محافظ الطائف يستأنف جولاته ل«السيل والعطيف» ويطّلع على «التنموي والميقات»    عمر عاصم الأزميري.. أول ناظر للمباركية ومصمم أول علم كويتي    الرائد يخشى الجبلين.. والشباب في اختبار الفيحاء    ديربي الغضب ..سوبر وذهب    أمير منطقة تبوك ونائبه يواسان بوفاة الشيخ فهد بن إبراهيم الحمري البلوي    2,000 سلة غذائية وحقيبة صحية للمحتاجين في جنديرس السورية    الطقس في الإجازة: جدة أعلى درجة حرارة والقريات الأدنى    وزير الشؤون الاجتماعية في الإدارة السورية الجديدة يلتقي فريق مركز الملك سلمان للإغاثة    مركز التحكيم الرياضي السعودي ووزارة العدل يعتمدان المسار الإجرائي    .. و«إغاثي الملك سلمان» يفتح التسجيل في برنامج «أمل» التطوعي للأشقاء في سورية    أمانة الطائف تدعو المستثمرين لإنشاء (برج مغامرات)    محافظ الطائف يلتقي مدير الهلال الأحمر ويكرم المتميزين    "محمد آل خريص" فقيد التربية والتعليم في وادي الدواسر    الجوال يتصدّر مسببات حوادث الجوف    أمير الشرقية يستقبل السفير السوداني.. ومدير الجوازات    جازان تستضيف النسخة الأولى من معرض الكتاب 2025    قطاع ومستشفى بلّحمر يُفعّل "شتاء صحي" و"التغطية الصحية الشاملة"    آفاقٍ اقتصاديةٍ فضائية    غارات الاحتلال تودي بحياة عشرات الفلسطينيين في غزة    ميزة من «واتساب» للتحكم بالملصقات المتحركة    وزير الطاقة.. تحفيز مبتكر !    1510 سجلات تجارية يوميا    الطقس يخفض جودة التمور ويرفع أسعارها    رالي داكار السعودية 2025 : "الراجحي" يبدأ مشوار الصدارة في فئة السيارات .. و"دانية عقيل" تخطف المركز الرابع    الأهلي متورط !    في ختام الجولة ال15 من دوري" يلو".. أبها في ضيافة النجمة.. ونيوم يخشى الفيصلي الجريح    المنتخب بين المسؤولية والتبعات    القيادة تهنئ أمير الكويت وملك البحرين    السفر في الشتاء.. تجربة هادئة بعيدًا عن الزحام    مستويات تاريخية.. السعوديون يتجاوزون 3.99 مليون موظف    أمير القصيم يوجه بسرعة إنجاز المشاريع    أمير الشرقية يستقبل سفير السودان ومدير الجوازات    التواصل الداخلي.. ركيزة الولاء المؤسسي    اختتام معرض «وطن بلا مخالف»    من ياسمين دمشق إلى غاز روسيا !    جسر المحبة وليس جسر المساعدات    فقط.. لا أريد شيئاً!    مناسبات أفراح جازان ملتقيات شبابية    دعوة مفتوحة لاكتشاف جمال الربع الخالي    شتاء جازان يحتضن مواهب المستقبل مع أكاديمية روائع الموسيقية    من نجد إلى الشام    فنون شعبية    «سحر بحراوي: الجولة الثانية !»    بيع سمكة تونة ب266 ألف دولار    مفتاح الشفاء للقلب المتضرر    تقنية تفك تشفير الكلام    اليقطين يخفض مستوى الكوليسترول    المستشفيات بين التنظيم والوساطات    أمير تبوك ونائبه يواسيان أسرة الشيخ فهد الحمري    أمير الرياض يؤدي صلاة الميت على والدة الوليد بن طلال    الملك وولي العهد يعزيان العاهل الأردني في وفاة ماجدة رعد    «دوريات المجاهدين» تقبض على شخص لترويجه مادة «الميثامفيتامين»    «عون الحرم».. 46 ألف مستفيد من ذوي الإعاقة    الكذب على النفس    الداخلية أكدت العقوبات المشددة.. ضبط 19541 مخالفًا لأنظمة الإقامة وأمن الحدود    انطلاق ملتقى دعاة «الشؤون الإسلامية» في نيجيريا    تأخر المرأة في الزواج.. هل هو مشكلة !    المرأة السعودية من التعليم إلى التمكين    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



أي لبنان يريد "حزب الله" ؟
نشر في الحياة يوم 21 - 07 - 2008

ما زال اللبنانيون يتوجسون من عودة التفجيرات الأمنية ويتساءلون ما اذا كان "حزب الله" بدأ التمهيد لإقامة دولته التي بشّر بها نائب أمينه العام الشيخ نعيم قاسم قائلاً أن للحزب مشروعاً يتعدى العمل العسكري الى بناء مجتمع المقاومة في لبنان، ما يعني بناء دولة تتبع إيديولوجية الحزب وعقيدته ونهجه، وبالتالي ولاية الفقيه في طهران التي أعلن الأمين العام للحزب السيد حسن نصر الله انتماء الحزب إليها. ويعتبر تصريحه بأن ولاية الفقيه تريد لبنان بلداً متعدداً بمنزلة تهدئة للنفوس القلقة، لأن هدف الولاية الأساس هو تصدير الثورة الإسلامية الى المحيط العربي والإسلامي في انتظار الظروف المواتية لإقامة الدولة الإسلامية الجعفرية.
يشكّل"حزب الله"امتداداً للثورة الإسلامية الإيرانية التي هدفت من وراء تمويله الى استمالة الشيعة اللبنانيين إليها من خلال الخدمات الاجتماعية والإنسانية التي تقدمها لهم بواسطة الحزب، والسلاح من أجل تحرير المناطق المحتلة في الجنوب الذي تقطنه غالبية شيعية، ما دفع بالطائفة الشيعية الى الالتفاف حوله ومؤازرته حتى اصبح الحزب مالكاً لخياراتها ومسيطراً على قرارها. وكان لطهران هدف آخر من البنية العسكرية الكبيرة ذات القدرات الإقليمية للحزب من اجل ان يكون رأس حربة في مد نفوذها في المنطقة وحماية مصالحها وأمنها القومي ومشروعها النووي.
استطاع"حزب الله"بواسطة مقاومته وخدماته طوال عقدين ونيف الاستحواذ على عطف الشيعة في لبنان ودعمهم وثقتهم، وأدى تنامي النفوذ الشيعي في العراق الى إثارة مشاعرهم وعواطفهم، ما دفعهم الى الالتفاف اكثر حول الحزب من اجل المحافظة على الامتيازات والمكاسب التي حصلوا عليها خلال حقبة الوصاية السورية، وتبديل المعادلة السياسية الداخلية لمصلحتهم. وكان الأحرى بهم وبالمجموعات السياسية اللبنانية الأخرى اللجوء الى الدولة وتقويتها وتصحيح مسارها ومساعدتها في بسط سلطتها على كل اراضيها، حتى تصبح صاحبة الأرض والقرار والمؤتمنة على حياة جميع اللبنانيين وحقوقهم.
ومن المفارقات ان الاضطرابات الأمنية التي يقوم بها او يدعمها"حزب الله"، تحصل في المناطق ذات الغالبية السكانية السنية التي توالي"تيار المستقبل"بزعامة النائب سعد الحريري، بهدف إضعاف زعامته وبالتالي إضعاف القرار السياسي السنّي في لبنان، وإحكام الطوق حول الطائفة السنية من اجل إخضاعها وإلحاقها بمجتمع الحزب ودولته. ومن المعروف ان الطائفة السنية وهي طائفة عريقة وأساسية في لبنان وكان لها دور فاعل في نيل الاستقلال، تؤمن بالحوار بالطرق الديموقراطية وتمارس العمل السياسي باعتدال مستعملة الوسائل السلمية في سبيل تحقيق اهدافها الوطنية. ودفعتها التجارب القاسية التي خاضتها على مدى عقود من الزمن الى الإيمان بديمومة الكيان اللبناني وإقامة افضل العلاقات مع المحيط العربي والمجتمع الدولي من زاوية الندّية والمحافظة على الوحدة الوطنية واستقلال لبنان وسيادته. وتعتبر تعدد الطوائف في لبنان غنى له يؤدي الى الانفتاح على الثقافات والحضارات العالمية، ويرتكز مفهومها للتعددية العيش الكريم لجميع مكونات المجتمع.
إن ما يقوم به"حزب الله"من اضطرابات امنية يدفع بالسنّة الى التمسك اكثر بالدولة والعمل على تقويتها وإعادة السلطة إليها وحصر السلاح بقواها المسلحة والقرار الوطني بمؤسساتها الشرعية. والخوف من ان يتمكن الحزب من إعاقة الدور الوطني الجامع للدولة وشل قدرات قواها العسكرية والأمنية، قد يدفع ببعض أهل السنّة في لبنان الى الالتحاق بالتنظيمات المتطرفة من اجل الحماية الذاتية، ما يؤدي الى إشعال الساحة الإسلامية وتفجير الحرب المذهبية، وما يترتب عليهما من تداعيات خطيرة على لبنان والمنطقة العربية بحيث يكون المنتصر الولايات المتحدة الأميركية وإسرائيل وإيران.
ويفرض السؤال الآتي نفسه: هل توافق النخب الشيعية على مشروع"حزب الله"بإقامة الدولة الدينية الشمولية، أم انها تتطلع الى العيش في دولة منفتحة على العالم يرتكز نظامها على التعددية والديموقراطية وحرية الفكر والمعتقد واحترام الفرد؟ نحن على يقين ان هذه النخب هي مع إقامة الدولة المدنية العادلة والقادرة ولا تقبل التصرفات التي يقوم بها"حزب الله".
وما يدفع"حزب الله"الى التمادي في أعماله، الدعم الإقليمي والتغطية المسيحية التي يوفرها له العماد ميشال عون، والذي اصبح خطابه السياسي متطابقاً مع خطاب الحزب ومواقفه المعلنة مؤيدة لارتكاباته ضد بعض المناطق اللبنانية وضد السيادة التي طالما تغنّى بها وادّعى الدفاع عنها. فمتى تتحرر بعض النخب المسيحية من موالاتها له وتدعم مسيرة السيادة وتثبيت الاستقلال؟
تميّز خطاب السيد حسن نصر الله الأخير بالعقلانية والهدوء وغابت عنه لغة التهديد والوعيد، وفتح نافذة امام المصالحة الوطنية بدعوته الى تحويل استقبال الأسرى ورفات الشهداء"مناسبة وطنية جامعة موحّدة، وفرصة للم الشمل واللقاء مجدداً، وترميم الوحدة الوطنية وتكريس السلم الأهلي". وتكمن أهمية كلامه في استعداد الحزب للمشاركة مع بقية اللبنانيين في النقاش حول السياسة الدفاعية للدولة، ما يعني ايجاد صيغة مقبولة لدى الجميع حول مصير سلاحه تحافظ على السيادة والاستقلال وتضمن بسط الشرعية سلطتها على كل الأراضي اللبنانية.
ولبيروت عتب على السيد نصر الله ما قبل الأخير لمطالبته أهاليها وقيادتها السياسية الاعتذار من جمهور المقاومة بتهمة بعيدة عن الواقع كخطوة اولى تسبق اعتذاره من العاصمة، وكان الأحرى به وهو العليم بموقف البيروتيين المؤيد للمقاومة عندما كانت توجّه سلاحها نحو العدو الإسرائيلي، التواضع وتقديم الاعتذار الى اهالي الشهداء الذين سقطوا برصاص مقاتليه وقذائفهم، وإلى أبناء بيروت الذين تعرّضوا للإرهاب والترويع والإهانات خلال اجتياح حزبه وحلفائه العاصمة.
ويبقى السؤال: أي لبنان يريد"حزب الله": لبنان دولة لجميع اللبنانيين أم دولة له؟
* كاتب لبناني


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.