اتفق مديرو المتاحف والمعاهد الفنية في فرنسا على تخصيص العام 2008 لتكريم النحاتة كاميل كلوديل 1864 - 1943، رديفة "انطباعية" رودان. وكان رودان ابتلع بقوة شخصيته الذكورية ما تستحقه من شهرة. يقف في ظل موهبتها الاستثنائية مقلدون بالمئات من النحاتين الذين أسلبوا تراثها الريادي حتى وصل حدود التنميط. أما الخطأ الأكثر فداحة والشائع في تاريخ النحت فيتمثل في إلحاق سيرتها الفنية بأستاذها رودان، لدرجة أن معارضها السابقة كانت تقام في متحفه الباريسي. يكشف الوعي النقدي الجديد الذي تصبو إليه تظاهرة السنة الى إثبات أن تجربتها لا تقل أصالة وتأثيراً عنه، وهو ثمرة الدعوة الى تخصيص متحف لتراثها يناظر متحف رودان. غذت حفيدتها رين ماري هذا الوعي بإعارتها الى التظاهرة وثائق لا تقدر بثمن تثبت أهمية هذا الدور. لعل من الجدير ذكره أنها لم تكن فقط تلميذة عبقرية لرودان ولكنه أيضاً كانت النموذج الذي استخدمه دوماً وقبل أن تصبح عشيقته وتضحي باستقرارها العائلي بسبب ذلك. هو ما قاد بالنتيجة الى الخلط بين سيرتها الشخصية واستقلالها الفني. في"متحف ديجون"اجتمعت 76 منحوتة نصبية، حُملت من آفاق متباعدة مجموعات متاحف وقصور وذلك بالانتشار في عدد من المدن والمواقع بما فيها باريس خصوصاً في متحف رودان متناولة ميادين المسرح والسينما والعروض الموسيقية والبرامج التلفزيونية والأدبية، ناهيك عن مناظرات الدوائر البحثية والعروض الغرافيكية في المدارس والتي تناسب الأعمار الفتية أو الشابة المتباينة. ناهيك عن تحالف بعض المتاحف مع التظاهرة مثل متحف لوكسمبورغ وتشجيع عدد من المصارف الكبرى مثل الكريدي اغريكول. تتناغم هذه التعددية مع تعددية حضور كلوديل. فقد كانت صديقة حميمة أيضاً للمؤلف الموسيقي الانطباعي"دوبوسي". يرتبط اسمها بمواسم"الصالون السنوي"وببعض القصور حول العاصمة، هي التي درجت على تكليفها بالمنحوتات البرونزية العملاقة. يحتوي المعرض على عدد منها، وعلى بورتريه لأستاذها رودان. كما يمثل سخاء الصفحات والملفات النقدية فرصة لإعادة تأمّل العصر الإبداعي التعددي للحركة الانطباعية الفرنسية، هي التي سيطرت على نهاية القرن التاسع عشر ومطلع العشرين مثلها مثل الفلسفة"التطويرية"الأم لامارك وداروين وبرغسون. فتحت"الانطباعية"بوابة الفن الحديث من دون أدنى قطيعة مع التراث أو التراكم الرومانسي الذي يقع بين أدب فكتور هوغو وتصاوير أوجين دو لاكروا. تتوزع التعددية"الانطباعية"في شتى مناحي الإبداع، ابتداء من لوحات كوكبة كلود مونيه وانتهاء برائدي النحت كلوديل ورودان مروراً بموسيقى دوبوسي وروايات"الزمن الضائع"لجان بروست. لو قربنا مجهرنا"الانطباعي"من منحوتات كلوديل لوجدناها تقتنص حركة الأجساد البشرية في كتل تحولات الضوء. مستثمرة"الوميض المعدني"للبرونز، ابتداء من المجسّم الطيني الأول. تسعى خلف الحركة والصيرورة التي تمثلها تأثيرات موجة الفنان الياباني هوكوساي. ناهيك عن بصمات النحت الصيني الذي غرفت منه كلوديل خلال أسفارها المتعاقبة الى كنوز بكين وسواها. نعثر في هذا المقام على نحت الضوء وتحولاته للمرة الأولى في تاريخ المعاصرة الفنية في أوروبا.