حظي فوز الإصلاحي الرئيس المنتهية ولايته بوريس تاديتش باهتمام محلي ودولي واسع، واعتبر استمراراً للتفاهم القائم مع الاتحاد الأوروبي وسبيلاً لتجنب أي مواجهة مع الغرب. واحتفظ تاديتش برئاسة صربيا لولاية ثانية وأخيرة مدتها خمس سنوات، بعدما فاز على منافسه القومي المتشدد توميسلاف نيكوليتش بفارق ضئيل في أصوات الناخبين تخطى قليلاً حاجز الخمسين في المئة الضروري للفوز. وتجاوزت نسبة المشاركة ال67 في المئة من الناخبين، ما اعتبره مراقبون سابقة تاريخية لعدم بلوغ أي انتخابات صربية سابقة هذه النسبة من الإقبال. وقدم نيكوليتش التهنئة لتاديتش معترفاً بهزيمته، مشيراً الى أن"المهم أن يتواصل السلام في صربيا وتحافظ على حقوقها". كما هنأ تاديتش منافسه نيكوليتش، مؤكداً أن"عدد الأصوات الذي حصل عليه يستحق من أجله احتراماً كبيراً". وقال ان"نيكوليتش سيكون أول شخص أستقبله بعد تسلمي مهامي بناء على هذه الانتخابات أداء القسم القانونية في البرلمان في 15 الشهر الجاري وأتباحث معه، لأن عدداً كبيراً من المواطنين أيدوا أفكاره، والمهم هو ان نوحّد صربيا". وأضاف:"انتصرنا معاً، وانتصرت صربيا، لأننا حصلنا على أصوات متقاربة وأثبتنا للعالم أن صربيا ديموقراطية أوروبية". وحضّ تاديتش الأقليات العرقية 15 في المئة من الناخبين بالشكر لتقديم أصواتها له، وأثنى على جهود وزير العمل والشؤون الاجتماعية راسم لياييتش مع الأقليات البوشناقية المسلمة وغيرها لإقناعها بالمشاركة في التصويت. وهنأ"الحزب الديموقراطي الصربي"الذي يتزعمه رئيس الحكومة فويسلاف كوشتونيتسا، تاديتش بفوزه، مشيراً الى أن"الائتلاف الحكومي من أحزاب: الديموقراطي والديموقراطي الصربي ومجموعة الخبراء الإصلاحيين سيواصل نهجه في السياسات المحلية والدولية". ترحيب اقليمي واوروبي واعتبر رئيس حكومة صرب البوسنة ميلوراد دوديك، فوز تاديتش، بأنه"مهم للجمهورية الصربية كيان صرب البوسنة وصربيا في المرحلة الراهنة، ويفيد التعاون المشترك بينهما وفي المجالات الدولية". وأعرب رئيس سلوفينيا الجمهورية اليوغوسلافية السابقة دانيلو تيرك، الذي ترأس بلاده الدورة الحالية للاتحاد الأوروبي، عن ارتياحه بفوز تاديتش، مؤكداً أنه"سيساهم في انضمام صربيا سريعاً الى الاتحاد الأوروبي". وقال منسق الشؤون الخارجية والأمنية للاتحاد الأوروبي خافيير سولانا:"انني سعيد جداً بفوز تاديتش وانتصار الديموقراطية الأوروبية في صربيا". وهنأت الحكومة الألمانية تاديتش، وأعربت عن أملها في أن تنتهج القيادة الصربية سياسة التعقل والحكمة لمواجهة تحديات المرحلة المقبلة، خصوصاً في ما يتعلق بمستقبل كوسوفو. وقال وزير الخارجية الألماني فرانك فالتر شتاينماير إن"نهج تاديتش للتقرب من أوروبا جمع غالبية الصربيين خلفه". وأضاف الوزير الألماني أن صربيا"تقف الآن أمام تحديات كبيرة تتطلب الحكمة وبعد التفكير من جانب القيادة السياسية فيها". وقال الناطق باسم الحكومة الألمانية توماس شتيغ ان فوز الرئيس الصربي"خبر جيد لكل أوروبا وستتابع ألمانيا دعم صربيا بقوة على هذه الطريق"، فيما رأت رئيسة لجنة العلاقات مع جنوب شرقي القارة في البرلمان الأوروبي النائبة الألمانية دوريس باك أن صربيا منقسمة على نفسها بسبب مسألة كوسوفو. وتابعت أن الحكومة الحالية"هي التي تملك الحكم فيما لا يملك الرئيس بحسب الدستور الجديد الكثير من الصلاحيات". وبعدما أشارت إلى"أن الكلمة الأخيرة هي للحكومة لا للرئيس"، توقعت أن يصبح رئيس الحكومة كوشتونيتسا"أقل استعداداً الآن لتقبل تصورات الغرب". في الوقت ذاته، أكدت موسكو أنها ستتعاون مع أي رئيس ينتخبه الصرب. ونقلت وكالة أنباء"نوفوستي"عن رئيس لجنة الشؤون الدولية في مجلس الدوما الروسي قسطنطين كوساتشوف قوله للصحافيين:"التزمت روسيا بموقف حيادي واضح، ما يؤكد أنها مستعدة للعمل مع أي رئيس صربي يحظى بتأييد سكان بلاده". وعلى رغم أن تاديتش ونيكوليتش يعارضان استقلال كوسوفو وأكدا انهما لن يعترفا به أبداً، فإنهما يختلفان في أسلوب التعامل مع الانضمام الى الاتحاد الأوروبي، إذ يرفض تاديتش ربطه بقضية كوسوفو على العكس من نيكوليتش الذي يصر على ذلك. ومع أن الرئاسة في صربيا رمزية، لأن القرارات يتخذها البرلمان الصربي الذي يهيمن القوميون عليه، فإن مرونة تاديتش وسجله الديموقراطي دفعا الغرب الى الرهان عليه، باعتباره الأكثر رغبة بالتعاون والتفاهم. ومعلوم ان تاديتش من مواليد مدينة نيش شرق بلغراد عام 1958. وتخرج في كلية الآداب في جامعة بلغراد، وتم تعيينه في منصب حكومي مهم للمرة الأولى، نائباً لرئيس الوزراء في أول حكومة إصلاحية شكّلها رئيس"الحزب الديموقراطي"الراحل زوران جينجيتش عام 2000، بعد الانتخابات التي أعقبت إزاحة الرئيس الراحل سلوبودان ميلوشيفيتش. وتاديتش عضو مؤسس في"الحزب الديموقراطي"منذ 1990، وانتخب رئيساً لجمهورية صربيا عام 2000 بفوزه ايضاً في الجولة الثانية على منافسه الحالي توميسلاف نيكوليتش، وهو متزوج من تانيا ولهما ابنتان.