اتّخذت الانتخابات التمهيدية للرئاسة الأميركية مسارين مختلفين للحزبين الديموقراطي والجمهوري بعد معركة "الثلثاء الكبير" التي لم تحسم التنافس بين المرشحين الديموقراطيين هيلاري كلينتون وباراك أوباما، على رغم تقدم طفيف للأميركية الأولى سابقاً في عدد المندوبين وفي تحقيقها مفاجآت في ولايات كبرى. في المقابل، اقترب الجمهوريون من تتويج السناتور"الثائر"جون ماكين مرشحاً عن الحزب، وإطلاق معركتهم ضد الديموقراطيين مبكراً. وكرّس الحزب الأزرق الديموقراطي بعد معركة شرسة في 22 ولاية، انحصار المعركة بين وجهين غير تقليديين السيدة الأولى سابقاً وأول أفريقي - أميركي. وتمكّنت كلينتون من انتزاع فوز في ولايات الشرق والغرب الكبرى، فيما حقّق أوباما انتصارات في ولايات الوسط والجنوب المحافظ. راجع ص 8 ويواجه المرشحان الديموقراطيان امتحاناً صعباً في ولايات"مثلث نهر بوتوماك"العاصمة واشنطن وماريلاند وفيرجينيا السبت المقبل، وصولاً الى"الطرائد الكبرى"في ولايات لويزيانا وأوهايو وتكساس وبنسلفانيا والتي ستحسم السباق بحلول 4 نيسان أبريل المقبل. وعجز كل من كلينتون وأوباما عن جمع عدد المندوبين ال 2025 المطلوب للفوز بترشيح حزبهما، وانتهت معركة"الثلثاء الكبير"بحصد كلينتون 900 مندوب في مقابل 824 مندوباً لأوباما، في ظل خلاف داخل الحزب على احتساب فلوريدا وميتشيغان اللتين فازت فيهما كلينتون. وكان مفاجئاً فوزها في ولايات ماساتشوستس وكاليفورنيا على رغم دعم آل كينيدي وجون كيري لأوباما، وتمكّن الأخير من انتزاع ولاية ميسوري الغربية وكونيتيكت الشرقية من كلينتون. لكن نتائج التصويت الأضخم في تاريخ الحزب الديموقراطي والذي شهد معدل إقبال بلغ ضعف عدد الناخبين الجمهوريين، عزّزت فرضيات وأطاحت أخرى حول تركيبة الناخبين وقوة كل من المرشحين. إذ عكس فوز الأميركية الأولى سابقاً في الولايات الكبيرة نسبياً، شعبيتها لدى الطبقة الوسطى وذوي الدخل المحدود وفي أوساط النساء والأقليات خصوصاً اللاتينية والآسيوية واليهودية والكوبية، والتي عوّضت الفارق عن تصويت النخبة والأقلية الأفريقية الأميركية لأوباما. ويعني هذا الفرز ترجيح حصد أوباما مزيداً من المندوبين في معركة السبت في فيرجينيا وماريلاند وواشنطن ولويزيانا حيث تتواجد بكثافة الأقلية الأفريقية - الأميركية، في مقابل أفضلية لحظوظ كلينتون في تكساس وأوهايو الغنيتين بالمندوبين، وحيث الأكثرية من الطبقة الوسطى. وتبرز قوة الصوت اللاتيني خصوصاً في تكساس. وبدت الصورة مناقضة تماماً في معسكر الجمهوريين، إذ اقترب ماكين من خط النهاية وكرّس صعود المعتدلين في الحزب بفوزه بعدد كبير من المندوبين 604 في مقابل 244 لميت رومني و187 لمايك هاكابي. وبصعود ماكين واقترابه من حصد أصوات المندوبين ال 1091 المطلوبين للفوز، بدأت معركة الحزب الجمهوري تنتقل من مرحلة التنافس الداخلي الى شنّ حملة مبكرة ضد الديموقراطيين للتنافس على البيت الأبيض في تشرين الثاني نوفمبر المقبل. وستكون أمام ماكين مهمة شاقة لاستمالة القاعدة المحافظة التي أوصلت منذ العام 1980 رؤساء جمهوريين من قاعدتها الى البيت الأبيض رونالد ريغان وجورج بوش الأب وبوش الابن. ولهذه القاعدة تحفظات عن مواقف ماكين غير المتدينة وغير الملتزمة التشدّد تجاه المهاجرين غير الشرعيين. وتبرز قوة ماكين في حال فاز بترشيح الحزب، كونه المرشح الأكثر قدرة على صدّ الديموقراطيين نظراً الى رصيده المستقل واحتفاظه بمسافة عن الرئيس جورج بوش في ما يتعلق بالموقف من معتقل غوانتانامو الذي دعا السناتور الجمهوري الى إغلاقه، ما يعطيه دفعاً في جذب المستقلين أو المتردّدين في الحزبين.