أكدت دراسة عن "تغير المناخ وآثاره على الزراعة" في دول الشرق الأدنى، الذي يضم 32 دولة، أن معظم أنحاء الإقليم"سيعاني نقصاً في كمية المياه المتاحة بحلول 2050، بمعدل 40 مليمتراً في السنة وسيصل إلى الضعف في هضبة الأناضول". كما يمكن أن تزداد المياه المتاحة، لغاية 40 مليمتراً في السنة جنوب مصر وأنحاء السودان والصومال وجنوبالجزائر في إفريقيا، وجنوب شبه الجزيرة العربية وجنوب الجزء الجنوبي الغربي من آسيا. وتوقعت الدراسة التي ناقشها المؤتمر الإقليمي ال29 للشرق الأدنى وأقرها، واختتم أعماله أول من أمس في القاهرة على مستوى المسؤولين والخبراء برئاسة مستشار وزير الزراعة واستصلاح الأراضي المصري سعد نصار، أن تزداد أيام الجفاف في أنحاء الإقليم كلها، باستثناء مناطق تقع وسط الصحراء الكبرى، بينما يمكن أن تزداد موجات الحر في مناطق داخل النطاق القاري للإقليم. ولفتت السيناريوات المختلفة الى أن آثار التغيرات المناخية ستكون أشد في إفريقيا والشرق الأوسط والهند وجنوب شرقي آسيا. ورجحت أن يعرض ارتفاع الحرارة 3 درجات مئوية بين 250 الى 550 مليون نسمة إضافية، للخطر في أنحاء العالم، أكثر من نصفهم في إفريقيا وغرب آسيا. خصوصاً في مناطق تنخفض فيها المحاصيل، ويكون الاعتماد فيها على الزراعة في أعلى مستوياته وتكون القوة الشرائية في أدناها. وتوقعت الدراسة انخفاض غلة المحاصيل الرئيسة في إفريقيا وغرب آسيا، بما بين 15 و35 في المئة أو 5 إلى 20 في المئة على التوالي، بحسب نسبة الاعتماد على التسميد بالكربون. واعتبرت أن التغيرات الطارئة على درجات الحرارة ومعدل هطول الأمطار والظروف المناخية، تؤدي إلى زيادة إجهاد الموارد الزراعية، خصوصاً أن الأراضي الصالحة للزراعة محدودة في المناطق القاحلة وشبه القاحلة التي تغطي معظم إقليم الشرق الأدنى والأوسط، ما يزيد من تعرض الزراعة لتغير المناخ. ورجحت أن يصبح توافر المياه حساساً جداً، نظراً الى تغير المناخ إذ تستهلك الزراعة 90 في المئة من الموارد المائية المستخدمة، وتمثل هذه النسبة نحو 60 في المئة من مجموع الموارد المتجددة في الإقليم. وتتعرض نظم ري كثيرة في الإقليم للإجهاد البيئي، نتيجة الملوحة أو استغلال المياه الجوفية. وقدّرت تناقص المياه الجوفية بأكثر من 70 في المئة عام 2050 على امتداد الضفة الجنوبية للبحر المتوسط، وتشمل أقاليم ستتجاوز الزيادات في تجدد المياه الجوفية فيها،30 في المئة بحلول خمسينات القرن ال21، معظم مناطق غرب آسيا. في حين ترجح النماذج الرياضية، أن شبه الجزيرة العربية والتخوم الواقعة في أقصى الشرق من المنطقة التي تشملها هذه النماذج، ستشهد أنماطاً مختلفة. ورأت أن التحولات في أنماط سقوط الأمطار على المحاصيل، خصوصاً الرز في بلدان كثيرة في إقليم الشرق الأدنى، وارتفاع درجة الحرارة درجتين مئويتين، سيعرضان بين بليون وأربعة بلايين نسمة لنقص متزايد في المياه، خصوصاً في أفريقيا والشرق الأوسط وجنوب أوروبا، وأجزاء من الأميركتين الجنوبية والوسطى. وأوضحت الدراسة أن الشرق الأوسط وشمال إفريقيا"يتعرضان لنقص في المياه"، وقد يعاني منه 155 مليون الى 600 مليون نسمة، مع ارتفاع الحرارة 3 درجات مئوية. وسيكون اليمن تحديداً معرضاً للأخطار، نظراً الى الانخفاض الراهن في مستويات الدخل والزيادة السكانية السريعة والنقص الحاد في المياه. وستشتد المنافسة على المياه داخل الإقليم وعبر حدوده، ما يزيد أخطار الصراع على المياه. ويُعد بعض أجزاء الإقليم، خصوصاً دلتا النيل وساحل خليج شبه الجزيرة العربية عرضة للأخطار الناتجة من ارتفاع منسوب مياه البحار. وتوقعت الدراسة انخفاض الإنتاجية الزراعية في إقليم الشرق الأدنى، بسبب ارتفاع درجة الحرارة والجفاف والفيضانات وتدهور التربة، ما يهدد الأمن الغذائي في بلدان كثيرة. ونظراً الى التفاعل المعقد بين عوامل عدة، ربما تتراجع زراعة المحاصيل في بعض المناطق، وعلى سبيل المثال يمكن أن تنخفض غلة الذرة في شمال أفريقيا بين 15 و 25 في المئة مع ارتفاع الحرارة 3 درجات مئوية، وفي حال ارتفاعها الى 4 درجات سيكون التأثير على أشده في غرب آسيا والشرق الأوسط. ولفتت إلى توقعات تشير الى أن متوسط تكلفة تغير المناخ إلى أدنى مستوياته في أجزاء من الإقليم، خصوصاً الشرق الأوسط بحلول عام 2100، سيعادل خسارة 2.5 و1.9 في المئة على التوالي في الناتج المحلي الإجمالي. أما في حال تغير المناخ بدرجة عالية فسيكون متوسط التكلفة 3.5 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي في أفريقيا والشرق الأوسط. وأوصت الدراسة بضرورة اتخاذ إجراءات لمواجهة التغيرات المناخية والتخفيف من حدة تأثيرها، مع تعزيز قدرة سكان الريف على مواجهة التقلبات المناخية والآثار المترتبة عليها، تكون متماشية مع الجهود المبذولة لتحقيق مستويات أعلى من الاستدامة. وشددت على الترويج للزراعة في إقليم الشرق الأدنى كپ"عامل أساس في الحد من انبعاثات الغازات المسؤولة عن الاحتباس الحراري في الغلاف الجوي، مع تحديد الممارسات والمعاملات المساعدة على الحد منها أو تخزين الكربون، وتحديد النشاطات المقلصة لها، وزيادة قدرة نظم الإنتاج على المرونة في مواجهة التقلبات المناخية الحالية والتهديدات التي يمثلها تغير المناخ.