقط ضربة لشاه مسعود الذي لجأ الى الشمال أو لحكمتيار الذي ذهب إلى طهران، وإنما كذلك إلى"الجماعة الإسلامية"ومن خلفها المؤسسة العسكرية الباكستانية. صحيح أن باكستان اضطرت في عهد نواز شريف تشرين الثاني 1996- تشرين الأول 1999 إلى دعم"طالبان"ضد"تحالف الشمال"بقيادة مسعود الذي دعمه مناوئو إسلام آباد في نيودلهي وطهران وموسكو وهو ما استمر أيضاً لعامين أعقبا انقلاب الجنرال مشرَف حتى 11 أيلول 2001، إلا أن ضرب البرجين في نيويورك في ذلك اليوم من قبل انتحاريي بن لادن المقيم في أفغانستان تحت رعاية"طالبان"أجبر الجنرال الحاكم في إسلام آباد على الاختيار بين واشنطن والإسلاميين، سواء كانوا باكستانيين أم أولئك المقيمين أو الحاكمين في بلاد الأفغان، كما اضطره إلى إقالة رئيس الإستخبارات العسكرية الجنرال محمود أحمد الذي كان يظهر ميولاً إسلامية مثل سابقه الجنرال حميد غول في الثمانينات.
ربما، كان انشقاق العسكر والإسلاميين الباكستانيين، الحاصل منذ 11 أيلول، من أهم الأحداث الفاصلة في تاريخ باكستان، يصل بتأثيراته وتداعياته إلى مرتبة أحداث كبرى مثل انفصال باكستان الشرقية عام 1971، حيث أن المشهد الباكستاني قد تحدد في شكل رئيس بالسنوات القليلة الماضية عبر هذا الإنشقاق، والذي كان موضوعه كابول - واشنطن، وهو الذي وحّدَ الإسلاميين وعسكر باكستان في الثمانينات ضد السوفيات، ليعود ويفرقهما هذا الموضوع بعد ضرب البرجين وما أعقبه بأسابيع من غزو أميركي لأفغانستان أيده مضطراً الجنرال مشرَف، على رغم كونه قد جلب إلى كابول كل أعداء باكستان في بلاد الأفغان، من طاجيك وأوزبك وهازارا، وأطاح بحكم"طالبان"المدعومة من أكثرية قومية الباشتون 60 في المئة ذات الروابط مع إسلام آباد.
هنا، وصلت تداعيات هذا الإنشقاق حتى حدود العنف المسلح: محاولتا اغتيال الجنرال مشرَف في عشرة أيام 14- 25 كانون الأول/ ديسمبر 2003، أحداث المسجد الأحمر في صيف 2007، وصولاً إلى مواجهات 2009 في وادي سوات ومقاطعة وزيرستان بين الجيش وحركة"طالبان باكستان"التي تعطي عنواناً لانتقال ثقل الإسلاميين من أصوليي"الجماعة الإسلامية"إلى سلفيين باكستانيين يقتدون بطالبان أفغانستان بخلاف معادلة الثمانينات بين الجماعة الإسلامية الباكستانية والتنظيمات الأفغانية، أو معادلة التسعينات لما ولدت حركة طالبان الأفغانية من رحم السلفيين الباكستانيين. كان هذا العنف الذي وصل الى ذروة معينة في صيف 2007 هو الدافع لدى واشنطن للضغط على الجنرال مشرَف من أجل عقد صفقة مع بناظير بوتو في خريف ذلك العام تتيح مشاركة"ما"بين العسكر والأحزاب المدنية ضد الإسلاميين، وهو ما مهدَ، على رغم اغتيال بوتو في الأسبوع الأخير من عام 2007، للإنتخابات البرلمانية شباط 2008 ثم لإستقالة مشرَف بعد ستة أشهر، ولإقامة ثنائية حاكمة من حزب الشعب زرداري - جيلاني مع المؤسسة العسكرية، لم تستطع أن تنهي أو تهدئ، بعد، الإضطراب الباكستاني.
إذا كان زعيم"طالبان باكستان"المقتول، بيت الله محسود هو المسؤول عن اغتيال بناظير، فأن تسمى المجموعة المسلحة، المقتحمة يوم 10 تشرين الأول 2009 للمقر العام للجيش الباكستاني في روالبندي والذي يضم الهيئة العامة للأركان نفسها، باسم"مجموعة أمجد فاروقي"تحوي دلالات أكبر، وهو الذي أشارت المعلومات حتى مصرعه في أيلول 2004 إلى كونه المخطط الرئيس لمحاولتي اغتيال الجنرال مشرَف، الذي ينتمي إلى اقليم البنجاب الذي كان المورِد الأكبر لفئة الضباط الباكستانيين منذ عام1947.
* كاتب سوري
نشر في العدد: 17002 ت.م: 22-10-2009 ص: 21 ط: الرياض


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.