انتقد تقرير مؤتمر الأممالمتحدة للتجارة والتنمية (اونكتاد) السنوي حول سياسات الاستثمار الوطنية والدولية، توجهات دول مجموعة العشرين لعدم اتخاذها تدابير ضد سياسة تقييد الاستثمارات الأجنبية سواء على الصعد الوطنية أو الدولية، «ما لا يترك أي مجال للشعور بالرضا تجاه تلك السياسات»، وفق التقرير. وحذر التقرير، الصادر الأسبوع الفائت، من عدم وجود مجال للتهاون، عندما يمكن أن تؤدي برامج حفز الاقتصاد، إلى ما يمكن أن توصف بأنها إجراءات حمائية «ذكية»، علاوة على ذلك، وفق «أونكتاد»، فإن الضغوط الحمائية قد تنشأ من انتشار الأزمة في أقل القطاعات الاقتصادية والدول المتضررة منها، ويمكن أن تؤدي إلى ظهور موجة جديدة من «القومية الاقتصادية» في أعقاب الأزمة، عندما تقوم الدولة بحماية «رمز اقتصادي وطني» من جهات أجنبية. ويقول خبراء «أونكتاد» إن الاستثمارات الأجنبية المباشرة قد هبطت في الربع الأول من هذه السنة 54 في المئة، مقارنة بالفترة ذاتها من العام الماضي، ويحتمل أن تبقى تلك النسبة على حالها حتى نهاية السنة. وانخفضت عمليات شراء الشركات وبيعها ونشاطات الاندماج، وهي أيضاً أحد أهم أنواع الاستثمارات، 77 في المئة خلال الفترة ذاتها. وسجلت دول تستقطب الاستثمارات مثل البرازيل والصين وروسيا، تراجعاً في تدفق رؤوس الأموال على مشروعاتها، وهمدت حركة الاستثمارات في مشروعات دولية أو مشتركة من دول مثل فرنسا وألمانيا واليابان. ويعزو الخبراء التراجعات إلى التباطؤ الاقتصادي الدولي وانخفاض قيمة أصول الشركات والموجودات. ويشير التقرير، إلى أهمية الاستثمارات الأجنبية لتمويل الانتعاش للخروج من الأزمة العالمية، وإعادة تحقيق النمو والاستقرار سواء في البلدان المتقدمة أو النامية، ويشدد على أن أي جهود لإصلاح مؤسسات النظام المالي العالمي يجب أن تعالج أيضاً بنظام تفاعلي متكامل . ويخلص التقرير إلى أن 39 من الدول الإثنتين والأربعين التي شملتها الدراسة الاستقصائية، أتمّت نحو 167 تدابيراً في السياسة العامة للاستثمارات، 24 في المئة منها تناولت على وجه التحديد الاستثمار الأجنبي، و76 في المئة جاءت كجزء من الإطار القانوني العام، الذي يمكن أن ينطبق على الاستثمارات الأجنبية. واتخذت ثمانية بلدان تدابير تخص الاستثمار الأجنبي و7 بلدان سنت قوانين وأنظمة تخص عمل فروع الشركات الأجنبية، وثلاث دول غيرت قوانينها الضريبية ذات الصلة، في مقابل خمسة بلدان فقط اعتمدت إجراءات تهدف إلى تسهيل تدفق الاستثمارات هي استراليا وكندا والصين والهند وإندونيسيا. ويجد خبراء «أونكتاد» أن إعادة النظر في اتخاذ تدابير محددة للاستثمار خطوة إيجابية، إذ اعتمدت دول تدابير تسهل دخول المستثمرين الأجانب، من طريق فتح قطاعات كانت مغلقة سابقاً أمام الاستثمار الأجنبي أو من خلال إزالة الحدود القصوى لهذا الاستثمار، أو تيسير مشاريع الاستثمار الأجنبي في البلدان المضيفة بمنح حوافز محددة. في المقابل، تفيد الدراسة بأن الفترة بين تشرين الأول (أكتوبر) 2008 وحزيران (يونيو) 2009 شهدت تطورات تتمثل في ظهور قوانين وأنظمة جديدة، يمكن أن توصف بأنها «مقيدة» تجاه الاستثمار الأجنبي المباشر، بدلاً من أن تؤدي الأزمة إلى تشجيعه وتسهيل الإجراءات المتعلقة به. ورأى خبراء «أونكتاد» أن التدابير المتصلة بالاستثمار مثل المعونة المقدمة من الدولة أو مختلف برامج حفز الاقتصاد التي سنتها أغلبية البلدان رداً على أزمة المال والاقتصاد، هي إجراءات إيجابية، من بينها تدابير الاستثمار المتعلقة بقضايا الضرائب عموماً وخفض الضريبة على الشركات أو سن تغييرات في الضرائب أو حجب العلاوات الضريبية فضلاً عن إدخال تغييرات على قوانين الإفلاس أو قوانين الشركات. ووجد الخبراء تطورات على صعيد سياسة الاستثمار الدولي إذ أبرم 27 بلداً معاهدات استثمار ثنائية بين تشرين الأول 2008 وحزيران الماضي، إلى جانب معاهدات منع الازدواج الضريبي ما يساعد على تحرير الاستثمارات وتعزيزها وحمايتها. وتستند «أونكتاد» في تقريرها إلى قوانين الاستثمار واللوائح ذات الصلة واتفاقات الاستثمار الدولية التي تتناول على وجه التحديد، إما الاستثمار الأجنبي أو الإطار القانوني. ويأتي التقرير تطبيقاً لمسؤولية «أونكتاد» في رصد تطورات سياسات الاستثمار وآثارها في التنمية، في وقت يشهد العالم انخفاضاً سريعاً للاستثمارات الأجنبية المباشرة، كما يهدف إلى المساهمة في جهد مشترك من منظمة التجارة العالمية وصندوق النقد الدولي ومنظمة التعاون الاقتصادي والتنمية للاستجابة إلى قرار قمة العشرين التي عقدت في لندن مطلع نيسان (أبريل) الماضي، بضرورة تقديم تقارير دورية عن مستوى الحفاظ على التجارة والاستثمار ونظم تجنب إجراءات الحماية الاقتصادية.