رأت منظمة الصحة العالمية في بيان أصدرته أخيراً لمناسبة اليوم العالمي لمكافحة التدخين ان حماية الناشئة من التدخين هي"أولا وأخيراً مسؤولية السلطة والمجتمع"بمعنى أنها لا تملك سوى تحذير الحكومات وحضها على اتخاذ تدابير رادعة تحول دون تفشي عادة التدخين. ولا تأمل منظمة الصحة العالمية من هيئات المجتمع المدني بأكثر من إطلاق حملات توعية وتثقيف في المدارس لتحصين النشء بنظام مناعة صارم قوامه إقامة الندوات والمحاضرات وعرض الأفلام الوثائقية والملصقات في الأماكن العامة. وجل ما تقدمه منظمة الصحة لا يتعدى البيانات الإحصائية المخيفة والأرقام المذهلة التي تصيب في شكل لافت معظم الفئات العمرية لا سيما الأطفال والمراهقين. وفي حديثها عن أساليب الترغيب والتشويق التي تلجأ اليها الشركات المنتجة والمروجة للسجائر والتي تعتبرها"مصائد للأطفال"، تشير المنظمة في آخر بياناتها الإحصائية الى ان الحملات الإعلانية التجارية في التلفزيون والانترنت والمجلات والحفلات الموسيقية ودورات الألعاب الرياضية المحلية والعالمية، تستأثر باهتمام نحو 2 بليون من اليافعين في العالم ما رفع عدد المدخنين في أوساطهم الى معدل 3 مرات خلال العقد المنصرم. كما تشير المنظمة إلى أن الشباب يقبلون على التدخين قبل سن الثامنة عشرة، وربع الأطفال قبل سن العاشرة. وأظهر مسح أجرته المنظمة هذا العام في العديد من مدارس العالم على المراهقين الذين تراوح أعمارهم بين 13 و15، ان 55 في المئة كانوا يبدون انجذاباً كبيراً للإعلانات التجارية و20 في المئة منهم ربطوا التدخين بنوع معين من السجائر. كما أكد المسح ان المدخنين بين 10 و24 سنة يبلغ عددهم نحو مليونين بينهم 85 في المئة في البلدان النامية فيما يعيش نصف أطفال العالم في بلدان لا تفرض قيوداً على التدخين. وتعتبر كندا في طليعة الدول المكافحة للتدخين بجميع وجوهه وعلى المستويين الأهلي والرسمي. وأقامت وزارة الصحة في كيبك أخيراً بالتعاون مع عدد من المدارس الابتدائية والمتوسطة، حملة تحت شعار"حرب ضد التدخين"جانب منها للإرشاد والتوجيه وحض الأبناء على دفع آبائهم وأمهاتهم إلى الامتناع عن التدخين داخل المنازل تلافياً لما يسمى مضار التدخين السلبي على حياتهم، وجانب آخر لإحصاء الطلبة المدخنين. وتبين من تلك الحملة ان نسبة المدخنين وسط من تراوح أعمارهم بين 10 و12 يدخنون من سيجارة الى 7 سجائر يومياً، وأن من تراوح أعمارهم بين 15 و17 يدخنون سراً وعلناً بمعدل 20 في المئة للذكور و25 في المئة للإناث. وكانت هذه النسب منذ عشر سنوات اكثر من 30 في المئة للذكور و40 في المئة للإناث، بمعنى ان نسبة المدخنين من هذه الفئة العمرية تراجعت. وتأمل وزارة الصحة في السنوات القليلة المقبلة بأن تنخفض هذه النسبة الى 8 في المئة. وهذا عائد الى سلسلة من التدابير الرادعة التي اتخذتها الحكومة الكيبيكية وأهمها: عدم بيع السجائر الى من هم دون الثامنة عشرة والتدقيق في هوياتهم وأعمارهم تحت طائلة الغرامة المالية الباهظة وسحب رخصة بيع السجائر من أصحابها، ومنع التدخين في الأماكن العامة والأندية الليلية والمطاعم والمقاهي وغيرها ووضع إشارة"ممنوع التدخين"في مكان بارز، تغريم المخالف مبلغ 150 دولاراً وحظر تصنيف علب السجائر خفيفة او ثقيلة Light- regular ووضع الملصقات عليها التي تحذر من آفات التدخين على الصحة العامة مع نشر الصور التي تعرض المدخن للإصابة بأمراض عدة من السرطان، وتحذير الوسائل الإعلامية كافة المرئية والمكتوبة والمسموعة، من القيام بأية دعاية للسجائر، ورفع أسعار علبة السجائر الى عشرة دولارات. الا ان الإجراء الأكثر فعالية هو الذي لجأت اليه الحكومة لمناسبة اليوم العالمي لمكافحة التدخين والقاضي بتغطية رفوف السجائر كلياً لدى الباعة بستائر حديدية او خشبية لحجبها عن أعين المدخنين وتغريم المحال المخالفة بمبلغ يصل الى 6000 دولار في المرة الأولى وسحب الرخصة نهائياً إذا تكررت المخالفة.