لم يكد وفد من رجال الاعمال الفرنسيين يغادر تونس حتى وصلها وفد من المستثمرين الاميركيين لاستشكاف آفاق اقامة مشاريع مشتركة ولحقه وفد من "المصرف الاميركي للتصدير والاستيراد" لإطلاع مسؤولين في الحكومة والقطاع الخاص على الامكانات التي يضعها البنك في تصرف رجال الاعمال المحليين في اطار تكريس مشروع الشراكة الذي طرحه العام الماضي مساعد وزيرة الخارجية للشؤون الاقتصادية ستيوارت ايزنستات. أنهى وفد من غرفة التجارة الاميركية - العربية مطلع الاسبوع الجاري زيارة لتونس استمرت يومين أجرى خلالها لقاءات مكثفة مع مسؤولين حكوميين وقياديين في "الاتحاد التونسي للصناعة والتجارة" ومستثمرين من القطاع الخاص. وأتت زيارة الوفد بعد يوم واحد من مغادرة، وفد "جمعية الصناعيين الفرنسيين" الذي قاده رئيسها أرنست سليار، تونس في اعقاب لقاءات مع وزراء ورجال أعمال استمرت يومين وتركزت على تطوير صيغة المشاريع الصناعية المشتركة اضافة الى تنشيط المبادلات التجارية بين تونس وفرنسا. محادثات استكشافية ورافق وفد غرفة التجارة الاميركية - العربية الذي قاده رئيسها ريتشارد هموس ونائبه مارك فان دارووتر أعضاء من "المؤسسة الاميركية للاستثمار الخاص في الخارج" OPIC أجرى محادثات مع رجال أعمال وصناعيين لاستشكاف امكانات اقامة فروع لمجموعات اميركية في تونس أو انشاء مشاريع مشاركة صناعية تتيح الوصول السريع الى الاسواق المغاربية والاستفادة من ميزات المنطقتين الحرتين في بنزرت شمال وجرجيس جنوب للوصول الى الاسواق الأوروبية. وقال مدير غرفة التجارة الاميركية - العربية عابد طربوش ان المحادثات التي اجراها اعضاء الوفد تندرج في اطار المبادرة التي اطلقها مساعد وزيرة الخارجية الاميركية لشؤون الصناعة والزراعة ستيوارت ايزنستات العام الماضي خلال جولة قام بها على كل من تونس والمغرب والرامية الى اقامة "شراكة متطورة تلغي الحواجز الجمركية بين الولاياتالمتحدة والمنطقة المغاربية". وقبل ان يغادر وفد الغرفة التجارية الاميركية - العربية تونس وصل وفد من المصرف الاميركي للتصدير والاستيراد برئاسة ماريا لويس هالي وطلعت رحمان في زيارة تستمر أربعة ايام. وقالت هالي في تصريحات ان زيارتها ترمي الى اعطاء أكثر ما يمكن من معلومات لرجال الاعمال المحليين عن الفرص المتاحة لتمويل استيراد خدمات ومنتوجات اميركية. وأوضحت ان الاتصالات التي اجرتها في كل من تونسوالجزائر ترمي لدعم مبادرة ايزنستات وتكثيف الاهتمام بالمنطقة المغاربية. وكان الوفد الاميركي اجتمع مع الجزائر مطلع الاسبوع الماضي مع رئيس اتحاد الصناعيين ناصر بن الشيخ ووضعا خطة زمنية لتبادل الزيارات بين رجال الاعمال في البلدين ودرسا امكانات اقامة مشاريع صناعية وخدمية مشتركة وتنشيط المبادرت التجارية على الصعيدين الثنائي والاقليمي. وألقت هالي خطاباً أمام اعضاء الاتحاد التونسي للصناعة والتجارة في مدينة سوسة التي تعتبر أحد المراكز الصناعية الرئيسية في تونس. اللقاء الأول يذكر ان اللقاء الوزاري الأول في اطار مبادرة ايزنستات تم في واشنطن أواخر الشهر الماضي وحضره وزير المال والاقتصاد المغربي فتح الله ولعلو ووزير التجارة الجزائري عبدالكريم حرشاوي ووزير الدولة التونسي للشؤون الخارجية طاهر صيود اضافة الى وفد اميركي برئاسة ايزنستات وناقش الاجتماع آفاق اقامة شراكة مغاربية - اميركية. ويحاول الاميركيون التقليل من شأن المنافسة مع الاتحاد الأوروبي ونفي وجود أي سباق لمغازلة البلدان المغاربية مؤكدين أنهم يشجعون الشراكة مع الاتحاد الأوروبي لأنها تكرس نظام التجارة الحرة وتكمل مبادرة ايزنستات. إلا ان مراقبين رأوا في الزيارات التي ستقوم بها وفود اقتصادية للمنطقة في الأسابيع والأشهر المقبلة ان الاميركيين يركزون على المغرب العربي تركيزاً خاصاً ويسعون الى مسابقة الأوروبيين وضمان التقدم عليهم. وهم يعتقدون ان إلغاء الحدود التجارية الداخلية بين الدول المغاربية سيجعل المنطقة أكثر جذباً للاستثمارات. ومن مظاهر هذا التركيز غير المسبوق على المنطقة ان الولاياتالمتحدة شكلت فريق عمل مشتركاً بين وكالاتها المتخصصة لتطوير الجانبين التجاري والاستثماري في العلاقات مع الدول المغاربية. كما ان جمعية رجال الاعمال الاميركية دعت يوم 30 نيسان ابريل الماضي المسؤولين المغاربيين الثلاثية الى لقاء في نيويورك لدرس آفاق اقامة الشراكة المقترحة. وفي هذا السياق يندرج ايضاً اعلان ايزنستان مؤخراً ان الولاياتالمتحدة تعمل للتوصل الى اتفاقات اطارية للتجارة والاستثمار لإعادة النظر في السياسات التجارية الحالية. وفي إطار هذه الحركة أيضاً باشرت غرف التجارة الاميركية - التونسية والاميركية - المغربية والأميركية - الجزائرية أخيراً اجتماعات مشتركة لبحث وسائل تطوير المبادلات التجارية، كما ان مسؤولاً اميركياً عن جمعية المؤسسات الصغرى يزور البلدان المغاربية هذا الصيف للعمل على اقامة مشاريع شراكة مع المؤسسات الصغرى المحلية. وسعياً الى تعميق هذا الاهتمام المتزايد بتطوير العلاقات الاقتصادية والتجارية مع البلدان المغاربية التي لم تكن تقليدياً شريكاً مهماً للولايات المتحدة يعتزم الاميركيون انشاء شبكة للتجارة الالكترونية مع كل من تونسوالجزائر والمغرب هذا الصيف، وسيكون تركيز الشبكة بمثابة نقلة نوعية في نسق المبادلات بين الفضاءين الاميركي والمغاربي. يذكر ان نائب وزير التجارة الاميركي المساعد مولي وليامسون أنهى أخيراً جولة على العواصم المغاربية، أما على صعيد تطوير الاستثمارات فهناك عدد من المبادلات التي أعلن عنها أخيراً ايزنستات في غداء اقيم في 30 نيسان ابريل الماضي في واشنطن وفي مقدمها مبادرة الوكالة الاميركية لتطوير الاستثمار USAID بإعداد تقديرات عن المناخ الاستثماري في المغرب العربي، وكذلك الدعوة التي وجهتها الوكالة الاميركية لتنسيق التجارية U.S.T.DA الى عدد من المسؤولين في البلدان الثلاثة لزيارة الولاياتالمتحدة لمناسبة فعاليات محددة للاجتماع مع رؤساء شركات في القطاعات التي يمكن فيها اقامة مشاريع استثمارية مشتركة.