يصل الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي بعد ظهر غد الإثنين إلى تونس في زيارة دولة تستغرق ثلاثة أيام يجري خلالها محادثات مع الرئيس التونسي زين العابدين بن علي. وحرص الرئيس الفرنسي الذي ترافقه زوجته كارلا، على عدم تقصير عدد الأيام التقليدية لزيارة الدولة، وهي ثلاثة أيام، علماً أنه يرغب في العادة في الزيارات القصيرة، في مؤشر على الأهمية التي يوليها لتونس وللعلاقة التي تربطه بهذا البلد ورئيسه. ووصفت أوساط الرئيس الفرنسي علاقات فرنسابتونس بأنها"الأكثف والأهدأ"إذا ما قورنت بالعلاقة مع المغرب والجزائر. وقالت أوساط الرئاسة في عرضها للزيارة أمام الوفد الصحافي الذي سيرافق الرئيس في زيارته،"إن تونس شريك مهم لفرنسا، وهو الأكثر اعتدالاً وانفتاحاً، وبلد استضاف طويلاً مركز قيادة منظمة التحرير الفلسطينية، ما ترك في أذهان القادة التونسيين اهتماماً خاصاً بمسيرة السلام في الشرق الأوسط". وترى الرئاسة الفرنسية"أن تونس من الدول القليلة التي لديها حوار حقيقي ومستمر مع إسرائيل من دون أن تكون لها علاقات ديبلوماسية، وأنه دائماً من المفيد الاستماع إلى تحليل الرئيس بن علي ليس فقط حول مسيرة السلام، ولكن أيضاً حول الوضع في المنطقة المغاربية والتهديدات الإرهابية التي تواجهها المنطقة، كما تواجهها فرنسا، وإلى رأيه في المواضيع المهمة الأخرى مثل الاتحاد من أجل المتوسط والقمة الفرانكوفونية التي ستستضيفها كيبيك في تشرين الأول اكتوبر المقبل". ويرافق ساركوزي خلال زيارته وفد كبير يضم من بين أعضائه وزيرة الداخلية ميشيل اليو -ماري ووزير الهجرة بريس أورتوفو ووزيرة العدل رشيدة داتي ووزيرة المال كريستين لاغارد التي تلتحق بالوفد مساء الاثنين ووزيرة حقوق الإنسان رما ياد ووزير التجارة والسياحة هيرفي نوفلي ووزير النقل دومينيك بوسرو. وفي حين لن يكون وزير الخارجية برنار كوشنير في عداد الوفد، فإن شخصيات سياسية سترافق الرئيس الفرنسي مثل فيليب سيفان ورئيس الحكومة السابق جان بيار رافاران، كما يلتحق بالوفد الرئاسي وفد من 120 رئيس شركة فرنسية برئاسة لورانس باريزو رئيسة حركة أرباب العمل الفرنسية ميديف. وأوضحت أوساط الرئاسة الفرنسية أن فرنسا هي الشريك الاقتصادي الأول لتونس، وأن حوالي 600 ألف تونسي يعيشون في فرنسا يحمل ثلثاهم الجنسية المزدوجة. وتعتبر الرئاسة الفرنسية أن تونس الدولة الأكثر فرانكوفونية في المغرب العربي، وتشير إلى أن فرنسا هي الشريك التجاري الأول لتونس كونها تتلقى 30 في المئة من الصادرات التونسية. وتضيف أن 1200 شركة فرنسية مركزها في تونس حيث يعمل فيها أكثر من مئة ألف تونسي، وتمثل نصف الوجود الأجنبي التجاري في تونس. واللافت أن التبادل التجاري بين البلدين يتقدم على التبادل التجاري بين فرنسا والمغرب، لكنه يأتي مباشرة بعد التبادل التجاري بين فرنسا والجزائر، علماً أن تونس ليس لها نفط وغاز تصدّره لفرنسا. وتوقعت مصادر الرئاسة أن يتم توقيع عدد من الاتفاقات خلال الزيارة، أحدها يتناول موضوع الهجرة، وسيكون الاتفاق الأول من نوعه مع دولة مغاربية، بحسب القصر الرئاسي، ما يبرر وجود الوزير أورتوفو في الزيارة. وأوضحت مصادر الرئاسة أن الاتفاق يهدف إلى مكافحة أفضل للهجرة غير المشروعة والانفتاح إلى الهجرة المهنية. أما الاتفاق الثاني الذي سيوقعه ساركوزي مع بن علي فسيتناول التعاون النووي المدني، وهو مشابه لما تم مع ليبيا والمغرب والجزائر. وقالت إن"الاتفاق الإطار"سيفتح الطريق لتدريب مهندسين في القطاعات المختلفة، وسيكون في الإمكان التوصل لاحقاً إلى اتفاق في شأن انشاء محطة نووية مدنية. ولفتت إلى أن المغرب سيكون من بين الدول الأولى في المنطقة الذي قد ينشئ محطة نووية مدنية، لكنها قالت إن ذلك لن يكون في المرحلة الراهنة بل بعد فترة من الوقت والتدريب. وأضافت المصادر أن الاتفاق الثالث الذي سيوقعه ساركوزي سيتناول التعاون السياحي مع تبادل الخبرات. وكشفت أن هناك مفاوضات قائمة لم تنته بعد لشراء الخطوط التونسية طائرات من طراز"ايرباص". وسيتم التطرق إلى هذا الموضوع بين الرئيسين. وأكدت أوساط الرئاسة أن ساركوزي يولي اهتماماً للاستماع إلى اقتراحات الرئيس بن علي ورأيه بالنسبة إلى الاتحاد المتوسطي. ويُتوقع أن يناقش الرئيسان قضية رئاسة الاتحاد المتوسطي، إذ ستكون هناك رئاسة للشمال الضفة الشمالية للمتوسط وأخرى للجنوب، وقضية مركز الاتحاد وموقع الأمانة العامة. وكان ساركوزي قال للرئيس المصري حسني مبارك، خلال زيارته لباريس الإثنين الماضي، إن فرنسا ترحب بإنشاء مركز أمانة الاتحاد في الضفة الجنوبية للمتوسط، خصوصاً أن من الانتقادات التي وجّهت إلى مسار برشلونة أن النفوذ والسلطات كانت متمركزة في بروكسيل مقر الاتحاد الأوروبي. وقالت أوساط الرئاسة إنها سمعت هذه الانتقادات وإن اهتمامها الأول هو إعادة التوازن إلى الشراكة بين ضفتي المتوسط، ولذلك فإن ساركوزي يرحب بأن تكون الأمانة العامة في الجنوب، لكنه يعتبر أن هو غير معني باختيار المكان،"فهذا شأن دول الجنوب". وأوضحت الرئاسة أن ساركوزي سيتحدث علناً عن حقوق الإنسان وسيتناول انجازات جيل الاستقلال في تونس، ويتحدث عن حقوق المرأة وعن وضعها منذ العام 1956، وعن التعليم ومستواه المرتفع في تونس، وعن التسامح الديني. ويرافق ساركوزي حاخام باريس جوزيف سيتروك.