أقل من مئة يوم تفصلنا عن إفتتاح دورة الألعاب الأولمبية الصيفية في بكين، ولا يزال الحديث عن"المطبات"التي اعترضت مسار الشعلة بسبب إقليم التيبت طاغياً. وفي حين تبدأ الشعلة - الرمز في 2 أيار/ مايو رحلة داخلية في مناطق الصين وأقاليمها قبل أن تدخل ستاد"عش الطيور"في بكين ليلة الثامن من آب أغسطس المقبل لتوقد نارها في المرجل الضخم... إرتفعت وتيرة الجدال حول تحركات سعى إليها رياضيون أولمبيون، لرفع الصوت في وجه كل ما يشوّه الرياضة ومنافساتها ومُثلها، غير أن كثراً منهم يريدون التعبير من منطلق أن الرياضي لا يجوز أن يكون بعيداً من واقعه الاجتماعي العام ولا يتفاعل معه. واللجنة الأولمبية الدولية مدعوة لحزم أمرها وإتخاذ موقف نهائي حيال تحركات الرياضيين، وإذا كانت أعلنت أخيراً انها لن تسمح للرياضيين الفرنسيين أن تحمل ملابسهم وتجهيزاتهم في بكين عبارة"من أجل عالم رياضي أفضل"، فإن ردة فعل بعض أعضائها"أجبرتها"اعتماد نظرة أكثر شمولية، وهذا ما ينتظر ان تسفر عنه اجتماعاتها المقررة من 4 الى 6 حزيران يونيو المقبل في أثينا، وفي 2 و3 آب أي قبل أيام قليلة من إفتتاح الألعاب. وعلى غرار البادرة الفرنسية والمشروع الذي يعدّه البطلان السابقان دافيد دوييه الجودو وستيفان دياغانا ألعاب القوى، الذي لا يتعارض والروح الأولمبية ودعائم حركتها، أعلنت بطلات نروجيات مؤهلات لحصد ميداليات في بكين، ومنهن غورو كنوتسن لاعبة كرة القدم وغرو هامرسينغ لاعبة كرة اليد، دعمهن للسجناء السياسيين في الصين، إذ شاركن في حملة لمنظمة"أمنستي انترناشيونال". وحظيت هذه الخطوة بموافقة مواطنهن غيرهارد بيرغ عضو اللجنة الأولمبية الدولية. من جهتها، رفضت الألمانية ايفون بونيش حاملة ذهبية الجودو في دورة"أثينا 2004"السير في طابور العرض في إفتتاح ألعاب بكين، إحتجاجاً على السياسة الصينية. ودعت بطلة سيف المبارزة الإيطالية سالفاتوري سانزو 32 سنة، وهي صحافية وتحمل شهادة دكتوراه في القانون، الى تحرّك يحث على الاهتمام بالقضايا العامة"ومن ضمنها قضية التيبت، وبالتالي لا يكون موجهاً الى بلد محدد". وناشدت اللجان الأولمبية الوطنية اعتماد شعار أو ملصق يعبّر عن هذه الغاية. وتطرّق السباح الأولمبي الهولندي بيترفان هوغنباند الى قضايا حقوق الإنسان من خلال تعليق نشر في احدى صحف بلاده. واقترح لاعب كرة اليد النروجي ألكسندر بوخمان التضامن بوضع سوار في اليد يرمز الى هذا"التحرك البنّاء". ورأى الألماني ايمكه دوبليتزر، الذي حلّ ثانياً مع منتخب بلاده في مسابقة الحسام سيف المبارزة في"أثينا 2004"، ان إنشاء موقع إلكتروني تطرح عبره الآراء والنقاشات بين الرياضيين حول الشؤون العامة بات ضرورياً، واقترح ان يحمل السوار عبارة"الرياضة لحقوق الإنسان". ولم يستبعد حصول تحركات عفوية رياضية في بكين خلال الألعاب. في المقابل، أسفت العدّاءة البريطانية باولا رادكليف حاملة الرقم القياسي العالمي في سباق الماراثون والطامحة لميدالية ذهبية في بكين، ان تتحول الألعاب الى أداة ضغط سياسي، يدفع ثمنه الرياضيون أنفسهم. ورادكليف الناشطة في مجال محاربة المنشطات، ترفض الإنخراط في تحركات تخرج عن النطاق الرياضي، وتذكّر بأن"حياد الرياضيين أفضل"، خصوصاً أنهم لا يُسألون حين تُختار المدينة المضيفة للألعاب. وتعتبر أن التظاهرات المناهضة للحكومة الصينية والتي اعترضت طريق الشعلة مدبّرة منذ فترة، علماً"أن الشعلة ترمز الى الألعاب الأولمبية وعالميتها وليس الى بكين أو الصين تحديداً، وبدل أن تكون الرياضة عابرة للحواجز والمشاكل والحروب، يزجونها في آتون خلافاتهم. وعليهم مواجهة ما يعارضونه بالسياسة. وإن أفضل تعبير يقدمه الرياضي وافضل موقف يتخذه هو تحقيق الإنجازات وترك الآخرين يحلمون بمثلها".