ازداد اقبال المستهلك العراقي على المنتجات الإيرانية بعد عام 2003 على نحو متميز، بعد قطيعة استمرت اكثر من 15 عاماً تخللتها حرب بين البلدين الجارين، وذلك بعد تحول السوق العراقية إلى سوق مفتوحة لمختلف البضائع والسلع. وحصل هذا التطور في إطار معطيات جديدة، أبرزها غياب التعريفة الجمركية، فُرضت لاحقاً ولكن بنسب رمزية، وكذلك تدهور القطاعات الإنتاجية في العراق، وإغلاق نسبة كبيرة من المعامل والورش بسبب غياب الكهرباء والوقود وسوء الأوضاع الأمنية. وأشارت مصادر تجارية عراقية إلى ان السوق قد لا تكون مهيأة تماماً لتقليل الاعتماد على الاستيراد، وهو الجانب الذي يجعل التجار العراقيين يفضلون التعامل مع إيران لأسباب عدة، في مقدمها محاذاتها للعراق، ما يساهم إلى حد كبير في خفض كلفة النقل والشحن. كما ان الصناعة الإيرانية طرأ عليها تطور ملحوظ من حيث النوعية، قياساً بسلع أجنبية أخرى موجودة في السوق العراقية ومنها الصينية والتركية. وتتوافد الشاحنات الإيرانية يومياً إلى الأسواق العراقية، عبر معبر المنذرية، الذي يربط محافظة كرمنشاه بمحافظة بعقوبة وسط العراق، والشلامجة الجنوبي. وأظهرت الأرقام زيادة حجم التبادل التجاري بين البلدين، حيث يقدر تقرير وكالة الاستخبارات الأميركية"وورلد فاكت بوك"، ان العراق استورد سلعاً إيرانية ب 20.8 بليون دولار عام 2006، الا ان إيران لم تصرح الا بالقليل عن تجارتها مع العراق. وفي حين تبدو إيران الشريك الاقتصادي القوي في العراق، يرى متابعون للشأن الاقتصادي، ان من الصعب تخيل السوق العراقية من دون البضائع الإيرانية، التي باتت تسد نسبة كبيرة من احتياجات المستهلك العراقي. الا ان هؤلاء لفتوا إلى ان العلاقة الاقتصادية بين البلدين تعتريها في كثير من الأوقات صعوبات كبيرة، أهمها مصادرة الأجهزة العراقية المختصة البضائع الإيرانية الفاسدة، كما ان سيارات الخضر والفواكه الإيرانية تنظر إليها هذه الأجهزة بريبة، تحسباً من كونها تشكل غطاء لتهريب الأسلحة والممنوعات. بل يذهب بعضهم إلى القول ان الشراكة الاقتصادية ليست في مصلحة العراق، وأنها تفتقر إلى التكافؤ التجاري بين البلدين. فالعراق لا يصدر شيئاً يذكر إلى إيران، في حين يستورد منها كل شيء حتى المشتقات النفطية والكهرباء، ما يعتبره بعضهم شكلاً من أشكال الهيمنة. كما ان العلاقات التجارية بين إيران وإقليم كردستان تسير في الاتجاه الذي يخدم نموها، فالتجارة بينهما وصلت إلى اكثر من بليون دولار عام 2006، بحسب رئيس غرفة تجارة كردستان حسان باقي، وما يميز العلاقات وجود اكثر من 120 شركة إيرانية تعمل في مدن الإقليم. وأكد الملحق التجاري في السفارة الإيرانية في بغداد نجات نيا، ان طهران تسعى الى تحقيق أهداف وبرامج عدة في تنمية تجارتها مع العراق، أهمها تنمية التجارة الحرة بين البلدين، وافتتاح مراكز أخرى لمؤسساتها في محافظتي البصرة وأربيل، والمساعدة في تأسيس أسواق تجارية ومعامل إيرانية في السوق العراقية، لاستقطاب العاطلين من العمل من العراقيين، وتأسيس شبكة إلكترونية للمعلومات الخاصة عن التجارة والمستثمرين في البلدين.