لا خوف من موجة الهزّات التي ضربت جنوبلبنان أخيراً، لأنها أتت نتيجة نشاط زلزالي خفيف في فالق جزئي وسطحي يعبر في صريفا والقرى المجاورة لها بفعل موجة "ارتخاء" في القوى التي تتفاعل في باطن الأرض... ولو كنت قاطناً في صريفا لما غادرتها، ولبقيت في منزل متواضع فيها... الهزّات الأرضية جزء من الطبيعة، وهي مألوفة في لبنان كما في مجموعة من البلدان القريبة مثل تركيا والجزائر وفلسطين واليونان، ولبنان لم يشهد زلزالاً ضخماً منذ مئات السنوات... الوقاية ضرورية وأهم عنصر فيها هو وعي الناس". تُلخّص تلك الكلمات الاتجاه العام الذي ساد كلام البروفسور بول تابونييه، اختصاصي نشاطات الفوالق الأرضية الذي نال اهتماماً كبيراً من الحشد الإعلامي خلال المؤتمر الصحافي الذي عقده"المجلس الوطني للبحوث العلمية"في بيروت أمس وحضره الأمين العام للمجلس الدكتور معين حمزة واختصاصيون لبنانيون في الزلازل والمدير العام للدفاع المدني العميد درويش حبيقة. وفي مستهل المؤتمر، شدّد رئيس المجلس الوطني الدكتور جورج طعمة على ضرورة ترسيخ ثقافة مكافحة الكوارث الطبيعية، بدلاً من نشر الذعر بين الأهالي. ثم منح البروفسور تابونييه وهو أستاذ الجيوفيزياء في"معهد فيزياء الأرض"في باريس الميدالية الذهبية للمجلس تقديراً لجهوده في رصد الزلازل وتحليل المعطيات الجيوفيزيائية عن لبنان. وبعده، تلا حمزة بياناً شدّد فيه على أن الهزّات الأخيرة انحصرت في مساحة لا تزيد على 20 كيلومتراً مُربّعاً، كما أن وتيرتها تسير الى الانخفاض. التوقعات المسبقة ضرب من الأوهام ونبّه الى أن التوقعّات المسبقة في شأن الزلازل هي ضرب من الأوهام، وأن اليابان لم تستطع توقّع الزلزال الذي ضربها قبل بضعة أشهر، كما عانت ولاية"كاليفورنيا"زلازل كبيرة في السنوات الماضية."ولم تستطع الدولتان معرفة تلك الضربات قبل وقوعها، إلا بدقائق قليلة". وأعاد التذكير ببديهة أن لبنان يعيش فوق شبكة من الفوالق المتفاوتة في الطول والعمق، ما يوجب نشر ثقافة مناسبة للتعامل مع احتمالاتها المختلفة، كما يحدث في البلدان المتقدمة مثل الولاياتالمتحدةواليابان. وقال:"تتمثّل الوقاية فعلياً في رفع وعي المواطن، لينهض الناس بأمر الضغط على الدولة لكي تفرض أن تكون المباني والمنازل مُصمّمة لتقاوم الهزّات والزلازل المتوسطة".