أظهرت استطلاعات الرأي عند مركز الاقتراع في الانتخابات الرئاسية الصربية التي أجريت أمس، عدم حصول أي من المرشحين التسعة الذين تنافسوا فيها على نسبة خمسين في المئة من أصوات الناخبين، ما يتطلب إجراء جولة نهائية حاسمة في الثالث من شباط فبراير المقبل بين القومي المتشدد توميسلاف نيكوليتش والإصلاحي الرئيس المنتهية ولايته الأولى بوريس تاديتش اللذين حلا في المركزين الأول والثاني نتيجة الاقتراع. وحصل نيكوليتش على نحو 35 في المئة من الأصوات متقدماً على تاديتش بنحو أربع نقاط، في حين جاء ثالثاً القومي المعتدل المدعوم من رئيس الحكومة فويسلاف كوشتونيتسا فيليمير ايليتش 20 في المئة من الأصوات وتراوح ما حصل عليه المرشحون الستة الآخرون بين واحد وخمسة في المئة من مجموع الأصوات. واشترك نحو 55 في المئة من الناخبين البالغ عددهم ستة ملايين و71 ألفاً في التصويت، وهي نسبة جيدة بمعايير الانتخابات في منطقة البلقان. واللافت ان نحو 70 في المئة من الناخبين الصرب وغيرهم في كوسوفو البالغ عددهم 113 ألفاً، شاركوا في التصويت وانتخبت غالبيتهم نيكوليتش، في حين أنه لم يشترك في انتخابات كوسوفو في تشرين الثاني نوفمبر الماضي الا واحداً في المئة منهم. ولم تحصل أية حوادث أمنية أو معوقات خلال التصويت في الإقليم امس وتولت القوات الدولية كفور الحفاظ على أمن المراكز الانتخابية والطرق المؤدية اليها. وأدلى المرشحون التسعة في هذه الانتخابات بأصواتهم من دون اعطاء أي تصريحات، وذلك التزاماً بقرار منع كل دعاية خلال فترة الانتخابات. وصوّت كل من تاديتش ونيكوليتش وغالبية المرشحين في بلغراد، فيما أدلى فيليمير ايليتش بصوته في معقله في مدينة جاجاك جنوب صربيا. وأفاد مسؤولو اللجنة الانتخابية في صربيا، ان النتائج الأولية للانتخابات ستعلن اليوم الاثنين، بعد وصول نتائج كل المراكز الانتخابية داخل صربيا وخارجها البالغ عددها ثمانية آلاف و500 مركز. وأكدوا"عدم حصول أي مسكلات ذات شأن معرقلة لسير العملية الانتخابية ونزاهتها في كل المراكز الانتخابية، حيث تم تنفيذ قرارات اللجنة بدقة ومنها عدم التجمع في محيط المراكز الانتخابية لمسافة خمسين متراً. واحتلت قضية كوسوفو والمراهنة على الصداقة التقليدية مع روسيا، التي جاءت في مصلحة نيكوليتش، أهمية كبيرة في هذه الانتخابات انطلاقاً من التقليد الصربي المتوارث بتفضيل الشؤون المصيرية على غيرها، في حين اتخذت امور الانضمام الى الاتحاد الأوروبي وتحسين مستويات المعيشة ومعالجة تفاقم البطالة درجة ثانية من الأهمية، وهو ما يصفه المراقبون بعودة تأثير سياسات الرئيس الراحل سلوبودان ميلوشيفيتش، ولو ان نيكوليتش حاول خلال حملته الانتخابية التخفيف من حدة لهجته بصورة عامة في مسعى لاجتذاب القوميين المعتدلين. ولا يوجد اختلاف بين تاديتش ونيكوليتش في معارضة استقلال كوسوفو وعدم الاعتراف به، وإنما الاختلاف هو في أساليب مواجهة هذا الاستقلال، اذ يريد نيكوليتش التشدد في ذلك سواء تجاه الألبان او الدول التي تعترف به وعدم استبعاد التدخل العسكري لمنع انفصال الاقليم عن صربيا، بينما يفضل تاديتش المرونة والأساليب الديبلوماسية واللجوء الى القوانين الدولية والتفاهم مع الغرب واستبعاد التدخل العسكري في التعامل مع قضية كوسوفو برمتها.