مساء اليوم يختتم مهرجان "كان" السينمائي الدولي فعاليات دورته الحادية والستين، بإعلان لجنة التحكيم، وعلى رأسها الممثل والمخرج الاميركي شين بن، أسماء الفائزين بجوائز المهرجان في المجالات القليلة التي اعتاد أن يمنح جوائزه فيها. وحتى اللحظة، وكما هي العادة، لم يرشح اي شيء عن اختيارات لجنة التحكيم، وان كانت التكهنات تسير في دربها المعتاد، إنما من دون ان"يجرأ"أحد على تأكيد أي شيء. وهذا العجز لا ينبع من سجال حول مستوى الأفلام، أو أحقيتها المطلقة بالفوز، بل بالمسألة التي باتت بديهية أكثر وأكثر: مسألة ان مهرجاناً ما، منذ اللحظة التي يختار لجنة التحكيم ورئيسها، يختار الفائزين أيضاً. ما يعني أن أي اختيار في هذا المجال هو اختيار ذاتي يخضع لأهواء وتفضيلات المحكمين ولا يعني أبداً انه محط إجماع. ولهذا الأمر حسناته كما ان له سيئاته ولكن هذه هي قواعد اللعبة، يخضع لها الجميع. يحتج البعض. يحتفل آخرون. وآخرون لا يبالون على الإطلاق، يعرفون ان هذا كله سينسى بسرعة لتبقى الأفلام وحدها في مواجهة الجمهور. هذه الدورة لا تشذ إذاً في هذا الاطار عن سابقاتها. كما لا تشذ في مجال ما يلاحظ من انحدار تنظيمي وفي الاختيارات وفي التعامل مع الجمهور من دورة الى أخرى. أضف الى هذا ان الدورة لم تأت على مستوى ما كنا نتوقعه منها بالنسبة الى الأفلام. ما يعيد من جديد طرح السؤال الذي لم نتوقف عن طرحه منذ سنوات:"كان"الى أين؟ وذلك في ظل المنافسة السنوية المحتدمة مع برلين والبندقية. مهما يكن، كان يمكن لمستوى الأفلام أن يقول ان مهمة لجنة التحكيم لن تكون صعبة، طالما أن أفلاماً متسابقة كثيرة خرجت ذهنياً من التباري. ومع هذا نعرف دائماً ان الجودة المطلقة لا تؤخذ في الحسبان وان لجان التحكيم تطلق مفاجآت تستدر هجومات وهجومات مضادة. وفي هذا الاطار أيضاً، وطالما أن المشاكس شين بن هو رئيس اللجنة، يضع كثر أيديهم على قلوبهم منذ الآن. ومع هذا، ندخل لعبة الترجيح ولو على سبيل التسلية كما يفعل كثر غيرنا الآن، مجازفين بأن يبدو هذا كله عند المساء قبض ريح. لكنها مجازفة محسوبة تأخذ في اعتبارها ليس فقط شخصية شين بن بل مصالحه وصداقاته أيضاً، طالما أن رئيس اللجنة يكون عادة المؤثر الأكبر. قد يكون"إبدال"ايستوود مستحقاً حقاً ل"السعفة الذهبية". ولكن لشين بن أسباباً إضافية منها ان ايستوود أعطاه الأوسكار قبل سنوات. رد الجميل وارد هنا. بينيشيو ديل تورو صديق حميم لبن، وهو أدى على أي حال دوراً كبيراً في"تشي". وهذا برسالته النضالية يغيظ جورج بوش، ولا أحب على بن من غيظ جورج بوش. إذاً، جائزة أفضل تمثيل رجالي لديل تورو في الأفق. التركي"ثلاثة قرود"هو محل بالإجماع أفضل ما في المهرجان. سيؤخذ هذا في الاعتبار على الأرجح وينال جائزة لجنة التحكيم الكبرى. في المقابل"عبادة"لإيغويان فيلم عن التسامح وتلاقي الأديان والشرق الأوسط يدخل في هوى لجنة التحكيم المثقفة. إذاً، حظوظ سيناريو هذا الفيلم المحكم كبيرة. جائزة السيناريو؟. التمثيل النسائي قد لا يبعد كثيراً عن انجلينا جولي، صديقة أخرى لبن وللجنة التحكيم والسيدة تطلق لحدود فنها العنان. مرة أخرى الاخوان داردين قدما في"صمت لورنا"فيلماً كبيراً. ربما"السعفة"ولكن الأرجح انهما سيتقاسمان جائزة الإخراج. فيما تُكافأ فرنسا على استضافتها كل هذا الجمع السينمائي اللذيذ بجائزة لجنة التحكيم الخاصة. هذا كل شيء تقريباً ولكن من دون نسيان فلتة شوط تروق لبن وصحبه، وهو الفيلم الإسرائيلي المعادي لإسرائيل"فالس مع بشير"، شرط أن يعثر على فيلم عربي يقابله بجائزة ما. ولكن هذا مستحيل، في هذه الدورة على الأقل.