بدا أمس أن ازمة القوقاز تركز على شروط الحل السياسي، بعدما وقع كل من تبيليسي وموسكو اتفاق وقف النار. فيما تركزت الجهود والاتصالات على مضمون الحل الذي يضمن وقف العمليات الحربية التي تقتصر منذ ايام على توغلات وانسحابات روسية من الاراضي الجورجية من دون ان تتوضح دوافعها. واعلن الرئيس الاميركي جورج بوش، من مزرعته في كروفورد بعد الاجتماع مع أركان فريقه للأمن القومي، ان تقدماً تحقق في حل أزمة جورجيا. واعتبر توقيعها وروسيا اتفاق وقف النار"خطوة تثير الأمل". لكنه حض موسكو على احترام الاتفاق وسحب قواتها من منطقة الصراع. وأضاف أن اوسيتيا الجنوبية وأبخازيا جزء من جورجيا و"لا مجال للنقاش في هذا الأمر". كما جددت وزيرة الخارجية الأميركية كوندوليزا رايس دعوتها روسيا الى سحب قواتها من جورجيا فوراً. لكن مسؤولا جورجيا رفيع المستوى كشف لوكالة"فرانس برس"مضمون رسالة من الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي الى نظيره الجورجي ميخائيل ساكاشفيلي تفيد بأن القوات الروسية لحفظ السلام مخولة تنظيم دوريات على مسافة كيلومترات خارج أوسيتيا الجنوبية، أي داخل الأراضي الجورجية. وذكر الرئيس الروسي ديمتري ميدفيديف أن من غير المرجح رغبة إقليمي اوسيتيا الجنوبية وابخازيا في البقاء كجزء من الدولة الجورجية، بعد التطورات الاخيرة. وأضاف أن قوات حفظ السلام الروسية ستضمن"إرادة الشعب"في الإقليمين. ,وقال مصدر عسكري روسي ل"الحياة"، إن تطبيق اتفاق وقف النار مع جورجيا وسحب القوات الروسية من هذا البلد مرهون بالشروع في تطبيق كل البنود الستة لخطة التسوية، فيما أشار خبراء روس الى أن موسكو"قررت من حيث المبدأ الاعتراف باستقلال إقليمي أوسيتيا الجنوبية وأبخازيا"عن جورجيا. راجع ص 8 وفيما تتحرك المدرعات الروسية في ايغويتي على بعد أربعين كلم عن العاصمة الجورجية تبليسي، من دون اي توضيح لهدف هذه التحركات تحت أنظار رجال الشرطة الجورجيين، أعلنت اللجنة الدولية للصليب الأحمر ان رئيسها جاكوب كلينبرغر سيزور جورجياوروسيا، لتقويم تداعيات القتال على الأوضاع الإنسانية. في غضون ذلك، دعا الرئيس التركي عبد الله غل في مقابلة نشرتها صحيفة"ذي غارديان"البريطانية، الى"نظام عالمي جديد"يسود فيه التعاون بدلاً من التحركات"الأحادية الجانب". وتعقيباً على زيارة رئيس الوزراء التركي رجب طيب اردوغان جورجيا قبل يومين، قال غل:"لا أظن انه يمكن التحكم بالعالم اجمع من مركز واحد"، في إشارة الى أميركا. واستدرك:"هناك دول كبرى وبلدان عملاقة من حيث عدد السكان وتنمية اقتصادية لا تصدق في بعض مناطق العالم، بالتالي، ما يجب ان نفعله بدلاً من التحركات الأحادية، هو التحرك سوياً واتخاذ قرارات مشتركة". وشدد على ضرورة"ولادة نظام عالمي جديد". وكان نائب رئيس هيئة الأركان الروسية الجنرال أناتولي نوغوفتسين صرح في مؤتمر صحافي اول من امس، تعليقا على الاتفاق البولندي - الأميركي على نشر الدرع الصاروخية، بان"أميركا مشاركة في دفاع مضاد للصواريخ من أجل حكومتها وليس من أجل بولندا التي بنشرها عناصر هذا النظام تعرض نفسها لضربة عسكرية، بنسبة مئة في المئة". وزاد أن روسيا تسمح باستخدام الأسلحة النووية في ظروف حددتها عقيدتها الأمنية الحالية. وعدلت الحكومة الروسية عقيدتها الأمنية الوطنية العام 2000، موسعة مجال الصراعات التي يمكن ان تستخدم فيها الأسلحة النووية. واضاف نوغوفتسين:"كتِب في شكل واضح اننا سنستخدمها في حالات ضد الحكومات التي تملك أسلحة نووية، وضد حلفاء الدول التي تملك هذه الأسلحة إذا قامت بتفعيلها في شكل ما". وكان ميدفيديف اعتبر بعد محادثات مع المستشارة الالمانية انغيلا مركل، إن"مواقع أنظمة الدفاع الصاروخي الأميركية الجديدة في أوروبا مختارة بحيث تستهدف روسيا"، فيما أكدت مركل انها ستعمل لضمان مواصلة المحادثات لإقناع روسيا بأنها ليست مستهدفة باتفاق نشر أجزاء من الدرع الصاروخية في بولندا. في غضون ذلك، أعلنت الخارجية الأوكرانية في بيان، ان أوكرانيا قد تضم"منشآتها للدفاع المضاد للصواريخ"الى نظام أوروبي أو قوى أخرى أجنبية. وأكدت الوزارة ان انسحاب روسيا من اتفاق ثنائي دفاعي هذه السنة"يتيح لأوكرانيا إمكان إقامة تعاون نشط مع دول أوروبية".