سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
أولوية للتأقلم مع "الخطر الإرهابي" وتعزيز دور الاستخبارات ... وتقليص انتشار القوات في أفريقيا ساركوزي يعرض استراتيجية دفاعية جديدة : فرنسا ستعود إلى القيادة العسكرية ل "الأطلسي"
عرض الرئيس نيكولا ساركوزي أمس، الاستراتيجية الدفاعية الجديدة لفرنسا، وهي ترتكز الى أولوية التأقلم مع"الخطر الإرهابي"والتركيز على دور الاستخبارات، كما تكرس للمرة الأولى منذ أواسط الستينات من القرن العشرين، عودة فرنسا الى القيادة العسكرية لحلف شمال الأطلسي. وتترافق هذه الاستراتيجية الواردة في"كتاب أبيض"يحدد أطر السياسة الدفاعية الفرنسية للسنوات العشرين المقبلة، مع خفض كبير لعديد القوات المسلحة، يشمل 54 ألف وظيفة عسكرية لخفض النفقات. وأكد ساركوزي، لدى عرضه مضمون الكتاب الأبيض أمام حوالى 3 آلاف من أفراد القوات المسلحة في بورت دو فرساي، أن فرنسا ستعود قريباً الى القيادة الموحدة ل"الأطلسي"التي انسحبت منها في عهد الرئيس الراحل الجنرال شارل ديغول. وقال إن لجنة الاختصاصيين التي تولت إعداد الكتاب على مدى الشهور العشرة الماضية،"توصلت إلى استنتاج مفاده ان لا مانع في أن نشارك في الأطر العسكرية لحلف الأطلسي". واستبق ساركوزي الانتقادات المرتقبة لتوجهاته الأطلسية المخالفة لأسلافه، بتأكيده أن"فرنسا حليف مستقل وشريك حر، والمبادئ التي حددها في حينه الجنرال ديغول، تبقى مبادئي". واضاف أن فرنسا"لن تضع أياً من قواتها بإمرة الحلف في حال السلم". وأشار الى انه استناداً إلى المبادئ القائمة منذ عهد ديغول،"بات في الإمكان تحديد علاقتنا مع حلف شمال الأطلسي من دون الخوف على استقلالنا أو من أخطار انجرارنا الى حرب لا نرغب فيها". وأكد ساركوزي عزمه الحفاظ على الاستقلال التام لقوة الردع النووية الفرنسية، بمعزل عن أي علاقة بالحلف، علماً أن"مجرد وجود قدرتنا الرادعة هذه، يمثل مساهمة في أمن كل أوروبا". وأشار مصدر فرنسي مطلع على أعمال لجنة صوغ"الكتاب الأبيض"الى أن بناء القوة الدفاعية الأوروبية وتكاملها مع قوات"الأطلسي"، يشكلان جزءاً من استراتيجية فرنسا. وأشار الى أن الحلف يضم 21 دولة عضواً في الاتحاد الأوروبي، ملتزمة الدفاع الأوروبي المشترك، كما أن هناك توافقاً عاماً داخل الاتحاد على أن الحلف واحد من مفاتيح أمن أوروبا. ورأى ان الاتحاد الأوروبي تغير، وكذلك الحلف الأطلسي، وأن بناء الدفاع الأوروبي المشترك يستدعي تعزيز العلاقات مع الحلف. ومن هذا المنطلق، تعهد ساركوزي في إطار عرضه"الكتاب الأبيض"، الذي يُراجع كل 15 سنة للأخذ بالمتغيرات الدولية وكيفية التعامل معها، العمل لإطلاق الدفاع الأوروبي المشترك"أياً يكن مصير معاهدة لشبونة"التي رفضها الارلنديون مطلع الاسبوع. وقال ساركوزي انه سيستغل فترة رئاسة بلاده للاتحاد الأوروبي ابتداء من تموز يوليو المقبل،"لجعل السياسة الدفاعية والأمنية الأوروبية نموذجاً ملموساً للتجاوب مع متطلبات الأوروبيين". لكن الانشغالات الناجمة عن إعادة ترتيب البيت الأوروبي، في ضوء الرفض الإرلندي للمعاهدة الأوروبية المبسطة التي أقرت في لشبونة، قد تعرقل هذا الطموح. إلى ذلك، أكد ساركوزي خفض عدد القوات المسلحة الفرنسية بمعدل 50 ألف عنصر خلال السنوات السبع المقبلة، ليصل تعدادها الى 225 ألفاً، والعمل لتعزيز إمكانات الأجهزة الاستخباراتية، القادرة على التصدي للإرهاب والتحسب له، كونه ما زال يمثل أبرز التهديدات الناجمة عن العولمة. وينص"الكتاب الأبيض"في هذا الإطار على استحداث مجلس وطني للاستخبارات، يخضع لإشراف رئيس الجمهورية، واستحداث مجلس استشاري يزود الرئيس التوصيات والاقتراحات. ومن المرتقب في ضوء ما ورد في"الكتاب الأبيض"، مراجعة اتفاقات التعاون العسكري بين فرنسا وعدد من الدول الأفريقية، نظراً الى عدم حاجة فرنسا الى أكثر من وجود على واجهة السواحل الأفريقية الشرقية والغربية، لمراقبة التجارات والنشاطات غير المشروعة. وفي بروكسل ا ف ب، رحب الامين العام للحلف الاطلسي ياب دو هوب شيفر بنية الرئيس الفرنسي استعادة فرنسا دورها كاملا في القيادة العسكرية للحلف الاطلسي. كما رحب البيت الابيض بالاعلان الفرنسي.