غادر وفد حركة "حماس" القاهرة أمس بعد أن اختتم محادثاته مع مساعدي رئيس الاستخبارات المصرية الوزير عمر سليمان. وقال نائب رئيس المكتب السياسي للحركة موسى أبو مرزوق ل"الحياة"ان الزيارة تناولت للمرة الأولى الحوار الوطني الفلسطيني ودعوة مصر الفصائل الفلسطينية الى حوار وطني شامل في القاهرة. وأوضح أن مصر وجهت فعلا الدعوات الى جميع الفصائل والقوى الفلسطينية ال13، مشيرا إلى أن قضية الحوار الوطني أخذت حيزاً كبيراً في المحادثات التي أجرتها الحركة خلال اليومين الماضيين في القاهرة، بالإضافة إلى قضايا معبر رفح والتهدئة وتبادل الأسرى وغيرها. ولفت أبو مرزوق إلى أن عدم وجود تواريخ محددة في دعوات الحوار لا يعني أن الدعوة مفتوحة، بل أن استلامها يعني ضرورة الرد في أقرب فرصة، متوقعاً أن تستلم مصر الردود من الفصائل في غضون الأسبوعين المقبلين، وقال:"مصر ستتسلم إجابات من الفصائل الفلسطينية في شأن رؤيتها ومواقفها من وسائل وطرق حل ومعالجة الانقسام، ومن ثم تبلور مصر هذه الأفكار وتبني عليها لينطلق الحوار". وأوضح أن الحركة سلمت مسبقاً رؤية الحركة في ما يتعلق بالحوار الوطني والقضايا التي يجب أن تعالج، مضيفا:"تحدثنا مع المصريين عن أفضل الآليات التي تكفل إعادة اللحمة الفلسطينية... وسنكون إيجابيين في ما يتعلق بالحوار، سواء في اللقاءات الثنائية بيننا وبين المصريين، أو بيننا وبين حركة فتح، أو في الاطار المجموع الوطني الفلسطيني". وانتقد أبو مرزوق تصريحات الرئيس محمود عباس الأخيرة في القاهرة والتي انتقد فيها"حماس"، وقال أبو مرزوق:"المقدمات غير واعدة، ومن يستمع إلى حديثه يدرك أنه يضع العصا في دواليب الحوار قبل أن يبدأ". لكنه عاد ليؤكد أن لا سبيل للخروج من المأزق الحالي سوى الحوار وتحقيق التوافق السياسي، معتبرا أن هناك قضايا شائكة يجب معالجتها وعلى رأسها الملف الأمني. وقال إنه ينبغي إعادة بناء الأجهزة الأمنية على أسس وطنية وغير حزبية تتمتع بالشفافية والقانون، مشككا في ما يروج له البعض عن إرسال قوات عربية إلى الضفة أو القطاع، وقال:"لا أعتقد أن هناك قبولا عربيا أو مصريا لإرسال قوات عربية للضفة أو القطاع، بالإضافة إلى أن هناك رفضا إسرائيليا لذلك". ووصف تفجيرات غزة التي جرت أخيرا بأنها"أعمال إجرامية غير مسؤولة في حق الابرياء في المقاهي وعلى شاطئ البحر وفي البيوت الآمنة"، مؤكداً أن جميع الفلسطينيين يرفضونها. وأكد أن الأجهزة الأمنية من حماس التي تمكنت من فرض الأمن بعد طول عناء في قطاع غزة، قادرة على احتواء الموقف وضبط كل حالات الخروج عن القانون. وعن اتهام تيار في حركة"فتح"بالوقوف خلف التفجيرات، قال:"لا يمكنني اتهام أحد قبل أن تكون الأدلة متوافرة بالكامل، وأن تكون القرائن صحيحة". واوضح أن من يتهم"فتح"يتهمها بسبب القرائن التي صاحبت الانفجار، مشيرا إلى مظاهر الفرحة والسعادة في وسائل إعلام سلطة رام الله، بالإضافة إلى المنشورات التي تم توزيعها باسم"فتح"في قطاع غزة، ما جعل البعض يشير بالاتهام إلى الحركة، لكن هذه القرائن لا ترقى إلى تحديد مسؤولية مرتكبي التفجيرات. ورأى أبو مرزوق أن تحقيق المصالحة الوطنية مصلحة شخصية لعباس لأنه من دون ذلك سيغادر كرسي الرئاسة وهو لم يحقق أي إنجاز، بل سيحسب له أن في عهده حدث هذا الشرخ، بالإضافة إلى أن استمرار الانقسام يعطل دستورية المؤسسات الشرعية، خصوصا مؤسسة الرئاسة التي ستنتهي فترتها قريباً. ولفت إلى أن القانون الأساسي في المجلس التشريعي هو الحكم والملزم في مسألة الانتخابات، مضيفا:"أمامنا كل المفسرين القانونيين الفلسطينيين وغيرهم، باختصار، القانون لا يحق لعباس الرئاسة لسنة خامسة". وعن دعوة أصوات داخل"فتح"لعباس بالذهاب إلى غزة، أكد أبو مرزوق أن"حماس ترحب بعودة الرئيس عباس إلى قطاع غزة وممارسة مهماته لأنه رئيس السلطة الفلسطينية ويستطيع أن يمارس مهماته في غزة إن أراد ذلك، لكنه في حاجة لمراجعة مواقفه حتى يتمكن من إعادة توحيد الصف، وهو بحاجة أيضا إلى التزام القوانين واللوائح المنظمة للعمل الرسمي الفلسطيني، فلا يخالف الأعراف والقوانين المعمول بها". واعتبر أن من بين الأخطاء الكبيرة التي ارتكبت قبل 13 حزيران يونيو أن عباس كان غائباً، في ظل احتقان وتوتر عالٍ في قطاع غزة، رغم أن دوره هو البقاء وسط أبناء وطنه لمعالجة المشاكل، مشيراً إلى أن الادعاء بأن هناك محاولات لاغتياله هي حجج لا ترقى ولا تصمد أمام حقائق الأشياء. وعلى صعيد صفقة تبادل الأسرى قال:"هذا الملف ما زال بيد مصر ولم يسحب كما أشيع ولم يعط الى وسيط ألماني أو فرنسي أو بريطاني أو وسيط عربي"، نافياً أن تكون"حماس"سحبت هذا الملف سابقاً أو في الوقت الحاضر من مصر التي قال انها أيضا الوسيط في المستقبل، لكنه اشار إلى أن أطرافا أوروبية وعربية عدة طلبت القيام بهذا الدور. وشدد أبو مرزوق على رفضه ربط تشغيل معبر رفح بالإفراج عن الجندي الإسرائيلي الاسير في غزة غلعاد شاليت، مضيفا ان هذا غير مقبول. ولفت إلى أن المحادثات في شأن صفقة تبادل الاسرى تسير بعيداً عن وسائل الإعلام، وأن هناك تفصيلات كثيرة لن نخوض بها، موضحا أن العقد كثيرة ومتنوعة. وقال:"نريد تحرير الاسرى، وهو ما نسعى إليه، ونأمل في ألا ينعكس تعطيل أي ملف سواء التهدئة أو المعابر على صفقة الاسرى".