يحتفي السعوديون بالزهور على طريقتهم، فهم يعشقونها مزروعة في المنازل والشوارع والبساتين، غير أن قيمتها الرومانسية تكاد تختفي في ظل المحظور الاجتماعي الذي فرضته بعض المؤسسات الدينية بعد أن راحت تحارب طقوس الاحتفال بعيد الحب، فكانت الزهور هي الضحية. علاقة السعوديين بالزهور عتيقة، فعاصمة المملكة، الرياض، تحتفي بزهور الخزامى والنفل، مع كل فصل ربيعي، وتنظم مهرجاناً سنوياً للزهور. والطائف تقطف للعالم 20 مليون وردة زهرية اللون، تحولها إلى منتجات عطرية، في حين تفاخر منطقة تبوك بتصدير أجمل أنواع الزهور إلى هولندا والدول الأوروبية. وعادة ما تنتشر المحال المتخصصة في بيع الورود أمام بوابات المستشفيات، لوجود اعتقاد بأن الورد يبعث في نفوس المرضى حب الحياة، وتشرق معه شمس الأمل، إضافة إلى أنه لا يشكل خطورة غالباً على حياة المريض. وعلى رغم ارتفاع ثمن الزهور في السعودية، ليصل إلى معدلات قياسية في عيد الحب الذي تحتفل به شريحة محدودة من الشبان والشابات على رغم الفتاوى التي تحرم الاحتفال به، فإن الحصول عليها يبقى ممكناً وإن بصعوبة بالغة في بعض الأحياء، لأن بيعها، في 14 شباط فبراير من كل عام، يتم بالخفاء. ويأتي مهرجان الزهور الذي تحتضنه العاصمة سنوياً منذ عام 2005، علامة فارقة في الرياض، كونه يحمل جانباً تعليمياً وتثقيفياً وتوعوياً إلى جانب دوره الجاذب في البيئة والتجميل، فيُصار إلى غرس حب الزهور ونباتات الزينة في نفوس أفراد المجتمع خصوصاً الأطفال والشباب. ويعد هذا المهرجان أحد عوامل الجذب للسياحة الداخلية، إضافة إلى أنه عنصر ترفيهي للعائلات من خلال الفعاليات المتعددة والمتضمنة معرضاً للزهور ونباتات الزينة. وتتضمن فعاليات مهرجان الورود عروضاً مسرحية للطفل، الذي تقدم فيه فقرات تعليمية وترفيهية تتمحور حول الزهور، إضافة إلى قطار الزهور الذي ينقل الأطفال وعائلاتهم من مواقف السيارات إلى أرض المهرجان. وفي الغرب السعودي، تنظم مدينة السياحة الطائف، سنوياً فعاليات مهرجان قطف الورد الطائفي. وتشارك نحو 500 مزرعة في إنتاج أكثر من 20 مليون وردة، يتم طبخها وتقطيرها قبل تحويلها إلى عطور. وتنتج الطائف سنوياً نحو 20 ألف عبوة"دهن ورد"متعددة الأنخاب، تباع في محال العطور، ومنها ما يصدّر للبيع خارج البلاد وبأسعار عالية جداً. وتعد مدينة تبوك الواقعة في أقصى الشمال الغربي، مزرعة كبرى لتصدير الورود إلى داخل المملكة وخارجها، إذ تنتج سنوياً أكثر من 18 مليون زهرة، تسعة ملايين زهرة قرنفل بأنواع وألوان مختلفة، وأربعة ملايين وردة، وخمسة ملايين زهرة أخرى، تصل أنواعها إلى 18 نوعاً. وتصدّر من إنتاجها السنوي نسبة 20 في المئة إلى ألمانياوهولندا وجمهورية التشيك والمملكة المتحدة وقبرص ولبنان، ودول الخليج العربي، منها البحرين وقطر والإمارات، إضافة إلى دول آسيا وأميركا اللاتينية. وتتميز تبوك بإنتاج 150 نوعاً من نباتات الزينة. ويأخذ البعض على السعوديين انعدام ثقافة تبادل الورود والزهور كهدايا يومية في ما بينهم، خصوصاً بين الأزواج والأصدقاء، ويرجع الاختصاصي الاجتماعي الدكتور عادل عبد العزيز، إهمال بعض السعوديين الورود إلى عدم معرفتهم بسيكولوجية الألوان، وتأثيرها في نفسياتهم. ويقول:"على رغم انخفاض القيمة المادية للوردة، إلا أنها تترك قيمة معنوية كبيرة في نفس المهداة إليه، إضافة إلى أنها تعد ضرورية جداً في مجال ترطيب العلاقات الزوجية والحميمة بين أفراد المجتمع".