أكد رئيس الحكومة اللبنانية سعد الحريري ان «مجالنا العربي الأوسع يواجه اليوم تحديات كبيرة داخلية وخارجية لا يمكن مواجهتها الا بالمزيد من التقارب بين الحكومات العربية على المستوى السياسي والمزيد من العمل المشترك بين الشعوب العربية على المستوى الاقتصادي والاجتماعي». كلام الحريري جاء خلال الاحتفال الذي اقيم في «دار رعاية اليتيم» في صيدا لوضع حجر الأساس لبناء «معهد عبد الله الدرويش فخرو للتدريب والتأهيل المهني» أمس، بهبة من بدر عبد الله الدرويش فخرو من قطر وذلك في حضور نائب رئيس مجلس الوزراء القطري وزير الطاقة والصناعة عبد الله بن محمد العطية، الرئيس السابق فؤاد السنيورة والوزير سليم وردة والمطران ايلي حداد والمفتي محمد سليم سوسان، المفتي الجعفري محمد عسيران ورئيسة لجنة التربية والثقافة النيابية بهية الحريري وفخرو وحشد من النواب والسياسيين والأمنيين. وذكر الحريري في كلمته والده الراحل رفيق الحريري، وقال: «من بين كل ما عرفه الرئيس الشهيد في المجالات الوطنية والعملية كان أكثر ما يحب من الأعمال العمل الخيري والعمل التربوي. وها هما يجتمعان اليوم في عمل واحد نضع له الحجر الأساس، بمبادرة كريمة من الأخ السيد بدر عبد الله الدرويش فخرو الذي نشهد له بالخير الكثير من المشاريع في عكار وطرابلس وصيدا وبيروت»، شاكراً فخرو وأمير قطر الشيخ حمد بن خليفة. كما نوه بدور السنيورة في «انطلاق هذا الصرح التربوي، كما بدور جمعية رعاية اليتيم، الجمعية النموذجية في صيدا، التي تنشط منذ ستة عقود في معالجة المشاكل الاجتماعية وفي ميادين الخير على اختلافها، وبدور عمتي الحنونة معالي الوزيرة بهية الحريري». وأوضح الحريري أن «هذا التبرع الخيري، يسمح بقيام صرح تربوي، يندرج في صلب سياسة الدولة اللبنانية لمكافحة التسرب المدرسي، عبر تدريب الطاقات والموارد البشرية وفتح آفاق جديدة أمام شباب وشابات كانوا حتى أمس قريب يخرجون من دون شهادات ولا منافذ من نظام التدريس التقليدي ليسقطوا مباشرة من بعدها خارج شبكة الأمان الاجتماعية»، معتبراً أن «هذا الصرح، بما يمثله من مشاركة بين الدولة والمجتمع المدني في لبنان، وبما يمثله من عمل أخوي، بين الإثنين معاً والخيرين العرب، هو نموذج للعمل المشترك الذي نريده ليس على الصعيد الوطني فحسب، بل على صعيد منطقتنا العربية ككل». وكان فخرو عرض للمشاريع الإنمائية التي قام بها في المناطق اللبنانية كافة من الشمال مروراً ببيروت، وصيدا ومعلناً عن استمرار التبرع لجمعية رعاية اليتيم لمدة عشر سنوات أخرى. وأعلن فخرو التكفل بتحمل قسم من النفقات التشغيلية اللازمة لإدارة المركز على مدى عشر سنوات وكذلك استعداده للتجاوب مع تمني الحريري إقامة مشروع ثقافي تربوي اجتماعي تنموي جديد على ان يكون تحديد المنطقة والموقع من اختيار الحريري وتحت رعايته وحضوره يتم وضع الحجر الأساس لهذا المشروع. وذكر بأكبر مشروع خيري قدمه «في شمال لبنان والذي تم تسليم إدارته لمؤسسات الرعاية الاجتماعية في لبنان ودار الأيتام الإسلامية. و يستفيد من خدمات هذا الصرح الآلاف من أبناء عكار الأيتام والمحتاجين الذين يوفر لهم كل الخدمات الضرورية من تعليم ومنامة وطبابة ورعاية كما يحضن المجمع الحالات الاجتماعية الصعبة وذوي الحاجات الخاصة ويسدي خدمات لتمكين المرأة والتدريب المهني المعجل ويقدم نشاطات ثقافية متنوعة»، إضافة الى مشاريع أخرى. ثم عرض السنيورة لكيفية التوقيع على الهبة متمنياً لأصحاب الأيادي البيض الاستمرار في عطاءاتهم.وأشاد بمسيرة فخرو في عمل الخير، وقال: «هكذا نرى أنه بين عكار وطرابلس وصيدا وبيروت كيف دعم الأخ بدر وساهم في لبنان في كثيرٍ من المشاريع الخيرية المنتجة والتنموية معاً، للمؤسسات الخيرية والدولة اللبنانية. وفي المحصلة لعدد من اللبنانيين الذين هم بحاجة إلى الاهتمام والرعاية». وأضاف: «يكونُ علينا على سبيل الإنصاف، وذكر الفضْل لأهله، أن نذكُرَ لصاحب السموّ أمير دولة قطر المحب للبنان والحريص على تطوره وازدهاره الذي عبَّر لي منذ انطلاق هذه الأعمال الخيرية عن علمه ورضاهُ وترحيبه واستحسانه لهذه المبادرات». وعرض العطية في كلمته للمسيرة التي انتهجتها قطر لدعم لبنان منذ العدوان الإسرائيلي عام 2006 متمنياً «لهذا البلد العزيز دوام الاستقرار والازدهار»، و لحكومة الوحدة اللبنانية الوصول بلبنان الى ما يصبو اليه. وقال: «إن متابعتنا ودعمنا وتأييدنا أعمال الخير التي يقوم بها الأخ بدر تدل على حرصه وحرصنا على مساعدة أهلنا وأشقائنا من المحتاجين في لبنان الحبيب». وأشار الى أن المشروع «سيسهم أيضاً في الحد من الجوانب السلبية التي ظهرت في التسرب المدرسي في هذه المنطقة، ويوفر لأبنائها العديد من فرص العمل المهنية ويساعد في استقرار الأسر وتخفيف معاناتها. وهذا المعهد سيستوعب أكثر من 450 طالباً وطالبة من سن 13 الى 18 سنة ليتابعوا دراستهم في 16 اختصاصاً مهنياً متنوعاً بعدما منعتهم ظروفهم المادية والاجتماعية وقدراتهم الأكاديمية من إكمال مرحلة التعليم الأساسي».