"تتأرجح" الشعلة الأولمبية في رحلتها الخارجية المستمرة في أفخاخ السياسة، بعدما خفّ وهجها في مدن عدة بسبب حملات نظمها معارضون احتجاجاً على ما يحصل في إقليم التيبت واتهامات انتهاك حقوق الإنسان الموجهة الى الحكومة الصينية. وبعد"صمت مريب"ومحاولة لإظهار حيادية مطلقة حفاظاً على"حقوق الرياضيين"وتجنيبهم"دفع أثمان باهظة"، أعلن رئيس اللجنة الأولمبية الدولية البلجيكي جاك روغ ان"العنف أياً تكن أسبابه لا يتناسب مع قيم رحلة الشعلة أو الألعاب الأولمبية". والمستجدات"المتصاعدة"في الأيام الأخيرة طرحت"جدلية معقدة"حول تحديث"الأفكار الأولمبية"، وان تكون مُثلها في خدمة المجتمعات المقموعة سياسياً. ولعل ما رافق مسيرة الشعلة في باريس مثلاً، يعزز هذا الاتجاه، إذ رُفعت يافطات حقوق الإنسان في أماكن رسمية منها مبنى البلدية، تذكّر باحترام حقوق الإنسان، ووزعت ملصقات"من أجل عالم أفضل"كي تبلغ"نار الشعلة"أي"نار المثل الأولمبية بكين". وفي هذا السياق تساءل ستيفان دياغانا بطل العالم السابق في جري ال400م حواجز 1997، عضو لجنة الرياضيين في الوكالة الدولية لمكافحة المنشطات، عن دور اللجنة الأولمبية الدولية، ومواجهاتها للتحديات، وهل لا تزال أسيرة المقاطعة التي حصلت لدورتي لوس انجليس 1984 وسيول 1988 والإحراج الذي سببه لها نظام"الرايخ الثالث"وزعيمه هتلر في دورة برلين 1936. وحمل دياغانا الشعلة في باريس لدى انطلاقها من الطابق الأول في برج ايفل، وأوضح ان ملصق"من أجل عالم أفضل""تعبير إراده الرياضيون لئلا تفقد الألعاب الأولمبية في آب أغسطس المقبل صداها المرجو ويصبحوا ضحايا وضع صعب". وأكد دياغانا ان الرياضي يتفاعل مع مجتمعه، ومن البديهي أن تكون المثل الأولمبية أداة تطوير وخيراً للأمم، لذا"من غير الجائز أن تصرّ اللجنة الدولية على حيادية سلبية، بل عليها أن ترمي بثقلها من أجل خدمة هذه الغاية وبلورتها". وطرح دياغانا يزيد من وتيرة مناقشة الأهداف الأولمبية ومثل الشرعة الدولية السامية، وبالتالي"لم يعد جائزاً أن تمنح الألعاب إلا لمن يحترم هذه المثل، ويجب أن يتضمن دفتر شروط التنظيم نصاً صريحاً يحدد الإلتزام الواضح أمام اللجنة الدولية والأمم المتحدة ومنظمات حقوق الإنسان"، كما يوضح دياغانا. وبالتالي يضاف هذا الشرط الى المعايير ال17 التي يجب أن توفرها المدن المرشحة وتلتزم بها. ويقول دياغانا:"من المؤسف ألا نستعمل قدرتنا على التغيير، وهذا مطلوب من رئيس اللجنة الأولمبية الدولية وأعضائها"الذين يمثلون قيمة معنوية وأداة ضغط وتأثير وبعضهم من أصحاب السلطة، وعلى وسائل الإعلام أن تطلب ضمانات مسهّلة لحرية التعبير والتعددية على أنواعها، علماً أن اللجنة الدولية عوّلت منذ البداية على أن منح بكين شرف تنظيم الألعاب سيجعل الصين تحت أنظار عشرات آلاف الإعلاميين، و"يجبرها"على الانفتاح والإصلاح. وفي سياق متصل، أثبتت ردة فعل أبطال مرموقين أن الرياضة ليست عالماً منغلقاً هم أهله المنافسة وحصد الميداليات وتحطيم الأرقام، بل هي تبادل وتواصل وفرحة لقاء، ومحفز اجتماعي بارز، وواجب أصحاب الشهرة رفع الصوت ومساعدة الآخرين.