كان فرنسا - أ ف ب، "الحياة" - احدث فيلمان يعتبران من الافلام الصعبة هما "لومانيتيه" الانسانية للفرنسي برونو دومون و"روزيتا" للاخوين البلجيكيين لوك وجان - بيار داردين المفاجاة بخروجهما منتصرين من الدورة ال52 لمهرجان كان الدولي للفيلم الذي اختتم أول من امس. وكانت حفلة توزيع الجوائز بدأت وسط الدموع والانفعالات قبل ان تبرد حماستها بعض الشيء لتشهد صفيراً واحتجاجات مع اعلان فوز دومون بثلاث جوائز. وحصل الاخوان داردين على المكافأة "التي هي اكثر ما يطمح اليه السينمائيون" كما قالت الممثلة الفرنسية صوفي مارسو التي قدمت اليهما السعفة الذهبية. واكتملت فرحتهما بفوز بطلة فيلمهما ايميلي دوكين بجائزة التمثيل النسائي التي تقاسمتها مع سيفيرين كانيل احدى بطلات "لومانيتيه". واعتبر هذا الفيلم، وهو الثاني من اخراج دومون، الفائز الاكبر الفعلي في المهرجان اذ حصل على ثلاث جوائز هي، اضافة الى جائزة التمثيل النسائي، جائزة التمثيل للرجال التي فاز بها ممثل غير محترف هو ايمانويل شوتي العسكري السابق العاطل حالياً عن العمل، وجائزة لجنة التحكيم الكبرى. وكان فيلم "الانسانية" اثار انقساماً بين النقاد في المهرجان وهو فيلم معقد وقاتم شهد عاصفة من الضحك وصفير الاستهجان لدى عرضه على الصحافيين. وكان على المخرج الاسباني الحيوي بيدرو المودوفار، الذي ظل يعتبر حتى اللحظة الاخيرة الاوفر حظاً للفوز بالسعفة الذهبية، ان يكتفي بجائزة الاخراج عن فيلمه "كل شىء عن امي". وأسف المودوفار لعدم حصول مخرجين كبار شاركوا في المهرجان على جوائز، معدداً في شكل خاص الاميركيين ديفيد لينش وجيم جارموش والكندي اتوم اغويان. وجاء خيار لجنة التحكيم للفائزين بكل جوائز المهرجان معارضاً لتوقعات النقاد. ورغم وجود العديد من ممثلي السينما الانكلو - ساكسونية بين اعضاء اللجنة الا انها اختارت مكافأة افلام "اوروبية" الاتجاه مع منحها ايضاً جائزة خاصة الى عميد السينمائيين البرتغالي مانويل دي اوليفييرا عن فيلمه "الرسالة". وبدا واضحاً ان اللجنة فضّلت مكافأة افلام فنية تجريبية تعبِّر عن ابداع مخرجيها وبعيدة عن التيار التجاري الذي تمثله السينما الاميركية في شكل عام. وكان اول من بكى المخرج الشاب رودولف ماركوني 22 عاماً الذي حصل على جائزة عن فيلمه القصير "ستوب". وقد اغرورقت عينا مانويل دي اوليفييرا بالدموع وهو يتسلم جائزة الكاميرا الذهبية من ايدي جيرالدين شابلن قائلا لها ان "افلام والدك اسعدت طفولتي". وباستثناء الجائزة الثانوية التي منحتها اللجنة الفنية العليا للصيني شين كايجي عن فيلمه "الامبراطور والقاتل" كرمت دورة كان ال52، السينما الاوروبية بشكل شبه حصري. وباستثناء فيلم الاسباني بدرو المودوفار "كل شيء عن امي" الكوميدي الدرامي الذي حاز جائزة الاخراج، فان لجنة التحكيم اختارت في شكل اساسي افلاما غير تجارية على الاطلاق وصعبة. فيلم "لومانيتيه" الانسانية للفرنسي برونو دومون حصل وحده على ثلاث جوائز جائزة لجنة التحكيم الكبرى، جائزة التمثيل للرجال لايمانويل شوتي وجائزة التمثيل النسائي لسيفيرين كانيل. واعتبر النقاد هذا الفيلم القاتم تجسيداً لسينما الواقع، الا ان مخرجه استاذ الفلسفة السابق رفض هذه الصفة مشدداً على "البعد الشاعري" لفيلمه الذي اثار الصفير والضحك حين عرض على الصحافيين للمرة الاولى. ولا يعتبر البرتغالي مانويل دي اوليفييرا والروسي الكسندر سوكوروف من مخرجي السينما "السهلة". وقد فاز الاول بجائزة لجنة التحكيم عن "الرسالة" والثاني بجائزة السيناريو عن "مولوك". وبدا تأثير لجنة التحكيم الكندي ديفيد كروننبرغ، مخرج الافلام المعقدة والغريبة، مثل "كراش" واخيراً "اكسيزتانس"، واضحاً في اختيار الفائزين. وقدمت الدورة ال52 دليلاً اضافياً على انه يتعين التعاطي مع التكهنات بكثير من الحذر. فباستثناء المودوفار غاب عن لائحة الجوائز كل "المفضلين" لدى رواد المهرجان لا سيما الاميركيان جيم جارموش وديفيد لينش والياباني تاكيشي كيتانو والكندي اتوم ايغويان. ولا يحق لاعضاء لجنة التحكيم ان يدلوا بأي تصريحات حول مضمون مشاوراتهم التي قادت الى اختيار الفائزين وجرت بسرية. واللافت في فوز الفيلم البلجيكي القصير "روزيتا" بالسعفة الذهبية يروي قصة فتاة تكافح لايجاد وظيفة وموقع لها في العالم، وهو الفيلم الرابع للاخوين جان بيار ولوك داردين، هو فوز ايميلي دوكين 18 عاماً بطلة "روزيتا" التي حازت جائزة أفضل ممثلة عن أول دور لها في فيلم سينمائي. فبكت وانفعلت وبدت طاهرة بعفويتها مؤثرة وهي تشكر عائلتها. وتقاسمت الجائزة مع دوكين سفيرين كانيل بطلة الفيلم الفرنسي "الانسانية". ورأى جان لابيه رئيس الاتحاد الوطني لصالات السينما الفرنسية ان تأثير "كان" يمكن أن يكون سلبياً أو ايجابياً. فإذا أثار الفيلم الاعجاب في المهرجان تساهم الدعاية له في جذب المشاهدين. اما إذا اثار الجدل فيبتعد الجمهور عن الفيلم.