أنهى الرئيس محمود عباس ورئيس الوزراء الإسرائيلي إيهود أولمرت أمس لقاء هو السادس منذ مؤتمر أنابوليس الدولي للسلام في تشرين الثاني نوفمبر الماضي، من دون تحقيق أي تقدم يحرك المفاوضات المتعثرة بين الجانبين بسبب توسيع الدولة العبرية مخططاتها الاستيطانية في القدسالمحتلة. وأكد رئيس دائرة المفاوضات في منظمة التحرير الفلسطينية صائب عريقات في مؤتمر صحافي أمس عقب الاجتماع أن"الخلاف بين الجانبين في شأن الاستيطان ما زال عميقاً". وقال إن اسرائيل وافقت خلال الاجتماع على منح بطاقات هوية لنحو عشرة آلاف مواطن يعيشون في الضفة الغربية وقطاع غزة من دون بطاقات. وهذه الدفعة الثالثة من 54 ألفاً وافقت إسرائيل على منحهم بطاقات هوية للإقامة الدائمة على دفعات، علما ان الدفعة الأولى ضمت خمسة آلاف والثانية سبعة آلاف. وأبلغ أولمرت عباس أمس موافقته على عودة أربعة من أصل 26 مبعداً من الضفة إلى قطاع غزة. وقال عريقات إن الرئيس رفض العرض الإسرائيلي، مصراً على عودة جميع أفراد المجموعة الذين أبعدتهم إسرائيل من منطقة بيت لحم إلى غزة بعد محاصرتهم لأسابيع في كنيسة المهد في بيت لحم أثناء إعادة احتلال المدينة في نيسان أبريل 2002. وقال عريقات إن الاستيطان احتل حيزاً كبيراً من الاجتماع الذي شارك فيه رئيسا الوفدين المفاوضين. وأضاف:"عرض الرئيس عباس في الاجتماع خرائط ووثائق حول الاستيطان، وقال لأولمرت إن استمراره يقوض صدقية العملية السلمية، لكنني استطيع القول ان الخلاف بيننا في هذا الشأن ما زال عميقاً". ولفت إلى أن عباس طالب الجانب الإسرائيلي بتنفيذ المرحلة الأولى من"خريطة الطريق"كما اتفق عليه في مؤتمر أنابوليس، أي وقف الاستيطان وإزالة البؤر الاستيطانية وإعادة فتح مؤسسات القدس وإعادة الأوضاع في الأراضي الفلسطينية إلى ما كانت عليه قبل اندلاع الانتفاضة الثانية في أيلول سبتمبر 2000. ورداً على إعلان إسرائيل إزالة 50 إغلاقاً لطرق في الضفة، قال عريقات:"أؤكد لكم أن شيئاً على الارض لم يتغير، وان إسرائيل ما زالت تفرض نظاماً محكماً من الإغلاق، وما زالت تحول مدننا وقرانا إلى سجون كبيرة". واضاف أن عباس وأولمرت"اتفقا على استمرار الجهود للتوصل إلى اتفاق قبل نهاية العام الحالي". لكنه استدرك قائلاً:"هنا دور مهم للجانب الأميركي". ويجري الجانبان مفاوضات نهائية تتضمن قضايا إقامة الدولة الفلسطينية المستقلة والمستوطنات والحدود واللاجئين والقدس والمياه والأمن، لكن تقدماً لم يتحقق في أي من هذه الملفات. وكثفت إسرائيل منذ بدء المفاوضات بصورة لافتة مشاريع توسع استيطاني واسعة في مدينة القدس وبعض مناطق الضفة التي تخطط لضمها في أي حل نهائي، وهو ما يضعف ثقة الفلسطينيين بالمفاوضات التي باتوا يرون فيها غطاء تستخدمه إسرائيل لتنفيذ خططها التوسعية. ووصل الاحباط من المفاوضات إلى أعضاء الوفد الفلسطيني المفاوض الذين طالب أحدهم ياسر عبد ربه أخيراً بوقف هذه المفاوضات لعدم جدواها في وقف الاستيطان. لكن قريبين من الرئيس عباس يقولون إنه يرفض الدعوات إلى وقف المفاوضات خشية تحول الضغوط الدولية إلى الفلسطينيين بدل إسرائيل. وفي اسرائيل، قالت الإذاعة العامة إن اولمرت وعباس بحثا ما أنجزته طواقم المفاوضات حتى الآن، واتفقا على مواصلة لقاءاتهما بهدف التوصل حتى نهاية العام الحالي إلى مسودة اتفاق على التسوية الدائمة"على أساس خريطة الطريق". ونقلت صحيفة"هآرتس"عن مصادر في مكتب أولمرت قولها قبل انعقاد الاجتماع إن رئيس الحكومة يريد تعميق تدخله في المفاوضات مع الفلسطينيين بهدف التوصل إلى أكبر قدر من التفاهمات على أكبر عدد ممكن من القضايا. وكانت وزيرة الخارجية الإسرائيلية تسيبي ليفني استبقت الاجتماع بالتأكيد أن إسرائيل لن تساوم في"الخطوط الحمراء"التي حددتها، في إشارة إلى القضايا التي تعتبر موضع إجماع صهيوني، وهي: رفض عودة أي لاجئ، وبقاء القدس موحدة، وضم الكتل الاستيطانية الكبرى في محيط القدس وغرب الضفة الغربية، أي اعتبار حدود الجدار الفاصل الذي أقامته في السنوات الأخيرة حدودها مع الدولة الفلسطينية. ونقلت إذاعة الجيش عن ليفني قولها لوفد أميركي من جمعية"مسيحيون من أجل إسرائيل"مساء أول من امس، إنه ينبغي على المجتمع الدولي"أن يدرك أن لإسرائيل خطوطاً حمراً لن تتخطاها في المفاوضات مع الفلسطينيين". وجاء الاجتماع بين اولمرت وعباس في ظل معارضة جهاز الأمن العام شاباك وعدد من الوزراء"التسهيلات الإسرائيلية"التي أقرها أخيراً وزير الدفاع ايهود باراك للفلسطينيين في الضفة الغربية والمتمثلة بإزالة بعض السواتر الترابية. وطالب رئيس الجهاز يوفال ديسكين الحكومة بعدم الرضوخ الى الضغوط الأميركية لتقديم تسهيلات للفلسطينيين، وأنه يجب أولاً استكمال بناء الجدار الفاصل. ونقلت"يديعوت احرونوت"في موقعها على شبكة الانترنت عن ديسكين قوله في اجتماع الحكومة الأسبوعي أول من أمس أنه لا مبرر لتقديم تسهيلات وتخفيف الضغط عن الفلسطينيين"في مقابل المجازفة بعملية سياسية قصيرة الأمد لن تقود إلى شيء". وأضاف أن"تقديم لفتات طيبة بلا مقابل لها على الأرض، سيخرج مارد الإرهاب من القمقم". ورد باراك على ديسكين بالقول إن اللفتات التي قامت بها إسرائيل عادت عليها بإطراءات أميركية وأوروبية، و"يحظر علينا تعزيز الادعاء بأن المفاوضات ستفشل... وأننا لم نقدم التسهيلات الكافية". وأضاف أنه يعمل على"تقوية المعتدلين في الجانب الفلسطيني من دون تغييب المصلحة العليا للدولة، وهي الأمن".