شن الرئيس الروسي ديمتري مدفيديف هجوماً عنيفاً على نظيره الجورجي ميخائيل ساكاشفيلي وقال إنه ارتكب جرائم ضد الإنسانية، ووجه انتقادات مبطنة إلى واشنطن ملمحاً إلى أنها شجعت تبليسي على شن الحرب صيف العام 2008. وقدم مدفيديف في مقابلة مع وسائل إعلام روسية وجورجية بثت أمس، عرضاً موسعاً للأحداث التي رافقت بداية الحرب الروسية - الجورجية التي وقعت في مثل هذه الأيام قبل ثلاث سنوات. وقال إنه اتخذ «قرارات حاسمة لم يندم عليها» عندما أمر الجيش الروسي بالتدخل عسكرياً للدفاع عن أوسيتيا الجنوبية وأبخازيا وسحق القدرات العسكرية للجيش الجورجي. وأوضح أنه لم يكن يتوقع أن يقدم الرئيس الجورجي على مهاجمة اوسيتيا الجنوبية عسكرياً، وأن الرئيسين التقيا قبل اندلاع الحرب بأسابيع على هامش مؤتمر في العاصمة الكازاخية و»وجهت إليه (ساكاشفيلي) دعوة لزيارة روسيا من أجل مناقشة سبل تسوية هذا الملف وأبدى حماسة لتلبية الدعوة «. وفي تلميح هو الأول من نوعه إلى دور أميركي في تأجيج الأزمة قال مدفيديف إن وزيرة الخارجية الأميركية في حينها كوندوليزا رايس زارت تبليسي و»قطع ساكاشفيلي بعد الزيارة كل الاتصالات والرسائل (...) يبدو أنه في تلك الفترة اتخذ قرار الحسم العسكري مع أوسيتيا الجنوبية». وتجنب مدفيديف الرد على سؤال حول احتمال أن تكون واشنطن شجعت تبليسي على التصعيد العسكري، وقال إنه «لا يعرف» و «ربما كان توقيت الزيارة مجرد مصادفة». وأشار مدفيديف إلى أنه أعطى أوامر بتدخل الجيش الروسي بعد حصوله على تقارير من المؤسسة العسكرية تشير إلى ضراوة الهجمات الجورجية على أوسيتيا الجنوبية وإلى تعرض مركز قوات حفظ السلام الروسية في الإقليم إلى هجوم أوقع قتلى بين الجنود الروس. اللافت أن مدفيديف الذي يتوقع أن يخوض المنافسة للفوز بولاية رئاسية جديدة تعمد التقليل من أهمية الدور الذي لعبه رئيس الوزراء فلاديمير بوتين في تلك الأزمة، وقال إن قرار التدخل العسكري اتخذه بنفسه ولم يتشاور مع بوتين بشأن الأحداث الجارية إلا بعد مرور يوم كامل على اتخاذ قرار التدخل العسكري، علماً بأن الجورجيين اعتبروا أن إعلان الحرب عليهم جاء بعد تصريح قوي لبوتين الذي كان يزور بكين حينها أعلن فيه أن «المجرم يجب أن يعاقب بأقسى طريقة» في إشارة إلى ساكاشفيلي. إلى ذلك، شدد مدفيديف على أن بلاده نفذت كل التزاماتها وفق خطة «مدفيديف - ساركوزي» التي قضت بوقف العمليات العسكرية في اليوم الخامس للحرب وانسحاب القوات الروسية من المدن الجورجية التي توغلت فيها، وقال إن قرار الاعتراف باستقلال جمهوريتي أبخازيا وأوسيتيا الجنوبية عن جورجيا «لا رجعة عنه ولا يشكل خرقاً لاتفاق وقف إطلاق النار لأن الخطة لم تتطرق لمستقبل الجمهوريتين». وتعد هذه نقطة خلافية أساسية بين روسيا والغرب، ويعتبر الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة أن الروس لم يلتزموا تنفيذ كل بنود الاتفاق لأن القوات العسكرية الروسية مازالت متمركزة داخل الجمهوريتين. ورد مدفيديف بقوة على قرار صدر أخيراً عن الكونغرس الأميركي اعتبر التواجد الروسي في أبخازيا وأوسيتيا الجنوبية احتلالاً وطالب موسكو بالتراجع عن قرار دعم انفصال الجمهوريتين عن جورجيا. ووصف الرئيس الروسي القرار بأنه صادر عن «برلمان أجنبي ولا يهمنا»، معتبراً أنه «لا يستند إلى أي أسس قانونية». وجدد مدفيديف موقف بلاده الرافض لاستئناف العلاقات مع جورجيا طالما بقي ساكاشفيلي في موقعه، ووصفه بأنه مجرم حرب و»يجب أن يقدم إلى محكمة دولية»، معرباً في الوقت ذاته عن استعداده للحوار مع أي رئيس جورجي جديد لتطبيع العلاقات بين البلدين. ولفت مراقبون في روسيا إلى أن مدفيديف تحدث بلهجة قاسية عن ساكاشفيلي، ووصفه بأنه «رجل لا يستحق الاحترام» وقال إن على الرئيس الجورجي أن «يشكرني لأنني أوقفت العمليات العسكرية في الوقت المناسب وكان من السهل عزله من منصبه ولو فعلنا ذلك لكنا الآن نتحاور مع رئيس آخر».