أطلقت إحدى وكالات التبغ الأميركية حملة لمكافحة تدخين المراهقين في بيروت، في إطار أسبوع الامتناع عن التدخين العربي الذي أقرّه مجلس وزراء الصحة العرب قبل 3 سنوات في مطلع تشرين الثاني نوفمبر من كل عام. وأكد مدير شؤون وكالة "فيليب موريس" في لبنان هادي طبشي ل"الحياة" أن الحملة "هي الثالثة لنا وتجري في إطار برامج حول العالم، تركز على مراقبة تطبيق القوانين التي تمنع حصول من هم دون السن القانوني على التبغ، وتشجع الباعة والتجار على عدم بيعهم إياها في الدول التي لا تتبع التشريعات تلك". وأضاف: "لا نريد للأطفال أن يدخنوا ولا نريد أن يباع لهم ما نصنّع"، مشيراً إلى عزم الشركة على "فعل كل ما يلزم لمعالجة مشكلة تدخين الصغار". وعن الفائدة التي يمكن أن تحصدها شركة تبغ من حملة مماثلة قال: " منع الصغار من التدخين يتفق تماماً مع مبادئنا. فالإدارة السليمة لأعمالنا لا تكون بالتنكّر لتوقعات المجتمع". وعبّر نقيب الأطباء في لبنان محمود شقير عن اعتراضه على الحملة هذه، شاجباً "الاجتهاد" و"الطريقة التجارية" التي يتم فيها التعامل مع الفئة المعنية بالحملة، مطالباً بأخرى أكثر شمولية. وفي بلد صغير تجاوزت فيه نسبة المدخنين دون 18 عاماً من 12 إلى 18 عاماً 41 في المئة، قال الدكتور شقير: "يبدو الإعلان كما لو أنه يدعو المراهقين إلى عدم التدخين، على أن يتحوّلوا إلى لفائف التبغ متى بلغوا سن الرشد". وأضاف: "على رغم أهمية التوجّه إلى وقاية الشباب وطلاب المدارس من خلال التوعية الصحية والبيئية، لا يجوز في هذه المسألة الفصل. فالتدخين مؤذٍ ومضرّ للصغير والكبير، للمرأة والرجل، للمريض والسليم". وقد نشرت عشرات الدراسات في العالم عن العوامل المشجعة على التدخين لدى المراهقين. وبعدما ورد في إحداها أن تدخين نجوم السينما والموسيقى يشجع الجيل الناشئ على تقليدهم، أظهرت دراسة أخرى أن متابعة أفلام العنف والحركة تحضّ المراهقين على التدخين بسبب المشاهد المتكرّرة للممثلين يشعلون لفافة تبغ تلو أخرى. وأتت دراسة لاحقة لتؤكّد أن "الصغار الذين لا يُمنَعون من مشاهدة الأفلام المحظورة على من هم دون 16 عاماً، معرّضون أكثر بثلاث مرات للتدخين واحتساء الكحول مقارنةً بمن يسمح لهم بمتابعة أفلام مماثلة. وفي دراسة نشرت أخيراً، تبيّن أن مشاهدة مدخنين في الأفلام السينمائية ينذر بما إذا كان المراهقون سيبدأون بالتدخين، مع الأخذ في الاعتبار أن المدخنين في سن مبكرة يصعب عليهم الإقلاع عن التدخين. التوعية في المدارس أما منظمة الصحة العالمية، فرأت أن كثيراً من الناشئين يبدون الرغبة في الإقلاع عن التدخين، لكنهم لم يلقوا أي دعم يذكر يشجعهم على ذلك. واستنتجت المنظمة أن الأطفال يدركون مخاطر التدخين من خلال مساعي التوعية في مدارسهم، لكنهم يخضعون في المقابل لتأثيرات ترغِّبهم في التدخين من خلال الإعلانات التجارية التي تروج لها. تجدر الإشارة إلى أن الحكومة الأميركية طالبت في الفترة الأخيرة شركات صناعة التبغ الرئيسية في البلاد بمبلغ 289 مليار دولار بعدما اتهمتها في شكوى قضائية بممارسات تسويقية خطرة واحتيالية، الأمر الذي قد يجعل الشركات تلك تصاب بالإفلاس. غير أن الدكتور شقير رفض الفصل بين الصغار والكبار، مؤكداً أن "أي حملة توعية يجب أن تتوجه إلى جميع الفئات العمرية، والاستثناء غير جائز. فقد أثبتت دراسات عالمية أن التدخين ضار من الحالات الجنينية حتى العمر الثالث"، لافتاً إلى أن "تنشق الدخان يؤثر في الطفل، والمرأة المدخنة تضع مولوداً صغير الحجم، يؤثر وجوده مع المدخنين في نموه النهائي". وأضاف: "نتطلع إلى حملات توعية شاملة لا تترك باباً للاستفسار أو الاجتهاد بالنسبة إلى نوع من الإدمان يكاد يكون أكثر العوامل السلبية ضرراً بالصحة". وأشار إلى أن "التدخين لا يتسبب فقط في سرطان الرئة، بل يساهم في تصلّب الشرايين". وستطلق نقابة الأطباء في لبنان حملة توعية واسعة في أيار مايو المقبل كما العادة سنوياً، تتضمن حملات توعية في المدارس ومواد تثقيفية لهذا الغرض من ملصقات ومنشورات بالتنسيق مع الجمعيات الأهلية التي تعنى بمكافحة التدخين والجمعيات الطبية المختصة. وثمة هيئة وطنية للوقاية من أمراض القلب والشرايين أنشئت أخيراً ستتوجه إلى الناس بمختلف أعمارهم وفئاتهم في شباط فبراير المقبل ضمن حملة ضد التدخين والعادات السيئة في الأكل وأمراض السكري وارتفاع التوتر الشرياني والدهنيات، بالتعاون مع مختلف الهيئات الأهلية ووزارة الصحة اللبنانية ومنظمة الصحة العالمية. على أي حال، ربما للمداواة بالتي كانت هي الداء إيجابيات. ذلك أن الإعلانات نفعت في حملة جزيرة جيرنسي البريطانية لمكافحة التدخين بين القاصرين على وجه الخصوص، إلى جانب إجراءات صارمة أخرى منها حملات التوعية في المدارس والغرامات المالية ومنع بيع السجائر لمن هم دون الثامنة عشرة ورفع أسعار التبغ.