انعكس توقيع اتفاق المصالحة في طرابلس أول من أمس، ارتياحاً في صفوف المواطنين الذين رسموا على مدى الأشهر الأخيرة خطوط تماس وهمية للفصل بين المناطق المتوترة على وقع اختلاف سكانها الطائفي والمذهبي، إضافة إلى ما أفرزته الاشتباكات المتكررة من هجرة سكانية من المناطق المختلطة طائفياً، وتراجعاً في حركة السوق الاقتصادية وإقفالاً للمحال والمتاجر لأيام طويلة. ومنذ مساء أول من أمس، بدا الوضع في الشمال أكثر طبيعية، إذ أمنت المصالحة السياسية مظلة لحال التهدئة التي تعيشها منطقة باب التبانة - جبل محسن ومحيطها، ففتحت المتاجر والمؤسسات أبوابها، ولوحظت عودة بعض العائلات إلى المنازل بعدما هربت منها خلال الاشتباكات. وينصب الاهتمام الآن على ضرورة العمل، في المرحلة المقبلة، على معالجة بؤر الحرمان وإنماء المنطقة اقتصادياً وإيجاد فرص العمل لمعالجة مشكلة التطرف، مع ضرورة تضافر جهود القطاع الخاص إلى جانب الدولة لمعالجة المشاكل المتفاقمة. وأرخت المواقف الإنمائية التي أطلقها رئيس كتلة"المستقبل"النائب سعد الحريري منذ اليوم الأول لوصوله إلى الشمال، إلى جانب المصالحة السياسية، بظلالها إيجاباً على الوضع العام في المنطقة. فالحريري أولى المشاريع الإنمائية والبنى التحتية اهتماماً كبيراً، معتبراً أن معالجة بؤر التوتر تتم أيضاً من خلال معالجة بؤر الحرمان، وذلك عبر إيجاد فرص عمل وتنفيذ المشاريع التي خصت بها الدولة المنطقة، مثل توسيع مرفأ طرابلس - المعرض وتأهيل مطار الرئيس الشهيد رينيه معوض ومشاريع أخرى، إضافة إلى المشاريع التي كان الحريري في زيارته السابقة لطرابلس تولى نفقاتها باسم عائلة الرئيس الشهيد رفيق الحريري، في طرابلس خصوصاً والشمال عموماً، وقد بوشر بوضع الحجر الأساس لعدد منها وبدأ التنفيذ. ... ومطالبة بنقل التجربة الى مناطق أخرى وشكر رئيس كتلة"المستقبل"النائب سعد الحريري، للرئيس السابق للحكومة سليم الحص في اتصال هاتفي، موقفه"الداعم"لتوقيع وثيقة المصالحة في طرابلس ليل أول من أمس. كما اتصل الحريري بنائب رئيس مجلس الوزراء السابق عصام فارس، ووضعه في أجواء وثيقة المصالحة وزيارته عكار. وأشاد"منبر الوحدة الوطنية"، بعد اجتماعه برئاسة الحص ب"المبادرة التي قام بها النائب الحريري في توجهه إلى طرابلس"، مشيداً ب"النتائج التي أسفرت عنها المساعي إذ تكللت بالنجاح، ونرجو أن تكون أنموذجاً يحتذى في مناطق أخرى من لبنان تشهد حالات متقطعة من التوتر تنذر أحياناً بالتفجر"، كما أشاد ب"الدور البناء والمتميز الذي أداه ويؤديه مفتي طرابلس الشيخ مالك الشعار". وعلق المنبر على"الحملة التي شنت على الرئيس السوري بشار الأسد من جانب جهات سياسية معينة"، معتبراً أنها"كانت في كثير مما قيل في غير محلها ومبالغاً فيها، فبعض الكلام الصادر عنه كان يمكن أخذه على محمل الإيجابية لو أحسنا الظن"، مجدداً دعوته الأسد الى"أن لا يفكر بعقد محادثات مباشرة مع العدو الصهيوني للتوصل إلى سلام معه إلا في إطار تلازم المسارات العربية الثلاثة، أي الفلسطيني والسوري واللبناني". وأبدى نائب رئيس مجلس النواب فريد مكاري ارتياحه إلى نجاح الحريري وجهوده في"وأد مشروع الفتنة في طرابلس، قبل أن يمتد ليتوالد في كل أنحاء لبنان". ورأى"أن المصالحة تثبت قدرة اللبنانيين على حل أمورهم بإرادتهم الوطنية الجامعة، من دون تدخل من أحد، وفي الوقت نفسه تقطع الطريق أمام كل من يتوسل العودة مجدداً الى الساحة اللبنانية من باب زعزعة الأمن والسلم الأهلي وعلى حساب سيادة لبنان". وقال مكاري:"ان الزخم الذي وفره تحرك الحريري لعملية المصالحة، سيعود بالخير، ليس على الطرفين المتصالحين فحسب، بل على كل أبناء طرابلس والشمال، مسلمين ومسيحيين، وأملنا بأن تمتد عدوى المصالحة الطرابلسية، فيتم تحصينها من خلال تعميم المشهد على الواقع اللبناني برمته". ودعا إلى"تدعيم المصالحة السياسية بإجراءات أمنية، والبدء بعملية نزع للسلاح من طرابلس، وحتمية تعزيز التنمية في سبيل ترسيخ نموذج الشمال الذي هو قدوة لوحدة لبنان ولغنى تنوعه وعمق تراثه وأصالة تاريخه". ورأى وزير الدولة وائل أبو فاعور، في حديث إلى إذاعة"صوت لبنان"، أن"القطار الذي انطلق من طرابلس في إطار المصالحة، يجب أن يعمم على المناطق اللبنانية كافة، ولا سيما تلك التي شهدت اعتداءات في البقاع وفي الجبل وفي بيروت تحديداً". وأعرب عن اعتقاده ب"أن الخطوة الشجاعة التي قام بها النائب سعد الحريري والرئيس فؤاد السنيورة، تهدف ليس فقط إلى معالجة الوضع في طرابلس، بل إلى حماية السلم الأهلي في لبنان، وقطع الطريق على أي تدخل من النظام السوري أو غيره في الداخل اللبناني، وبالتالي هي مرشحة، ويجب أن تكون مرشحة، للتكرار وللقيام بها في مناطق أخرى". واعتبر النائب عبدالمجيد صالح، أن"المصالحات هي نتيجة للحوار الذي دار في طرابلس وغيرها، والخطاب السياسي الواقعي والواعي يؤسس لشبكة أمان واطمئنان على الأراضي اللبنانية كافة، وأن الخلاف كان سياسياً بامتياز ولم يكن يوماً دينياً". وأكد رئيس الهيئات الاقتصادية عدنان القصار دعم الهيئات لكل الجهود التي بذلت لتحقيق المصالحة التي تمت في طرابلس ومنطقة الشمال، وكذلك تأييد كل المواقف التي صدرت عن مختلف القيادات والتيارات والأحزاب من مختلف الاتجاهات والتي جاءت كلها داعمة ومؤيدة لهذه المصالحة. وحيّا رئيس"حزب الوطنيين الأحرار"دوري شمعون النائب سعد الحريري والرئيس السنيورة ومفتي طرابلس والشمال الدكتور مالك الشعار على"الإنجاز الكبير الذي تحقق بالمصالحة التي تمت في عاصمة الشمال، والذي من شأنه ان يقطع دابر الفتنة ويعيد جو الوئام والوفاق في هذه المنطقة العزيزة، عسى ان تنسحب هذه الخطوة على مختلف المناطق اللبنانية لينعم وطننا الحبيب بالسلام والوفاق والعيش المشترك لمواجهة أي فتنة قادمة". وحيّا مجلس نقابة المحامين في طرابلس"حكمة وشجاعة القيادات والشخصيات والقوى التي وقّعت هذه الوثيقة"، معتبراً أن"إجماعها على النقاط الواردة فيها هو التعبير الصحيح عن حقيقة طرابلس كأرض للتسامح والتعايش".