قصور الملكة اليزابيث في بريطانيا ستفتح أبوابها ابتداء من اليوم الاربعاء للرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي وزوجته كارلا اللذين يصلان مع فريق وزاري مهم. فبريطانيا تُعدّ لساركوزي زيارة دولة مليئة بالرموز التاريخية، فهو سيقيم في قصر وندسور وسيضع الورود على تمثال الجنرال شارل ديغول في كارلتون غاردنز وتستقبله ابنة ونستون تشرشل الليدي سومس التي كانت رئيسة مؤسسة جمع الأموال من أجل إقامة تمثال ديغول. ويضع ساركوزي إكليلاً على ضريح الجندي المجهول في وستمنستر، وهو جندي فرنسي سقط على الأرض الفرنسية وإلقي فوق جثمانه تراب فرنسي. ويعقد يوم الخميس قمة مع رئيس الوزراء غوردون براون في داوننغ ستريت ثم يلتحق بالوزراء في شمال لندن. ويعلّق ساركوزي أهمية كبرى على العلاقة الفرنسية - البريطانية، فهو يريد اطلاق علاقة أخوة جديدة مع بريطانيا للقرن الجديد لأنه يعتبر ان فرنساوبريطانيا ينبغي ان تكونا القوة المحركة في الاتحاد الاوروبي. إلا ان ساركوزي يصطدم بتحفظ بريطانيا مثلاً بالنسبة الى الدفاع الأوروبي، فقد جاء الى السياسة من القطاع الخاص، وكان محامياً لرجال الاعمال وهو من جيل الهجرة الثانية الى فرنسا كون والده جاء من المجر بحثاً عن الحرية في فرنسا، ولذلك يعلق أهمية كبيرة على المثلث الأكبر للحرية، الولاياتالمتحدةوفرنساوبريطانيا. وكان دائماً يطالب بأن تكون العلاقة الفرنسية - البريطانية قوة دافعة في الاتحاد الأوروبي اضافة الى القوة المحركة الأساسية وهي الحلف الفرنسي - الألماني. فساركوزي يرى ان العلاقة البريطانية - الفرنسية بإمكانها ان تكون اضافة الى المحرك الألماني - الفرنسي. إلا ان تحفظات بريطانيا حول الدفاع الأوروبي تطرح الأسئلة حول مدى نجاح ساركوزي في ذلك. فاليوم وبعد وقوف توني بلير الى جانب الولاياتالمتحدة في العراق يدرك المسؤولون البريطانيون انها سياسة لم تؤد الى اي تأثير بريطاني على السياسة الخارجية في الولاياتالمتحدة ولا على السياسة الأوروبية، كون اوروبا بقيت منقسمة غداة الحرب على العراق. فمشكلة بريطانيا اليوم أنها لم ترسم بوضوح معالم سياستها الخارجية بالنسبة إلى الاتحاد الأوروبي، فساركوزي يريد لفرنسا دوراً كاملاً وتاماً في قيادة حلف الاطلسي، علماً أن فرنسا التحقت كلياً بالحلف الأطلسي عندما شاركت في اصلاح منظمة الحلف في قمة براغ في 2002 بعد الخلاف الفرنسي - الأميركي حول العراق. وفرنسا منذ عشر سنوات أصبحت جزءاً فاعلاً ومشاركاً في كل عمليات"الناتو"وهي المساهم الثالث، بين دول الحلف، بعدد القوات في عدد من ساحات العمليات العسكرية وتدفع 15 في المئة من موازنة"الناتو". ولدى فرنسا 1600 جندي في أفغانستان، ولدى بريطانيا اهتمام أن تشاركها فرنسا العبء في أفغانستان وأن ترسل مزيداً من جنودها الى هناك. وتريد فرنسا تعزيز الدفاع الأوروبي داخل"الناتو"، ما يثير تحفظات بريطانيا. فالإدارة الأميركية تريد التحاق فرنسا بقيادة حلف الاطلسي، فيما تتحفظ بريطانيا على ذلك، لأنها تعارض تعزيز الدفاع الأوروبي، فهي تعتبر نفسها الجسر بين أوروبا والولاياتالمتحدة، فيما تعتبر فرنسا أنه لا حاجة لجسر كون ساركوزي يتكلم مباشرة مع الرئيس الأميركي والمستشارة الألمانية أيضاً. فتحفظ بريطانيا بالنسبة إلى الدفاع الأوروبي قد يعيق محاولة ساركوزي جعل العلاقة البريطانية - الفرنسية قوة دافعة للاتحاد الأوروبي ولو أن بإمكانه النجاح في عدد من القطاعات المشتركة، منها مشاريع طاقة نووية فرنسية في بريطانيا وفي مجال الهجرة ومشاريع مشتركة أخرى. ولكن السؤال هل سيتمكن ساركوزي من اقناع غوردون براون برؤيته الدفاعية لأوروبا؟ هذا ما سيظهر في المستقبل القريب.