أرخت أجواء حرب باردة جديدة بين الولاياتالمتحدة، المجروحة معنويا بخسارة حليف وثيق لها جورجيا، وروسيا المستعيدة"شبابها السوفياتي"، بثقلها على المسرح الدولي امس، مع اضطرار الادارة الاميركية الى التحرك في اكثر من اتجاه في محاولة للتقليل من تداعيات النصر الميداني الذي حققه الروس في القوقاز. وفي الوقت ذاته ازدادات المؤشرات الى أزمة محتملة في اي وقت بين روسيا واوكرانيا"العاصية"والمتطلعة الى أوروبا والولاياتالمتحدة للانفلات من دائرة نفوذ موسكو على"جمهورياتها السابقة"، وهو تطلع شاركتها جورجيا فيه لكنه لم يحمها من الحزم الروسي. راجع ص 8. وأكد ديبلوماسي أميركي في الأممالمتحدة ل"الحياة"أن الأزمة الأخيرة في القوقاز انعكست سلباً على"الشراكة"الأميركية - الروسية، ولا سيما التعاون حيال الملفات الإقليمية. وقال إن"عرض العضلات"الروسي في جورجيا"ذكرنا بأن موسكو ما زالت تشكل معضلة حقيقية، وأنها ليست شريكاً فعلياً. وعليه، سنعرض بدورنا العضلات، وسنكون أكثر شدة وحزماً تجاه إيران". وأعلن وزير الدفاع الأميركي روبرت غيتس أن لا نية لبلاده للتدخل عسكرياً في القوقاز، محذراً من"عواقب"الحملة الروسية على جورجيا، وتضرر العلاقات بين الولاياتالمتحدةوروسيا لسنوات. لكنه اكد ان لا رغبة للأميركيين في العودة الى أجواء الحرب الباردة بين روسيا والغرب. وطمأن الرئيس الأميركي جورج بوش زعماء كل من أوكرانيا وليتوانيا إلى انه ملتزم"سيادة جورجيا وحريتها ووحدة أراضيها"، في حين أكد الرئيس الروسي ان موسكو"ستدعم وتضمن" أي قرار تتخذه جمهوريتا أوسيتيا الجنوبية وأبخازيا الانفصاليتان في شأن مستقبلهما. وأعلن رئيسا جمهوريتي أبخازيا وأوسيتيا الجنوبية الانفصاليتين سيرغي باغباش وادوار كوكويتي، تصميم الجمهوريتين على الاستقلال. وحذرت الخارجية الروسية واشنطن من ان اي دعم تقدمه الى تبليسي من شأنه ان يؤدي الى"تكرار السيناريو المأساوي"في اوسيتيا الجنوبية. في هذا الوقت حمّل الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي وزيرة الخارجية الأميركية كوندوليزا رايس التي استقبلها في باريس أمس،"وثائق"الى الرئيس الجورجي ميخائيل ساكاشفيلي تتضمن تعهدات طلبها الروس لقاء انسحابهم من الأراضي الجورجية. وقال ساركوزي ان هذه الوثائق التي ستحملها رايس الى تبليسي اليوم، من شأنها ان"ترسخ وقف إطلاق النار"في جورجيا وتؤدي الى"بدء انسحاب القوات الروسية". وأضاف:"اذا وقع الرئيس ساكاشفيلي هذه الوثائق غداً اليوم فسيبدأ انسحاب القوات الروسية"في اليوم ذاته. واعتبرت رايس بعد لقائها ساركوزي أن"الوقت حان لإنهاء النزاع"في جورجيا، وشددت على تعهد الرئيس الروسي ديمتري ميدفيديف وقف العمليات العسكرية الروسية في جورجيا. وقالت:"نأمل في ان يحترم كلمته"، مكررة دعم بلادها لسيادة جورجيا على كامل أراضيها. ويعتقد بان هذه الوثائق تتعلق بتعهدات طلبها الروس من ساكاشفيلي بعدم استخدام القوة ضد إقليمي اوسيتيا الجنوبية وابخازيا الانفصاليين واللذين أكدت قيادتاهما أمس، عزمهما على الاستقلال نهائياً عن جورجيا. جاء ذلك في وقت احتفظت موسكو بانتشارها في القوقاز، وسط أنباء عن تحرك القوات الروسية الى بعض البلدات الجورجية والمناطق المحيطة بها، بما في ذلك ميناء بوتي المطل على البحر الاسود، في محاولة ضغط لتسويق خطة وقف إطلاق النار المتفق عليها مع ساركوزي بصفته رئيس الدورة الحالية للاتحاد الأوروبي. والمح نائب رئيس هيئة الأركان الروسي الجنرال أناتولي نوغوفتسين الى ان بلاده تعتزم الاحتفاظ بقوات لمراقبة الوضع في اوسيتيا الجنوبية.