لم ينل "دوغفيل" اي ذكر في ختام مهرجان "كان" الدولي لكن ذلك كان أيضاً حال "المسبح" و"ميستيك ريفر" و"الفراشات القرمزية"، وهي بعض الأفلام التي دارت حولها التوقعات حتى اللحظات الأخيرة. ولم تحصل السينما الفرنسية على اي جائزة، كأن أفلام أندريه تيشيني وراوول رويز وفرانسوا أوزون... مجرد إضاعة للوقت والجهد والمال. وكانت الدورة رديئة بالفعل، فمنذ البداية كان معروفاً ان السينما الأميركية هي الأوفر حظاً بالجائزة الرئيسية. الظروف السياسية ذاتها دعت الى ذلك، لكن اي فيلم؟ المنافسة لم تكن بين الأفلام الأميركية الثلاثة التي شهدها المهرجان "الأرنب البني" لفنسنت غالو انزلق سريعاً خارج الحسبان بل بين نوعيها المستقل والمؤسساتي. بين سينما خارج كنف هوليوود وسينما داخلها. والفائزة كانت السينما الخارجة. تلك التي نسميها مستقلة والتي لم تعد كذلك فعلاً. وعلى طريقة الأوسكار، فإن الفائز بجائزة أفضل مخرج هو ذاته الفائز بجائزة أفضل فيلم على غير عادة المهرجان في معظم دوراته السابقة. "فيل" الذي خرج بالسعفة وبجائزة أفضل اخراج لصاحبه غس فان سانت هو موضوع مهم انما بلا مخالب. في المقابل، "ميستيك ريفر" سينما مبنية على المنهج السينمائي الكلاسيكي. تحت إدارة كلينت ايستوود يأتي الفيلم دراسة عن حالات شخصية في قالب درامي بوليسي. الفيلم ليس مطاردات وبطولات فوق العادة، نوع تركه ايستوود وراءه منذ سنوات وأم منهجاً أكثر نضجاً، بل قراءة في ثلاث شخصيات وردود أفعالها تجاه جريمة قتل ابنة أحدهما. على صعيد سينمائي بحت خال من القراءات الجانبية والتبريرات، فيلم ايستوود ليس فقط أفضل من فيلم غس فان سانت، بل افضل من كل الأفلام التي عرضت في المسابقة في معظم عناصره، خصوصاً في مجالي الكتابة والإخراج والتوليف والتمثيل. على رغم ذلك كان متوقعاً ألا يميل رئيس لجنة التحكيم وبضعة آخرون في لجنته الى فيلم هوليوودي منظم، وبل التضحية بممثليه الرائعين تيم روبنز وشون بن لقاء أن يفوز الممثلان التركيان محمد أمين طبرق ومظفر أوزدمير بالجائزة. وبإخراج فيلم ايستوود من الجوائز انتصرت الدورة للسينما الأميركية خارج نطاقها الرسمي ما يعتبر نصف خطوة للمصالحة الفرنسية - الأميركية، في آن. وتكرار الجوائز كان ايضاً من نصيب "غزو البرابرة" للكندي دنيس أركان اذ نال جائزة أفضل سيناريو ونالت ماري جوزي- كروز جائزة أفضل ممثلة مع انها لم تظهر الكثير من الموهبة لكنها أدت وظيفتها في الفيلم جيدا. ولعل أفضل النتائج هي خروج "دوغفيل" للارس فون تراير و"حقائب تولسي لوبر - الجزء 1" للبريطاني بيتر غريناواي من دون اي تقدير.