شكّل موضوع مزارع شبعا المحتلة جانباً من المحادثات بين الرئيس اللبناني ميشال سليمان ووزير خارجية بريطانيا ديفيد ميليباند. ففي حين أكد سليمان على حق لبنان في استعادة سيادته على المزارع وتلال كفرشوبا، كاشفاً عن وجود وثائق جديدة ستقدم إلى الأممالمتحدة تثبت لبنانية هذه الأراضي، شدد الوزير البريطاني على ضرورة أن"ترسل هذه الوثاق إلى الأممالمتحدة"، مؤكداً"دعم أي قرار يصدر عنها في هذا المجال". وزاد:"أظن أن هناك حلاً لهذه المسألة". وقال سليمان أنه سيتولى"رئاسة جلسات الحوار بين القيادات اللبنانية للاتفاق على النقاط التي تتباين حولها وجهات نظر اللبنانيين، ومنها قانون جديد للانتخابات النيابية، انطلاقاً من النقاط التي حددها اتفاق الدوحة، واستكمالاً لما بدأ قبل الأزمة السياسية الأخيرة التي عصفت بلبنان وصولاً إلى تحقيق الأهداف التي يتطلع اليها اللبنانيون وتلقى دعماً عربياً ودولياً". وركز على"أهمية معالجة العلاقات اللبنانية - السورية انطلاقاً من المصالح المشتركة التي تجمع بين البلدين الشقيقين في إطار سيادة كل منهما واستقلاله". وطالب سليمان"بريطانيا والمجتمع الدولي بالضغط على إسرائيل لاستكمال تنفيذ القرار 1701 ووقف الخروق البرية والجوية للسيادة اللبنانية والتزام حل قضية بلدة الغجر الحدودية"، مشدداً على أن"لبنان الذي واجه الإرهاب والتطرف يجب أن يبقى بلداً نموذجياً للعيش المشترك وتفاعل الحضارات، وكل دعم يقدمه المجتمع الدولي في هذا السياق سيكون موضع ترحيب اللبنانيين الذين عبروا عن امتنانهم للمساعدات التي قدمتها بريطانيا للجيش وللمؤسسات والإدارات الأخرى". كما طالب بپ"حل للقضية الفلسطينية يحفظ حق الشعب الفلسطيني في العودة إلى أرضه لأنه لا سلام دائماً في المنطقة من دون هذا الحل العادل الذي يترك انعكاسات إيجابية على الوضع في لبنان حيث يعيش عدد كبير من اللاجئين الفلسطينيين في ظروف اجتماعية صعبة". وكان ميليباند يرافقه المبعوث البريطاني إلى الشرق الأوسط مايكل ويليامز استهل زيارته بيروت مساء أول من أمس، بلقاء رئيس المجلس النيابي نبيه بري ترافقه السفيرة البريطانية فرنسيس ماري غاي، وزار أمس سليمان ورئيس الحكومة فؤاد السنيورة وغادر بيروت ظهراً. وأعرب ميليباند بعد لقائه سليمان عن تفاؤله بأن"الفرص متوافرة للبنان كي يؤمن الاستقرار السياسي"، مشدداً على أهمية"التسوية المرتكزة الى روحية اتفاق الدوحة". ووصف الزيارة بأنها"رسالة سياسية موحدة حول مكانة لبنان في المنطقة ومساهمته في الاستقرار فيها"، مؤكداً إصرار بلاده"الكامل على أن نكون أصدقاء لبنان". وأكد الوزير البريطاني استمرار بلاده في"تقديم الدعم الموجود أصلاً للبنان حكومة وشعباً"، مشيراً إلى"مسؤوليات مختلف الأطراف اللبنانيين المتعلقة بتطبيق اتفاق الدوحة وقرارات الأممالمتحدة الرئيسة المهمة جداً لمستقبل لبنان، قال:"تناولنا أيضاً الدعم الدولي الكبير الذي يحظى به الرئيس سليمان، فالكل يعترف أن انتخابه شكل منعطفاً أساسياً في تاريخ لبنان الحديث". كما أوضح أن زيارته"ركزت على الدعم العملي الذي يمكن أن نقدمه"، لافتاً إلى أن البحث تطرق أيضاً إلى موضوع مزارع شبعا، وقال:"شرحت أهمية العمل الذي تحقق في الفترة الماضية في هذا المجال. وتحدثنا عن وثيقة تثبيت هوية مزارع شبعا التي لا بد من أن ترسل إلى الأممالمتحدة، وأشرت إلى التزامنا دعم أي قرار يصدر عن الأممالمتحدة في هذا المجال. وأظن أن هناك حلاً لهذه المسألة"، وأضاف:"الرئيس بري يرى في هذا التزاماً سياسياً، ويسرنا أن نفي بهذا الالتزام". وعما إذا كان ثمة اتصال بين حكومته وپ"حزب الله"، أجاب:"خلال هذه الزيارة التقيت رئيس مجلس النواب نبيه بري، لكن قبل تشكيل الحكومة أظن ان من الأفضل ألا نجتمع إلا مع رئيس مجلس الوزراء، وبعد تشكيل الحكومة يمكننا أن نقرر مستقبل علاقاتنا مع كل أعضاء الحكومة". وبعد زيارته السنيورة في السراي الحكومية، أكد ميليباند أن"اللقاء إيجابي"، مشيراً إلى أن"لبنان جزء شائك من الشرق الأوسط"، ومعلناً أن محادثاته مع الرؤساء اللبنانيين"تركزت على ما يجب أن يقوم به لبنان لنفسه وأول رسالة أود نقلها هي رسالة تضامن للرئيس السنيورة، وهي رسالة تضامن قوية وطويلة الأمد للشعب اللبناني وللحكومة اللبنانية". وقال ميليباند:"بريطانيا عضو في مجلس الأمن الدولي وملتزمة لعب دورها بالكامل وحض الفرقاء الباقين كذلك على تأمين التنفيذ الكامل للقرار 1701، خصوصاً ما يتعلق بموضوع مزارع شبعا". وجدد التأكيد أن"اتفاق الدوحة يمثل روح التوافق في ما بين الفرقاء السياسيين اللبنانيين، ونحن نرحب به ونتطلع إلى اللبنانيين والى كل الفرقاء لتطبيق بنوده كافة، لكن أيضاً هناك مسؤوليات دولية ونتطلع إلى تطبيقها". ورداً على سؤال، أوضح أن"رئيس الحكومة ركز على فرص الحكومة الجديدة وليس على مشاكلها، وأنا أكدت له دعمنا الكامل لقيادته الحكيمة لتأليف حكومته الجديدة. وهناك مسؤولية عليه وأيضاً هناك مسؤولية على الفرقاء الآخرين حتى يتم تأليف الحكومة بسرعة". وعن الدعم الذي يمكن أن تقدمه حكومة بلاده للبنان، أجاب:"أولاً دعم سياسي من خلال العلاقات الثنائية وأيضاً نحن عضو في مجلس الأمن الدولي وعضو مسؤول في الاتحاد الأوروبي، نستطيع أن نقدم الدعم السياسي"، مضيفاً أنه"يمكن أيضاً تقديم الدعم العملي من خلال المجال الأمني، وأيضاً في المجال الاقتصادي عبر القطاعين الخاص والعام. ونستطيع تقديم الدعم أيضاً للاجئين الفلسطينيين". وكان ميليباند التقى الرئيس بري في عين التينة في حضور وزير الخارجية في الحكومة المستقيلة فوزي صلوخ والنائب علي بزي. وأكد أن"التقدم الذي حصل في لبنان يؤسس لتقدم أوسع". وكان ميليباند وصل الى مطار رفيق الحريري الدولي في بيروت مساء أول من أمس، يرافقه وفد رفيع المستوى ضم وليامز ورئيس دائرة الشرق الأوسط في وزارة الخارجية البريطانية الدكتور جون جنكيز وبعض كبار المسؤولين.