يبدأ اليوم الاثنين الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي في زيارة دولة إلى تونس تستمر ثلاثة أيام وتهدف إلى تعزيز العلاقات الفرنسية التونسية في شتى المجالات وبخاصة منها العلاقات الاقتصادية . ويرافق ساركوزي خلال هذه الزيارة زوجته وعدد من الوزراء منهم وزير الخارجية وكاتبة الدولة لحقوف الإنسان ووفد من مائة شخص يمثلون الأوساط الصناعية والمالية. وأما أهم الملفات التي ستطرح خلال هذه الزيارة فهي تلك التي تتعلق بمشروع الاتحاد المتوسطي والهجرة التونسية إلى فرنسا ومشاريع عقود بين البلدين في مجالات النقل الجوي والطاقة أساسا. وقد علمت "الرياض" من مصادر مطلعة في العاصمة الفرنسية أن الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي سيخصص جزءا هاما من محادثاته السياسية مع الرئيس التونسي زين العابدين بن علي لموضوع الاتحاد المتوسطي الذي سيطلق في باريس يوم الثالث عشر من شهر يوليو المقبل في باريس بحضور رؤساء الدول المتوسطية الشمالية والجنوبية ودول الاتحاد الأوروبي. وكان الرئيس الفرنسي قد أطلق هذا المشروع خلال حملته الانتخابية الرئاسية. وتبنى الاتحاد الأوروبي المشروع في شهر مارس الماضي وعهد في إدارته إلى المفوضية الأوروبية وإلى رئاسة الاتحاد الأوروبي الدورية. ويهدف المشروع إلى تعزيز التعاون بين بلدان المتوسط الشمالية والجنوبية في المجالات ذات الاهتمام المشترك وبخاصة منها تلك التي تتصل بتخليص البحر الأبيض المتوسط من نفاياته وبإنشاء فضاء متوسطي علمي والعمل على إقامة شراكات بين المؤسسات الاقتصادية المتوسطة والصغرى. وعلمت "الرياض" أيضا من المصادر ذاتها أن الرئيس الفرنسي سيعلن خلال زيارته إلى تونس أن بلاده توافق على المقترح التونسي بإيواء أمانة الاتحاد المتوسطي العامة. وثمة اليوم منافسة كبيرة بين عدة بلدان متوسطية وبعض البلدان المتوسطية الشمالية لاستضافة مقر الأمانة العامة هذه. ومن بين هذه البلدان بالإضافة إلى تونس نذكر المغرب ومصر ومالطا. وتجدر الملاحظة إلى أن تونس كانت أول بلد من بلدان المتوسط الجنوبية التي دعمت المشروع منذ إطلاقه الهجرة المختارة والذرة من جهة أخرى ستكون زيارة الرئيس الفرنسي إلى تونس فرصة لإبرام اتفاق بين البلدين هو الأول من نوعه مع بلد مغاربي في ما يخص تنظيم هجرة اليد العاملة المغاربية إلى فرنسا في إطار سياسة فرنساالجديدة التي تسعى إلى تنظيم الهجرة وفق حاجات سوق العمل الفرنسية في إطار مايسمى "الهجرة المختارة". ومن المنتظر أن يتحادث الرئيسان الفرنسي والتونسي على هامش التوقيع على هذا الاتفاق بشأن سبل الحد من الهجرة غير الشرعية. وفي زيارة الرئيس الفرنسي إلى تونس أيضا إبرام عقود عديدة منها عقد إطاري تتعهد فرنسا بموجبه بمساعدة تونس على تطوير برنامج نووي يستخدم لأغراض مدنية مثلما فعلت فرنسا من قبل مع عدة بلدان عربية ومتوسطية جنوبية منها المغرب والجزائر. وإذا كانت تونس ترغب فعلا في أن تساعدها فرنسا على تأهيل الكفاءات البشرية الوطنية لإدارة مفاعلات نووية تستخدم لأغراض سلمية في المستقبل فإنها ترى أن إمكاناتها المالية وحاجاتها لاتسمح لها بإنشاء مفاعلات كبيرة الحجم. ومن العقود الاقتصادية الأخرى التي ستبرم بين فرنساوتونس خلال زيارة الرئيس الفرنسي إلى تونس واحد يهدف إلى تجديد أسطول شركة الخطوط الجوية التونسية من قبل مجمع "أيرباص" الأوروبي وآخر يرمي إلى مساعدة تونس على إنشاء مفاعل كهربائي ستتولى شركة "ألستوم" الفرنسية إنجازه. وإذا كانت منظمات حقوق الإنسان تأمل أن يتطرق الرئيس الفرنسي علنا إلى هذا الملف كما يطرح في تونس،فإن السلطات الفرنسية مقتنعة بأن الحوار الهادئ حول الموضوع مع السلطات التونسية وسيلة ناجعة لمعالجته بشكل عملي.