أعلن مؤتمر الأممالمتحدة للتجارة والتنمية اونكتاد أن سنة 2008 تسجل نهاية مرحلة نمو الاستثمار الدولي المباشر التي بدأت عام 2004، وبلغت ذروتها في 2007 باستثمارات بلغت 1.8 تريليون دولار. ويلحظ تقريرٌ صدر أمس عن المؤتمر أن الأزمة المالية والاقتصادية العالمية"انعكست على معدلات تدفق الاستثمار الأجنبي المباشر لسنة 2008 فتراجعت 20 في المئة، مع توقعات بمزيد من التراجع في 2009، بعد أن تتكشف آثار الأزمة كاملة على أرباح الشركات المتعددة الجنسية. ويشير خبراء إلى أن انخفاض الاستثمار الأجنبي المباشر في العالم بين 2008-2009 هو نتيجة عاملين اثنين يؤثران على الصعيدين المحلي والاستثمار الدولي. يتمثل العامل الأول بتراجع قدرة الشركات على الاستثمار، لانحسار موارد المال اللازمة، نتيجة انخفاض أرباح الشركات وارتفاع تكاليف التمويل، وربما إلى عدم توفره في الأصل بسبب أزمة المال العالمية.پفيما يشكل التأثير السلبي على الرغبة في الاستثمار من خلال ما توصف بالفرص الاقتصادية، بخاصة في البلدان المتقدمة التي تعرضت لركود اقتصادي حاد، العامل الثاني. ويجتمع العاملان في ترسيخ حقيقة أنه، اعتباراً من مطلع 2009، باتت الشركات تدرك درجة الأخطار الاستثمارية العالية جداً، ما دفعها إلى الحد من التكاليف وبرامج الاستثمار، فأدى إلى مزيد من تدهور بيئة الأعمال التجارية. ويشير التقرير - الذي حصلت الحياة على نسخة منه - إلى أن"مواجهة الركود الاقتصادي العالمي وتشديد شروط الائتمان وانخفاض أرباح الشركات والتوقعات المتشائمة وعدم الثقة في النمو الاقتصادي العالمي، دفعت شركات كثيرة إلى الحد من إنتاجها وتسريح عمالها وخفضت نفقات رأس المال". ويعتقد الخبراء أن تلك العوامل مجتمعةً"قادت إلى تراجع واضح في الاستثمار الأجنبي المباشر، مع الأخذ في الاعتبار اختلاف تأثير الأزمة من منطقة إلى أخرى، ما يؤثّر تالياً على تدفق الاستثمار الأجنبي المباشر جغرافياً". پالدول الكبرى تتراجع ووفق بيانات التقرير، تعرّضت الدول ذات النمو الاقتصادي المتقدم إلى انخفاض واضح في تدفق الاستثمار الأجنبي المباشر بنسبة 33 في المئة، مقارنة بما كان عام 2007، وانعكس هذا الانخفاض على عائدات تلك الدول، فأثرت على استثمارات شركاتها الكبرى. وتتراوح معدلات انخفاض الاستثمارات المباشرة في أوروبا على سبيل المثال، بين نحو 174 في المئة في فنلندا ونحو 8 في المئة في بولندا، ولم تنجُ سوى أسبانيا والسويد ورومانيا وتشيخيا والدنمارك. بينما انخفضت الاستثمارات في اليابان 22 في المئة وفي الولاياتالمتحدة بنسبة 5.5 في المئة. وأدت الأزمة أيضاً إلى تراجع عمليات اندماج الشركات الكبرى وشراء المؤسسات الصناعية في الدول المتقدمة، 33 في المئة، ويشكل الاندماج والشراء قنوات تدفق الاستثمار الأجنبي المباشر عبر الحدود. پالدول النامية تستفيد في المقابل كان تدفق الاستثمارات الأجنبية المباشرة أكثر مرونة نحو البلدان النامية والبلدان ذات الاقتصادات الناشئة، وحقق زيادة في حدود 3.6 في المئة على رغم تعرضها بصورة مباشرة أو غير مباشرة، إلى تداعيات أزمة المال العالمية. وشهدت الاستثمارات الأجنبية في أفريقيا زيادة ملحوظة في 2008 نسبتها 17 في المئة على رغم تفاوتها من بلد إلى آخر، فتراجعت على سبيل المثال في مصر والمغرب 5.6 في المئة و7 في المئة لكل منهما على الترتيب. وقفزت الاستثمارات في دول أميركا الجنوبية 12.7 في المئة، واستفادت منها أغلب اقتصادات القارة، في حين أدى اعتماد دول أميركا الوسطى على الاقتصاد الأميركي إلى انخفاض الاستثمارات المتوجهة إلى المكسيك 17 في المئة. أما في آسيا فتراجعت الاستثمارات الأجنبية المباشرة 2.2 في المئة، وكانت سنغافورة وتركيا وإندونيسيا الأكثر تضرراً بتراجع نسبته 57 و25 و21 في المئة على الترتيب. ويركز تقرير"أونكتاد"على أن مجموعة الدول ذات الاقتصاد المتنامي مثل روسياوالهندوالصين والبرازيل، نجحت في زيادة حجم الاستثمارات الأجنبية المباشرة إليها، فكانت الزيادة في الهند 60 في المئة والبرازيل 20 وروسيا 17 واكتفت الصين وهونغ كونغ بزيادة 13 في المئة. نشر في العدد: 16730 ت.م: 23-01-2009 ص: 18 ط: الرياض