تعاملت، أخيراً، الحكومة الاسرائيلية مع "حماس" بصفتها حكومة وليس حركة. وحذا رئيس الحكومة الاسرائيلية حذو الحكومات الاسرائيلية السابقة التي درجت على تحميل السلطة الفلسطينية تبعة الهجمات الإرهابية، وحمل"حماس"المسؤولية عن أي هجوم من أراضي غزة. وثمة أوجه شبه كثيرة بين موقف الحكومة من"حماس"وموقفها من"حزب الله". ووراء هذا الموقف الواحد افتقار لبنانوغزة الى حكومات فعلية ومسؤولة، شأن تلك القائمة في مصر والدول العربية البارزة. ويفسح غياب سلطة الدولة المجال أمام قيام"حزب الله" و"حماس"بدور الدولة، وتهديد أمن إسرائيل. ولا شك في أن التنظيمين قادران على تعكير علاقات إسرائيل بدول الجوار. ففي وسع"حزب الله"استدراج إسرائيل وسورية الى الحرب. و قبل ثلاثة أشهر، نجحت حركة"حماس"في تهديد إسرائيل، ووضعت علاقاتها بمصر على المحك، إثر اختراق السياج الحدودي الفاصل بين غزة ومصر. وسارعت مصر الى إعادة بناء السياج، ورفعت عدد قواتها على طول الحدود. ولكن ما عسى ان تفعل مصر في حال دمرت"حماس"السياج من جديد، وواجهها آلاف الفلسطينيين على أرضها؟ فهل تطلق النار عليهم، أم تخالف اتفاق كامب ديفيد، وتحشد فرقاً عسكرية كبيرة على الحدود مع غزة؟ وتزود مصر الفلسطينيين بالغذاء والدواء، وتسمح للمرضى بالعبور الى أراضيها لتلقي العلاج. وهي تحمل إسرائيل وحدها مسؤولية الوضع في غزة. وعليه، ترى مصر أن إسرائيل هي السبب في وقوع مواجهة مصرية - فلسطينية. والحق أن مصر تدرك أكثر من إسرائيل ان"حماس"ليست منظمة إرهابية فحسب، بل هي مصدر خطر سياسي حقيقي قد يتعاظم ما لم تلجمه دولة فلسطينية تملك صلاحيات واسعة. وتيقن مصر أن أي اتفاق سياسي تعقده إسرائيل مع السلطة الفلسطينية لن تكتب له الحياة، اذا لم توافق"حماس عليه وإذا لم يراع الاتفاق مطالبها السياسية. وقد يطيح عزل"حماس"بالسلطة الفلسطينية، ويهدد علاقة مصر بإسرائيل وفلسطين. وقاطعت إسرائيل"حماس"، ورفضت الاعتراف بحكومتها والتعامل مع حكومة الوحدة الوطنية التي شاركت فيها"حماس". وترى إسرائيل أن"حماس"منظمة إرهابية يجب القضاء عليها. وجليّ ان"حماس"ليست شريكتنا في عملية السلام، ولكنها طرف لا يسعنا تجاوزه إذا أردنا تفادي الحرب. ويجب أن تدعم اسرائيل قيام حكومة وحدة وطنية فلسطينية، وأن تعترف بجزء من هذه الحكومة برئاسة سلام فياض، وتتجنب الاعتراف بجزئها"الحماسي". عن تسفي برئيل ، "هآرتس" الاسرائيلية، 13/4/2008