ما من شخص رأت عيناه جزر القمر إلا وسحرته طبيعتها وموقعها. فتلك الجزر الأربع التي تشكل جمهورية اتحادية هي عضو في جامعة الدول العربية، وهي تقع عند قناة الموزامبيق غرب المحيط الهندي، غلّفتها الطبيعة بعناية، بخضرة تمتد من زرقة البحر الممزوجة بشيء من البياض، إلى مرتفع اتصلت به الغيوم فشكلت له سقفاً دائماً. هنا السياحة بيئية بامتياز. فجزيرة القمر الكبرى حيث العاصمة موروني، غابة إستوائية وكذلك الحال في جزر أنجوان وموهيلي ومايوت التي لا تزال مستعمرة فرنسية. الشجر فيها متآلف بعضه مع بعض. هنا شجر جوز هند منتشر على أجزاء من الشاطئ الرملي الأبيض. وفي ثنايا صخور بركانية سود نبت في مستنقعات ماء مالح شجر المنغروف. وهناك، على جانبي الطريق القديمة ذات المسلك الواحد يلف الجزيرة، نبت شجر كثيف بعضه مثمر بفاكهة استوائية متنوعة وبعضه باسق له شكل فريد. وبين هذا وذاك هناك شجر انفردت به جزر القمر ينتج زهراً يستخدم في العطور العالمية وهو"لينغ لينغ"وكذلك الفانيللا الذي يسمونه"الذهب الأخضر". وهما مصدر أساسي لدخل تلك البلاد الفقيرة التي يعتمد اقتصادها على 10 ملايين يورو هي تحويلات نحو 250 ألفاً من أبنائها يقيمون في فرنسا. والشاطئ الذي يلف كل جزيرة لا يقل أهمية عن أي من الشواطئ الذائعة الصيت، فهو منقسم بين صخور سود بركانية، ورمال بيض تقدّم إليها شجر جوز الهند فسيّجها وأطرها بفيئه. أما البحر، غرب المحيط الهندي، ذو الشعب فغني بثروة سمكية بعضها نادر. وهناك عثر على سمكة"سيلفوني"التي تعتبر أقدم مخلوق وظن أنها انقرضت خصوصاً أنها عرفت من خلال المتحجرات. هي مخلوق قبيح لكنها تشكل ثروة بالنسبة الى العلم والعلماء، وكلما وقع في شباك صياد قمري واحدة، أعطيت للمختبرات العلمية. أما الجبل الذي حجبت قمته غيوم معظم أوقات السنة، ففيه بركان هدأت حممه قبل 30 عاماً لكنه لا يزال نشطاً. وعلى كتف الجبل لناحية الشمال، ثمة بحيرة مالحة فريدة يتردد أن الماء تصلها من المحيط بكهوف ومغاور. ولليل في جزر القمر مشهد آخر. هناك فعلاً يصح عليها ما تغنيه السيدة فيرزو"نحن والقمر جيران". فالقمر الذي اخذته الجزر اسماً لها، يظهر فيها بشكل مختلف وكأن هالة ملونة تحيط به. اما النجوم فهي فعلاً تغمز الناظرين متلألئة. هذا بعض من مقومات جزر القمر السياحية، لكن هل هذا وحده كاف لتتحول الى قبلة سياحية؟ بالطبع لا، فللسائح مطالب كثيرة أبرزها الفنادق والمنتجعات والنشاطات السياحية براً وبحراً. يدرك المسؤولون القمريون تلك الحقائق، وفي مقدمهم الرئيس أحمد عبدالله محمد سامبي الذي قال ل"الحياة":"نحن نعتقد بأن الجزر جميلة وكان بإمكاننا كدولة أن نستفيد من السياحة، ولكن كما لاحظتم حتى البنية التحتية لهذا القطاع مفقودة. الآن بدأنا بالفعل التفكير الجدي وفتحنا المجال للاستثمار في القطاع السياحي، وبدأت بعض المشاريع تنفذ. نحن نعتقد بأن جزر القمر تحتل موقعاً استراتيجياً مهماً، وهي على بعد ساعة أو ساعة ونصف الساعة الى كل من تنزانيا وكينيا وموزامبيق ومدغشقر، إضافة الى أننا غيّرنا قانون الاستثمار كي نستقطب المستثمرين، ونعتقد بأنه جيد مقارنة بقوانين الاستثمار في بعض الدول. نحن نقول للمستثمرين تعالوا وستجدون ما تريدون. نحن فهمنا أهمية التسهيلات ونعتقد بأنه لا بد من إدراك الوقت الذي أضعناه وبالتالي أتصور أن الجزر بكر، وهذه حقيقة، وكل مشروع قابل للنجاح، وهذه حقيقة أيضاً، وأي مستثمر في المجال السياحي او الصناعي أو التجاري يأتي إلينا لن يندم". حالياً لا يوجد في جزر القمر فنادق جيدة باستثناء واحد وهو من فئة الثلاثة نجوم، بينما الفنادق المتوافرة فهي عبارة عن"بنسيون". والسبب أن السيّاح الفعليين لم يجدوا طريقاً إليها بعد، ويقدر عدد زوارها ب80 ألفاً سنوياً 5 آلاف سائح والبقية من أبنائها المهاجرين يأتون لتمضية فرصهم مع عائلاتهم ثم يقفلون عائدين الى مهاجرهم. أما شركات الطيران التي تذهب الى موروني فهي"اليمنية"3 رحلات في الأسبوع و"الكينية"3 رحلات في الأسبوع. أما الآن فبدأ العمل الفعلي على تحويل جزر القمر الى وجهة سياحية بامتياز برأسمال عربي يقدر بنحو بليون دولار يعمل على تنفيذ ودراسة مشاريع انمائية وسياحية. وتشكل"كومورو غولف هولدنغ"قاطرة للمشاريع الاستثمارية في جزر القمر، بحسب نائب رئيس مجلس ادارتها قنصل جزر القمر في لبنان علي كزما الذي يتوقع أن"تتحول جزر القمر الى مقصد سياحي بامتياز بدءاً من العام المقبل حين ينتهي العمل في بعض المشاريع الأساسية". وأكد أن"جزر القمر تمتلك كل المقومات الأساسية للسياحة البيئية وهي فعلاً أرض بكر تتميز بالتنوع الطبيعي وبالبحر الجميل وبطقس مميز اذ تتراوح درجات الحرارة بين 22 و30 درجة معظم أيام السنة إضافة الى خلوها من التلوث والأمراض ناهيك بالشعب المسالم والودود الذي يرحب بالزوار وبخاصة العرب". ويعدد المدير العام للشركة أحمد جارودي المشاريع السياحية التي تنفذها الشركة من ضمن مجموعة المشاريع: - فندق"ايتساندرا"وهو من فئة 4 نجوم، وهو ينفذ على مرحلتين: الأولى تفتتح بعد شهر، وهي عبارة عن 23 غرفة و15"بنغلو"و3 مطاعم وناد وقاعة محاضرات. أما المرحلة الثانية فبعد 9 أشهر سينشأ مبنى جديد من 50 غرفة ومسبح ومطعم ومقهى ومركز تجاري صغير وناد صحي. رصد للمشروع 10 ملايين دولار وسيوفر فرص عمل لنحو 120 قمرياً، على أن يؤتى بالمشرفين والخبراء من الخارج. - المدينة السياحية"جنة القمر"وهو سيكون المشروع الأساسي، قرب البحيرة المالحة على مساحة 1240 هكتاراً. أخذت الأرض، والمشروع الآن قيد الدراسات التنفيذية على أن ينطلق العمل نهاية العام الجاري. وسيتألف المشروع من نوعين من الاستثمارات: الأول فندقي وسياحي يتضمن مركزاً تجارياً وكل ما يتعلق بالتنمية السياحية من ملاعب ومراكز رياضية ومرفأ لليخوت ومراكز للصيد البحري والترفيهي، والثاني اسكاني أي بناء فيلات مستقلة للبيع والايجار مع كل مستلزمات الحياة من أسواق وملاعب ومراكز ترفيه، وهي موجهة في شكل خاص الى العائلات الخليجية. ويستوعب المشروع بعد انجازه نحو 10 آلاف شخص، بيما يوفر فرص عمل لنحو 7 آلاف قمري. وتقدر كلفة البنية التحتية للمشروع بنحو 300 مليون يورو. - انشاء 4 مرافئ للركاب، مرفآن في موروني ومرفآن في كل من انجوان وموهيلي. وتأسيس شركة لنقل الركاب بحراً برأسمال 10 ملايين يورو تشغل 3 سفن بين الجزر. - انشاء شركة نقل جوي بين الجزر، عبر تشغيل مروحيات لنقل الركاب من مطار موروني الذي طوره الصينيون وبنوا قاعة استقبال جديدة تفتتح قريباً، الى مطاري جزيرتي أونجوان وموهيلي. - انشاء شركة"كموري انترناشيونال ايرلاينز"تملك الدولة القمرية 25 في المئة من رأسمالها. تهدف الشركة عبر تملك 8 طائرات سعة 80 راكباً الى تحويل مطار موروني الى محطة توزيع"هاب"، أي أن الشركات الكبيرة تنقل ركابها من الدول المجاورة كجنوب أفريقيا ومدغشقر وتنزانيا وكينيا والموزامبيق وسواها، الى موروني بينما تتولى الطائرات الصغيرة نقلهم الى دولهم والعكس. والى جانب"كومور غولف هولدنغ"هناك"دبي وورلد"التي تبني حالياً فندق"غالاوا"من فئة ال5 نجوم باستثمار 100 مليون دولار، على أن ينتهي العمل خلال سنة ونصف السنة ويتألف الفندق من 150 غرفة. وعند افتتاح الفندق ستسير"الاماراتية"3 رحلات اسبوعياً الى موروني.