كثفت البنوك المركزية حول العالم، وعلى رأسها البنك المركزي الأميركي، امس جهودها لدعم القطاع المالي العالمي. وكان لافتاً تدخل البنك المركزي الروسي بقوة لإنقاذ الأسواق الروسية التي كانت الأشد تأثراً بالتطورات الأميركية. واعلن مجلس الاحتياط الفيديرالي الاميركي البنك المركزي انه سيضخ 180 بليون دولار من السيولة في الاسواق المالية في اطار تحرك يجري بالتنسيق مع البنوك المركزية العالمية. وافاد انه عقد اتفاقات تبديل نقدي بالدولار أي"سواب" مع كل من"البنك المركزي الاوروبي"وپ"البنك الوطني السويسري"وپ"بنك انكلترا"وپ"بنك اليابان"وپ"بنك كندا"، ما يسمح لهذه البنوك المركزية بتسليف بعضها البعض سيولة على المدى القريب حين يكون احدها بحاجة الى ذلك لتثبيت النظام المالي في بلاده. وأفادت تقديرات بأن المصارف المركزية الستة ضخت منذ أول من أمس 247 بليون دولار في أسواق المال. وأعلن"بنك انكلترا"المركزي عن بدء عمليات اعادة تمويل بالدولار بين البنوك المركزية لپ"تهدئة الضغوط في الأجل القريب التي لا تزال كبيرة في الاسواق". واضاف انه سيتيح للمصارف البريطانية ثلاثة أشهر اضافية لمبادلة الاصول المحفوفة بالأخطار بأوراق دين حكومية، ممدداً لبرنامج كان من المقرر ان ينتهي في تشرين الأول أكتوبر المقبل بسبب الاضطرابات الاخيرة في الاسواق المالية، ووافق على عرض شراء"لويدز تي إس بي"لنظيره"إتش بي أو إس". روسياوالصين وتعهّدت السلطات الروسية بتقديم 25 بليون دولار اخرى لدعم الاسواق المالية الروسية أمس، ليرتفع حجم الدعم الحكومي الطارئ المتاح للاسواق المالية الى 130 بليون دولار، بعد ان استمر توقف تداول الاسهم لليوم الثاني على التوالي في البورصة الروسية التي منيت اسواقها بأسوأ خسائر في عقد، في حين انخفضت احتياطات البلاد الضخمة من النقد نحو 13 بليون دولار في أسبوع واحد، الى 560.3 بليون دولار، مع تحرك الحكومة لحماية الروبل الروسي من تأثير فرار رؤوس الاموال من البلاد. وقدر المحللون ان المستثمرين سحبوا من روسيا نحو 36 بليون دولار منذ اوائل اب اغسطس الماضي بعد تزامن الحرب مع جورجيا مع انخفاض أسعار النفط والتقلبات المالية العالمية. واستمرت المخاوف في شأن القطاع المصرفي الروسي بعد ان توقفت عمليات الاقراض بين المصارف تقريباً وتدخل صندوق حكومي لانقاذ شركة"كيت فاينانس للسمسرة"، فاعلنت شركة"ليدر"التابعة لشركة الغاز الحكومية العملاقة"غازبروم"للغاز انها ستشتريها. وفي الصين، بدأت الحكومة الصينية أمس شراء اسهم في اهم ثلاثة مصارف صينية، لدعم اسعارها في البورصة. وبدأ صندوق"سنترال هويجين انفستمنت"الحكومي، المتخصص بدعم المصارف الصينية، بتعزيز مواقعه في"البنك الصناعي والتجاري"الصيني وپ"بنك الصين"وپ"بنك البناء الصيني". وألغت السلطات الصينية بدءاً من اليوم الضريبة على شراء الاسهم، البالغة 0.1 في المئة، في مسعى لدعم اسواق المال المحلية والمستثمرين. وسعت الحكومة الاميركية في وقت متقدم أول من أمس إلى جمع 40 بليون دولار في محاولة لتعزيز القوة المالية للبنك المركزي الأميركي للتصدي لأزمة الثقة التي تهز أسواق المال الأميركية. واعلنت وزارة الخزانة الاميركية انها ستبيع 40 بليون دولار من اذون الخزانة قريبة الاجل، بناء على طلب البنك المركزي الأميركي لمساعدته على"التحكم بشكل أفضل في موازنته العمومية. واعلنت انها ستقيم مزاداً لبيع اذون قريبة الاجل بقيمة 60 بليون دولار في شريحتين متساويتين لاجل 20 يوماً و76 يوماً. وكانت الشركات تهافتت على شراء أذون الخزانة التي عرضها المركزي الاميركي في ثلاثة مزادات أول من أمس، حيث تقدمت بعروض قياسية لاقتراض 35 بليون دولار من اذون الخزانة لاجل 28 يوماً. وأعرب محللون عن قلقهم من"تحميل موازنة الحكومة الاميركية مزيداً من الديون"، ما يعني"تشغيل المطابع لطبع مزيد من اوراق النقد". وضخت البنوك المركزية الاسيوية مزيداً من السيولة في اسواق التمويل قريب الاجل، وبادر كثير من البنوك المركزية الأوروبية إلى التخفيف من تدخلها لدعم السوق وسط هدوء ساد بعد الارتفاعات الحادة الاخيرة في كلفة القروض قريبة الاجل خلال اليومين الماضيين. واعلن البنك المركزي الياباني أمس انه سيضخ 1.5 بليون ين 14 بليون دولار اضافية في التداول المصرفي الياباني لمواجهة نتائج الازمة المالية في الولاياتالمتحدة، ليرتفع حجم تدخله في الاسواق المحلية الى سبعة بلايين ين 67 بليون دولار منذ مطلع الاسبوع. وتوقع رئيس صندوق النقد الدولي دومينيك ستراوس - كان حصول مزيد من المتاعب، فيما وصف وزير الخزانة الاميركي السابق روبرت روبن الأزمة بانها"أسوأ أزمة منذ الثلاثينات من القرن الماضي". "لويدز تي إس بي"يشتري"إتش بي أو إس" وفي بريطانيا، توصل مصرف"لويدز تي اس بي"البريطاني أمس إلى شراء نظيره"إتش بي أو إس"المتخصص في الرهون العقارية في صفقة قيمتها 12.2 بليون جنيه استرليني 21.7 بليون دولار وحظي بتشجيع من الحكومة البريطانية على رغم ان الكيان الجديد سيقتطع 28 في المئة من سوق الرهون العقارية المحلية. وسيعرض لويدز 0.83 من أسهمه لكل سهم من أسهم"إتش بي أو إس"، وتوقع ان تدعم الصفقة أرباحه السنوية بأكثر من بليون جنيه استرليني بحلول عام 2011 من خلال خفض النفقات وزيادة نصيب السهم من الارباح بنسبة تزيد على 20 في المئة سنوياً. وطاولت اشاعات الاندماج مصرف"مورغان ستانلي"، وهو ثاني أكبر مصرف استثماري اميركي وپ"بنك واشنطن ميوتشوال". وامتد هوس الاندماج الى قطاعات أخرى، إذ تجري شركة"كونستليشن انرجي"الاميركية للكهرباء محادثات مع أطراف أخرى حول امكانية الاندماج معها بعد انخفاض سهمها 58 في المئة بفعل مخاوف المستثمرين من ان تضر الازمة الائتمانية بنشاطها. صندوق النقد وتوقع صندوق النقد الدولي ان"تواجه الاسواق المالية ضغوطاً كبيرة طيلة 2008 وخلال القسم الاكبر من 2009"، مشيراً الى ان"خطر تفاقم الظروف المالية يبقى جدياً". وخفض توقعاته للنمو العالمي الى 3.9 في المئة للعام الجاري و3.7 في المئة للعام 2009 بحسب مسودة التقرير الذي سيصدره في تشرين الأول اكتوبر المقبل التي وضعت هذه التوقعات قبل تدهور للاوضاع في الاسواق المالية وهي قابلة للتعديل، بسحب وكالة"أنسا"الإيطالية. وكان توقع منتصف تموز يوليو الماضي ان تبلغ نسبة النمو في الاقتصاد العالمي 4.1 في المئة في عام 2008 و3.9 في المئة للعام 2009. وبالنسبة إلى الولاياتالمتحدة، ابقى الصندوق على توقعاته السابقة للنمو التي بلغت 1.3 في المئة في 2008، لكنه خفض توقعاته للعام 2009 من 0.8 في المئة الى 0.7 في المئة. وخفض توقعات النمو ل"منطقة اليورو"من 1.7 في المئة الى 1.4 في المئة للعام الجاري ومن 1.2 في المئة الى 0.9 في المئة للعام المقبل، ولليابان من 1.5 في المئة الى 1 في المئة للعام 2008 و1.1 في المئة للعام 2009. وبالنسبة الى الصين، ابقى الصندوق على توقعاته السابقة عند 9.7 في المئة للعام الجاري و9.8 للعام 2009، وخفضها بالنسبة الى الهند من 8 في المئة في كل من عامي 2008 و2009، الى 7.9 في المئة في العام الجاري و7.7 في المئة في 2009. أسواق الأسهم واستأنفت اسواق المال في منطقة آسيا المحيط الهادئ تراجعها الحاد أمس متأثرة ب"بورصة نيويورك"بسبب مخاوف المستثمرين من كوارث جديدة في القطاع المالي، اثر تأميم مجموعة التأمين الاميركية العملاقة"ايه آي جي". وبددت الاسهم الاوروبية خسائرها المبكرة وتحولت للصعود تقودها المصارف بعد ان ضخت بنوك مركزية كبرى بلايين الدولارات في أسواق القروض قريبة الاجل لتخفيف أزمة السيولة. وارتفع مؤشر"يوروفرست 300"الرئيس لاسهم الشركات الكبرى 1.1 في المئة الى 1081.92 نقطة. وفي طوكيو، هبط مؤشر"نيكاي"القياسي للاسهم اليابانية 2.2 في المئة ليغلق على أدنى مستوى في ثلاث سنوات تقوده الاسهم المالية مع تجدد المخاوف في شأن الائتمان. وجاء الهبوط بعد يوم من ارتفاع الاسهم في بورصة طوكيو مدعومة بمشاعر الارتياح من خطة الانقاذ الاميركية. وفقد مؤشر"نيكاي"القياسي لاسهم كبرى الشركات اليابانية 260.49 نقطة ليغلق على 11489.30 نقطة، مسجلاً أدنى مستوى اغلاق منذ حزيران يونيو عام 2005. وهبط مؤشر"توبكس"الاوسع نطاقاً 2.1 في المئة الى 1097.68 نقطة. وتراجع مؤشر"بورصة هونغ كونغ"7.38 في المئة وبانكوك 5.82 في المئة وسجلت شنغهاي خسائر بلغت 1.70 في المئة. واغلقت"بورصة سيول"على تراجع 2.30 في المئة وسيدني 2.43 في المئة وبومباي 3.54 في المئة.