بلغ السباق الرئاسي داخل الحزب الديموقراطي الاميركي مرحلة غامضة أمس، بعد تحقيق السناتور هيلاري كلينتون فوزاً كاسحاً في بورتو ريكو، قد يؤجل خروجها من المعركة والتنازل لمنافسها باراك أوباما الذي يبتعد 50 نقطة عن حصد اللقب. وسيتواجه المتنافسان للمرة الأخيرة اليوم، في ولايتي مونتانا وساوث داكوتا، قبل دخول حملتيهما في مرحلة التفاوض، للتوصل الى صفقة تنقذ مؤتمر الحزب في آب أغسطس المقبل، وحظوظ أي منهما، أمام المرشح الجمهوري جون ماكين. ومن بورتو ريكو، المقاطعة الشبه تابعة للولايات المتحدة في أميركا الوسطى وتصوت فقط في الانتخابات التمهيدية للديموقراطيين وليس الرئاسية العامة، حققت كلينتون فوزاً كبيراً وبهامش 36 في المئة على أوباما 68 مقابل 32، لتقوي بذلك، ولو معنوياً، موقعها المتضعضع في السباق، وذلك قبل 24 ساعة من انتهاء موسم التصويت. وبلغ المجموع النهائي لعدد المندوبين أمس 1914 لكلينتون، مقابل 2068 لأوباما، وهو يحتاج إلى 50 مندوباً للفوز باللقب 2118 . لكن حملة الأميركية الأولى سابقاً تجاهلت العملية الحسابية للمندوبين، وعجزها عن الفوز رقمياً، وركزت على مجموع الأصوات الشعبية، الذي وللمرة الأولى منذ 1972، يتناقض مع احصاءات المندوبين، واضعاً كلينتون في الصدارة لفوزها بالولايات الكبرى، بفارق 0.8 في المئة من النقاط، وما مجموعه 17 مليوناً و692 ألف ناخب، مقابل 17 مليوناً و389 ألف صوت لأوباما. وبما ان قوانين الحزب وطريقة اختيار المرشح الفائز لدى الديموقراطيين تعتمد على عدد المندوبين وليس الناخبين، باتت المهمة أصعب على كلينتون، وإن كانت تستفيد من تحالف انتخابي متماسك في وجه الجمهوريين، وأفضلية في التغلب على ماكين بحسب الاستطلاعات الأخيرة. وتتخوف القيادة الحزبية التي سيعود لها اختيار الفائز في المؤتمر الحزبي نهاية الصيف، من شق صفوفها وخسارة الأقلية الأفريقية الأميركية في حال اختيار كلينتون بدلاً من أوباما. ويتوقع أن ترص القيادة صفوفها في ختام الجولات الانتخابية اليوم، وراء أوباما والضغط على منافسته للانسحاب. أما حملة كلينتون، فتسعى بحسب مقابلات للمرشحة مع صحيفتي"نيويورك تايمز"و"واشنطن بوست"أمس، الى تقوية موقعها التفاوضي قبل الخروج والتلويح بأوراق عدة لضمان صفقة تتعامل مع حصصها داخل الحزب أو الادارة المقبلة، أو مجلس الشيوخ. ولوحت كلينتون بإمكانية خوص معركة كسر عظم في المؤتمر لإعادة توزيع مندوبي ولاية ميشيغان المتنازع عليها، لتقليل حصة أوباما. وقال السناتور الديموقراطي عن ميشيغان كارل ليفن، إن أوباما سيتمكن من إعلان نفسه مرشحاً لحزبه خلال أسبوعين على أبعد تقدير، بعدما يجمع عدداً كافياً من المندوبين يخوله التفوق في شكل نهائي على منافسته الديموقراطية هيلاري كلينتون. لكنه لفت إلى أنه"حتى تقرر كلينتون أنها لن تكون قادرة على الفوز في المؤتمر العام للحزب، وتتخذ قراراً بالانسحاب، فإنه السباق الديموقراطي سيبقى مفتوحاً". ورفض ماندي غرانوالد، أحد مستشاري كلينتون، هذا الموقف، معتبراً قرار الحزب باحتساب 50 في المئة من أصوات مندوبي ولايتي ميتشيغان وفلوريدا أعطى كلينتون"حياة جديدة". في المقابل، اعتبر حاكم ولاية بنسلفانيا الديموقراطي إيد راندال أن أوباما وكلينتون فقط يمكنهما أن يؤلفا"بطاقة الحلم"الديموقراطية في الانتخابات الرئاسية المقبلة، عبر خوض الانتخابات معاً، كرئيس ونائب رئيس. وتفاوض المرشحة أو مندوبين عنها على منصب نائب الرئيس الى جانب أوباما، في ظل تحفظات لحملة الأخير، بسبب عدم تجانس رؤيتهما السياسية على المستوى الداخلي مثل التأمين الصحي، والخارجية مثل التعامل مع ايران. لكن أوباما قد يجبر على اختيار كلينتون، في حال ممارسة بعض القياديين النافذين داخل الحزب والمقربين من آل كلينتون، ضغوطاً مكثفة، أو تهديد متبرعين بوقف دعهمهم للديموقراطيين. وسيتوقف على قرار كلينتون، التوجه العام للسباق. ففي حال رضوخها لضغوط الحزب، والانسحاب بعد الانتهاء من المنافسة، سيكون أمام أوباما فرصة أطول لاعداد حملته في وجه ماكين. أما في حال تعذر استرضاء كلينتون وتأخر انسحابها، فسيعني ذلك صيفاً حاراً للديموقراطيين، قد يعيق حظوظ مرشحهم في مواجهة ماكين، وسيزيد احتمالات خسارة البيت الأبيض للمرة الثالثة منذ عام 2000. على صعيد آخر، أعلن السيناتور الديموقراطي عن ولاية ماساتشوستس ادوارد كينيدي أمس، إنه سيخضع لعملية جراحية في الدماغ لاستئصال ورم سرطاني تم تشخيص إصابته به. وأفاد كينيدي في بيان:"خلال الأيام الماضية، استشرنا فيكي زوجته وأنا، إلى جانب فريق الأطباء الرائع في مستشفى ماساتشوستس العام، مع خبراء في أنحاء الولاياتالمتحدة، وقررنا أن أفضل طريقة تصرف لمعالجة الورم السرطاني في الدماغ هي إجراء عملية مباشرة يعقبها علاج كيماوي وإشعاعي". وأضاف كينيدي"سأخضع صباح اليوم أمس للعملية الجراحية على يد الدكتور ألن فريدمان في مركز مستشفى ديوك الجامعي وأتوقع البقاء فيه نحو أسبوع لاستعادة عافيتي".